“الحمايةُ” الأمريكية الصهيونية في مهمة “مستحيلة” جديدة أمام أعاصير اليمن
أبو ظبي تلحق بالرياض على مسار الفشل والتخبط:
الإعلام العبري: محادثاتٌ جاريةٌ بين “إسرائيل” والإمارات لتزويد الأخيرة بمنظومات دفاعية
المسيرة | خاص
فضحت عملياتُ “إعصار اليمن” العسكريَّةُ النوعيةُ هَشاشةَ النظام الإماراتي بشكلٍ غيرِ مسبوق، وقدَّمت دليلًا جديدًا على أن “الحمايةَ” الأمريكيةَ الصهيونيةَ التي تعتمدُ عليها دولُ العدوان وعلى رأسها الإمارات بصورة رئيسية، مُجَـرّد عنوان وهمي مخادع، فكل ما أبدته “تل أبيب” و”واشنطن” بوضوح تجاه المأزق الذي تعيشه “أبو ظبي” حَـاليًّا هو رغبة كبيرة في الحصول على المزيد من الأموال الإماراتية بدون أي اكتراث لتداعيات استمرار الهجمات اليمنية.
هذا الأسبوع تحدثت العديد من وسائل الإعلام العبرية والأمريكية ومن ضمنها صحيفتا “وول ستريت جورنال” و”جيروزاليم بوست” عن محادثات تجري بين الكيان الصهيوني والإمارات لتزويد أبو ظبي بمنظومات دفاع جوي “إسرائيلية” الصنع؛ للتصدي للصواريخ البالستية والطائرات المسَيَّرة اليمنية.
يأتي ذلك بعد أَيَّـام من إعلان إدارة “بايدن” عن إرسال أسلحة ومعدات عسكرية إلى الإمارات تحت عنوان “حمايتها”.
تستطيع الإمارات، عبر وسائل إعلامها، أن تحتفيَ بهذه “الحماية” وهو ما سيحرص الأمريكيون والصهاينة على تأكيده دائماً، لكن على الواقع، فَـإنَّ الصفقة خاسرة تماماً بالنسبة للإمارات، وهو ما ستؤكّـده العمليات العسكرية اليمنية القادمة التي ستثبت أن تلك الحماية لا تعني سوى تزويد الأمريكيين والإسرائيليين بمبالغ مالية كبيرة مقابل لا شيء، وقد سبق إثبات ذلك بالصوت والصورة في السعوديّة.
“الإسرائيليون” أنفسهم لا يخفون عدمَ اكتراثهم لأمن الإمارات وحرصَهم على استغلال مأزقها، ففي الوقت الذي تروج فيه بعض وسائل الإعلام العبرية لمنظومات دفاعية “يمكن أن تكون على الطاولة” إلى جانب “القبة الحديدية” تنقل تلك الوسائل نفسها عن مسؤولين صهاينة أن “إسرائيل لا تريدُ -في الوقت نفسه- مشاركة التكنولوجيا الحسَّاسة التي تملكُها مع دول أُخرى”؛ لضمانِ الحفاظ على “تفوقها العسكري” في المنطقة.
بعبارة أوضح: لا يريدُ الكيانُ الصهيوني أن يزوِّدَ “حليفه” الإماراتي، بأية دفاعات متطورة، وبالتالي فهو يريدُ ابتزازَ الإمارات بأمنها واستغلال مأزقها غير المسبوق لعقد صفقات بمبالغ كبيرة، مقابل منظومات يعرف جيِّدًا أنها لن تنجح ولن يكون لها أي تأثير، هذا إن لم تتسبب في مضاعفة أضرار الهجمات الصاروخية والجوية اليمنية.
ومن المهم، طبعاً، الإشارة إلى أن “التكنولوجيا الحسَّاسَة” التي لا يريد الكيان الصهيوني مشاركتها مع الإمارات، لا تختلف كَثيراً عن التكنولوجيا الأقل تطوراً التي سيتم بيعها لأبو ظبي، إلا فيما يخص السعر، فلو كانت فعلاً تستطيع حماية الأجواء لاستفادت منها “تل أبيب” خلال المواجهة مع المقاومة الفلسطينية.
