السعوديّة “تشتري” مجاميعَ من المرتزقة اليمنيين لتحمل مخاطر “حماية الحدود”
الاستخبارات العسكرية تكشفُ تفاصيلَ اتّفاقية فاضحة ترقى إلى “صك عبودية”
المسيرة | خاص
كشفت هيئةُ الاستخبارات العسكرية، أمس الاثنين، عن تفاصيلِ اتّفاقيةٍ بين قواتِ العدوِّ السعوديّ وتشكيلاتٍ تابعةٍ لمرتزِقة العدوان تقتضي استخدامَ الطرف الأخير كوقودٍ وأدواتٍ خَاصَّةٍ لـ”حماية” حدود المملكة تحتَ إمرةِ قيادة الجيش السعوديّ، في فضيحةٍ جديدةٍ تكشفُ مدى استهانة الرياض بالمرتزِقة ومدى انبطاحهم لها.
وأوضحت الهيئة أن الاتّفاقية بين قيادة قوات العدوّ السعوديّ والمرتزِقة والمكونة من أربعة محاور مكتوبة في 11 صفحة وسبع صفحات ملحقة وصفحة للتوقيعات، تقضي بتشكيل مليشيات من المرتزِقة تقوم بمهام محدّدة أبرزها “حماية الحدود السعوديّة”.
وكشفت هيئةُ الاستخبارات أن الاتّفاقية تشترط عدم ارتباط وحدات المرتزِقة بأي طرف سوى قيادة تحالف العدوان ومندوبيها، ما يعني أن قيادة قوات المرتزِقة وحكومة الفارّ هادي لا تستطيع أن تتدخل أبداً في عمل وتحَرّكات هذه المليشيات.
وبحسب هيئة الاستخبارات، فَـإنَّ الاتّفاقية تلزم تشكيلات المرتزِقة بـ”التعاون للحد من أي تهديد أمني يمس سيادة السعوديّة”، وأن تبذل جهودا فعالة لـ”حفظ واستقرار وتأمين حدود وأمن المملكة”.
وتشبه هذه الصفقة ما يقوم به العدوّ السعوديّ مع المرتزِقة السودانيين، حَيثُ يقوم باستقدام أعداد كبيرة منهم ووضعهم في معسكرات ومواقعَ على الحدود للقتال بالنيابة عن الجيش السعوديّ الذي أخفق بشكل فاضح في حماية المناطق الحدودية.
وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية قد نشرت عام 2018 تحقيقاً كشف أن السعوديّةَ تقومُ باستخدام المرتزِقة السودانيين “كما لو كانوا حَطَباً يشعلون به النار”، حسب تعبير أحد المرتزِقة، والذي أكّـد للصحيفة أن قواتِ العدوّ السعوديّ تتعامل معهم عن بُعد عبر اللاسلكي وتقوم بالانسحاب والزج بهم في المعارك لحماية الحدود السعوديّة وهو ما يشبه تماماً مضمون الاتّفاقية التي كشفت عنها الاستخبارات العسكرية.
وبمقابل هذه الخدمات الفاضحة التي يلتزم بها المرتزِقة، تنص الاتّفاقية على أن يقوم الجانب السعوديّ بتحمل كامل المستحقات المالية و”منح التصاريح والأذونات للدخول والخروج من وإلى أراضي المملكة”.
وأضافت هيئة الاستخبارات أن المحورَ الرابعَ من الاتّفاقية ينُصُّ على أن يحظى قادة هذه التشكيلات من المرتزِقة بـ “امتيَازات خَاصَّةٍ بهم وبعائلاتهم على حساب بقية الأفراد”.
واعتبرت هيئةُ الاستخبارات هذه الاتّفاقية نوعًا من “الاتجار بالبشر”؛ كونها تتضمن بشكل صريح عمليةَ بيع وشراء للأفراد بمقابل مادي ومنح المشتري حرية التصرف الحصري بهم كما شاء بما في ذلك الزج بهم في معاركَ لمصلحته الخَاصَّة، مع منعهم من مغادرة الحدود بدون إذن.
ودعت الهيئة أُسَرَ المتورطين في القتال لصالح العدوان إلى التحَرّك لإعادة أبنائهم من جبهات الحدود لتفادي تقديمهم كوقود لمعارك النظام السعوديّ.
وتُعيدُ هذه الفضيحةُ إلى الأذهان سلسلةً من المعلومات والحقائق الصادمة التي كشفت خلال الأعوام السابقة حول كيفية تعامل النظام السعوديّ مع مثل هذه التشكيلات من المرتزِقة اليمنيين والسودانيين.
وكان موقع “العربي الجديد” قد نشر في وقت سابق تحقيقاً كشف أن عدداً كَبيراً من ضباط وجنود من المرتزِقة يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب داخل سجون الجيش السعوديّ في الحدود السعوديّة، وفي منفذ الخضراء بالتحديد، وقالت وسائل إعلام المرتزِقة نفسها آنذاك: إن كتائبَ بأكملها من الأفراد والضباط تقبع في السجون السعوديّة؛ بسَببِ محاولات للعودة إلى اليمن بدون إذن الجيش السعوديّ، وهو ما يعني أن التشكيلات التي تتحدث عنها الاتّفاقية المذكورة مهدّدة بالمصير نفسه إذَا تورطت ثم حاولت العودة للنجاة من المحارق التي يتم الزج بها فيها.
وتنذر الاتّفاقية التي كشفت عنها الاستخبارات العسكرية بمصير أسوأ للمرتزِقة المتورطين؛ كونها تنص على عدم ارتباطهم بأية جهة أُخرى سوى قيادة الجيش السعوديّ، وهو ما يعني بيعهم والتخلي عنهم بشكل كامل للرياض.
يُشارُ إلى أن العديدَ من تشكيلات المرتزِقة المتمركزين في الحدود يخضعُون منذ سنوات لنفسِ الشروط التي تضمنتها الاتّفاقية، حَيثُ تسيطرُ عليهم قيادة الجيش السعوديّ بشكل كامل وتحَرّكهم وفقاً لخططها الخَاصَّة، غير أن الاتّفاقيةَ تعتبرُ تطوراً خطيراً في آلية استخدام المرتزِقة كوقود للمعارك.