القضيةُ ليست تأهيلاً على الإطلاق بل هو اللهُ يصطفي ويؤهِّلُ الإنسانَ لأية مهمة خلقه مِن أجلِها الشهيدُ القائدُ كان من عباد الله المحسنين ونهجُه نهجُ أنبياء الله واقتدى بهم بالإحسان إلى الناس فكان شخصاً ذاب في خدمة الناس وتجاوز نهائيًّا ذاتَه وواقعَه الشخصي الشهيدُ القائدُ عمل بالدرجة الأولى على دعوة الأُمَّــة إلى القرآن الكريم مستغرباً ومتسائلاً لماذا ليس هناك دعوة للأُمَّـة للعودة إلى القرآن؟ الشهيدُ القائدُ قدَّمَ الرؤيةَ المتكاملةَ في المعالِم الأَسَاسية لهذه الرؤية من خلال القرآن الكريم +++++++++++++++ المستشارُ الثقافي لجامعة صنعاء فائز بطّاح في حوار خاص لصحيفة “المسيرة”: قراءة الشهيد القائد وتأمله وإدراكه لواقع الأُمَّــة تجاوز كُـلَّ القيود المذهبية والطائفية والسياسية حاوره / محمد ناصر حتروش أكّـد رفيقُ الشهيد القائد والمستشار الثقافي لجامعة صنعاء، الأُستاذ فايز بطاح، أن إدراكَ الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- للواقع كان إدراكاً عميقاً وقوياً، فهو استوعب هذا الواقعَ، ونظر إليه بروحِ المسئولية. وقال بطّاح في حوار خاص لصحيفة “المسيرة” إن شهيدَنا المقدَّسَ حكمت قراءتَه للواقع أخلاقُه، وإيمَـانُه، وإنسانيتُه، ووعيُه، إضافة إلى شعوره العالي بالمسئولية، وأمله الكبير في الله، وثقته بالله، وتوكله على الله، منوِّهًا إلى أن السلطةَ السابقة الظالمة لا تمتلكُ أيةَ شرعية في مواجهة المشروع القرآني. إلى نص الحوار: – ونحن نعيش ذكرى استشهاد قائد المسيرة القرآنية السيد حسين بدر الدين الحوثي.. ما الصفاتُ التي تحلَّى به القائدُ الشهيد وأهلّته لقيادة هذا المشروع القرآني العظيم؟ مؤهِّلاتُ الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- للقيام بالمشروع القرآني نستطيعُ إيرادَها فيما يلي: أولها أن اللهَ هو الذي يصطفي ويؤهِّلُ وقد تحدث عن هذا الموضوع الشهيدُ القائدُ -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- في دروسٍ كثيرةٍ ومنها (الدرس الثامن والعشرون من دروس رمضان) سورة الأعراف، حَيثُ قال -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ-: “يفهمُ الإنسانُ أن المسألة فعلاً أن الله هو الذي اصطفى للناس دينه، وهو الذي يصطفي للناس من يحملون دينه، من يهدون بدينه عباده، ليست قضية تأهيلية على الإطلاق، فموسى لاحظ مثلاً كيف كان موقفه هنا، موقف يراعي واقعهم، وعارف لهم مع أنها قضية عنده تعتبر مؤلمة جِـدًّا، مؤلمة وكبيرة ومزعجة، لكن يمسك نفسه، ويعرف أنهم فعلاً ما يزال فيهم آثار ما كان هناك في مصر، والتركيبة الاجتماعية هناك، وبيئة الشرك والطغيان هناك في مصر، يخاطبهم بمنطق ليِّن”. أليست هذه تعتبر نفسيةً عالية؟ يعني اللهُ خلقَه لهذه المهمة، مهمة كبيرة جِـدًّا، لا يستطيع أي إنسان أن يرتقي بنفسه إلى مستواها، لو رُبي في أي مكان لا يستطيع أن يقوم بهذا الدور الهام فينقذ بني إسرائيل، ثم يتعامل مع هذا الشعب المسكين، المظلوم، المقهور، ويتعامل معه طول حياته إلى أن مات على أرقى تعامل، لا يستطيع أحد إلا الله. كما أنك تجد نفس الهدى لا يستطيع أحد أن يقدمه على هذا النحو إلا الله، كذلك من يقدمونه لعباده يجب أن يكونوا فقط ممن يصطفيهم الله، هو قال في القرآن