وتقف الولاياتُ المتحدة الأمريكية الموقف نفسه، فإعلانها عن إرسال معدات عسكرية لـ”حماية” الإمارات لا يختلف عن إعلاناتها المماثلة التي تكرّرت عدة مرات خلال السنوات الماضية، فيما يخُصُّ “حماية” السعوديّة، وقد تحولت الأخيرة خلال تلك السنوات نفسها إلى مسرحٍ مفتوحٍ يشاهدُ العالَمُ كله فيه حجم فشل الأنظمة الدفاعية الغربية في مواجهة الصواريخ والطائرات اليمنية.
إضافة إلى ذلك كله، فَـإنَّ الضرباتِ اليمنيةَ على العُمق السعوديّ طيلة النظام السعوديّ، قد شكَّلت مجالاً واسعة لدراسة القدرات الحقيقية لأنظمة الدفاع الجوي، واستحوذت على اهتمامِ الكثير من الخبراء في هذا المجال، وقد كانت النتيجة التي توصل إليها العديد من أُولئك الخبراء هي أن اعتراضَ الطائرات المسيَّرة والصواريخ المجنحة بالذات يكادُ يكونُ مستحيلاً.
وبحسبِ خبير في معهد “ماساتشوستس للتكنولوجيا” تحدث لـ”ناشيونال انترست” نهاية العام المنصرم حول الهجمات اليمنية على السعوديّة، فَـإنَّ “أنظمة الدفاع بغض النظر عن مدى تقدمها وتطورها، ليست سحرية، وتعاني من مشكلات وقيود كبيرة” بل أنها “سلسلة لا تتوقف من الكوارث”.
تحاول الإماراتُ التغطية على القلقِ الكبيرِ من استمرار وتصاعد الضربات اليمنية وتداعياتها على الاقتصاد الإماراتي، من خلال الحديث عن “الحماية” التي تحظَى بها من “حلفائها”، على أمل أن يسهم ذلك في إبقاء صورتها متماسكة كوجهة “آمنة” للسياحة والاستثمار، لكن المستثمرين والسيَّاحَ لا يمكنُهم تصديقُ الإعلام الإماراتي أَو حتى التصريحاتُ الأمريكية والإسرائيلية، وتكذيبُ أصوات الانفجارات وسحائب الدخان؛ لأَنَّه في ذلك الوقت يصبح حتى الحديث عن “اعتراض” الصواريخ والطائرات بلا قيمة.. مُجَـرّد محاولة للحفاظ على سمعة المنظومات الدفاعية لا أكثر.
ويحاول “حلفاء” الإمارات في الكيان الصهيوني والولايات المتحدة تكريس الدعاية الإماراتية وتدعيمها بتصريحات وخطوات تؤكّـد “الالتزام بالحماية”، لكن الأهداف هنا مختلفة، فالأمريكيون والصهاينة لا يكترثون لسمعة الإمارات أَو مصالحها، وبالنظر إلى التجربة السعوديّة الغنية جِـدًّا فيما يتعلق بالدفاعات الجوية وصفقات الحماية، يمكن بوضوح رؤية الرغبة الأمريكية الإسرائيلية الشديدة في “حلب” النظام الإماراتي واستثمار مأزقه بدون أية فائدة.
وإجمالاً، فَـإنَّ تعويلَ الإمارات على “الحماية” الأمريكية الصهيونية في مواجهة خطر الأعاصير الصاروخية والجوية اليمنية، وتجاهل عدم قدرتها على الصمود في مواجهة هذا الخطر أَو “التعايش” معه، يجعل مهمة التنبَّؤ بنهاية هذه المواجهة سهلة للغاية، فمن ناحية: تسلك أبو ظبي نفس الطريق التي سلكته الرياض، وهو طريق مسدود تماماً، لا مكاسِبَ فيه، وسماؤه ملبدة بالدخان الأسود، ومن ناحية أُخرى: لن يكون هذا الطريق “طويلاً” بالنظر إلى الفرق الشاسع بين قدرة الإمارات والسعوديّة على التحمل.