الكريم: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ)، إنه هو الذي يصطفي من داخل الملائكة لإيصال دينه، ويصطفي من داخل البشر رسلاً لإيصال دينه، ثم يذكر بعد ما ينتهي الرسل، وبعد ما تنتهي النبوات أنه يصطفي ورثة لدينه. ثانياً: من المؤهلات التي منحها الله للشهيد القائد -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- والتي تحدث عنها السيد القائد عبد الملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله- ونقلها بإيجاز: “عندما نتأمل في معالم هذه الشخصية الفذَّة والعظيمة، نرى فيه بحقٍ عظمة القرآن الكريم، وأثر القرآن الكريم؛ ولأنه قرين القرآن، وعاش مع القرآن الكريم، ومن خلال القرآن الكريم، قيَّم هذا الواقعَ بكله، ونظر إليه النظرة القرآنية، وقيَّمه التقييم القرآني”. كان إدراكه للواقع إدراكاً عميقاً وقوياً، فهو استوعب هذا الواقع، ونظر إليه بروح المسئولية، كان فعلاً عميق النظرة، يراقب الواقع، يرصد الأحداث والمتغيرات. شهيدُنا المقدَّسُ حكمت قراءتُه للواقع أخلاقَه، وإيمَـانَه، وإنسانيتَه، ووعيَه، شعوره العالي بالمسئولية، أمله الكبير في الله، وثقته بالله، وتوكله على الله، يجمع ذلك كله قرآنيته، بارتباطِه بالقرآن الكريم، ووعيه للمفاهيم القرآنية، بنظرته القرآنية للواقع، فقد كان موقفه متميزاً ومسئولاً بالدرجة الأولى تحلى بالصفاتِ والقِيَمِ القرآنية وكان قُرآناً ناطقاً. هذا الرجل العظيم كان رحيماً بأمته وبشعبه، يتألم ويعاني لكل ألمٍ أَو معاناة، عندما يشاهد الظلم، عندما يشاهد معاناة الأُمَّــة، كان عزيزاً، وكما قال الله -سبحانه وتعالى-“وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ”، بإيمَـانه المتكامل كان عزيزاً وأبياً، لا يقبل بالذل، ولا يقبل بالهوان، ولا يقبل بالقهر، لا يستسيغ الظلم أبداً، ولا يستسيغُ الهَوانَ أبداً، عزيزاً يشعُرُ بالعزة ملءَ جوانحه، وتدفعُه حالةُ العزة للموقف العزيز، والكلام العزيز. كان من عباد الله المحسنين، ونهج نهج أنبياء الله واقتدى بهم بالإحسان إلى الناس، فكان شخصاً ذاب في خدمة الناس، وتجاوز نهائيًّا ذاته، وواقعه الشخصي، ليعيش بكل فكره، بكل توجّـهه، بكل اهتمامه لله وفي الناس. كان بحَقٍّ رَجُلاً استثنائيًّا، وكان لديه من النظرة العميقة والتقييم الدقيق، والتشخيص لواقع الأُمَّــة، ومشكلات الأُمَّــة، والمخرَجِ للأُمَّـة من هذا الواقع، ما ليس ملموساً لدى الآخرين أبداً، حالة متميزة فعلاً في مستوى العصر وفي مستوى التحديات. بالنسبة لواقع الأُمَّــة قرأه وتأمَّله وأدركه بموضوعيةٍ تامة، بعيدًا عن كُـلِّ المؤثرات الأُخرى، متجاوزاً لها كلها، متجاوِزاً للقيود “القيود المذهبية، القيود الطائفية، القيود السياسية، القيود الجغرافية”، كُـلُّ القيود الأُخرى التي أثَّرَت وقَزَّمت نظرةَ الآخرين وإدراكَ الآخرين وقراءةَ الآخرين للواقع، كان متحرِّراً من تلك القيود بكلها. – برأيكم ما الذي دفع السلطة لشن تلك الحرب الظالمة على الشهيد القائد ورفاقه في الحرب الأولى؟ من الدوافع أن السلطةَ الظالمةَ تتقرَّبُ إلى أمريكا وإسرائيل بمحاربةِ المشروعِ القرآني، وكذلك أن تلك السلطةَ تمارِسُ الظلمَ والطغيانَ وقمعَ الحريات وتريدُ استعبادَ الناس والتضليل، وكانت من ضمن التحالف الذي تقوده أمريكا تحت عنوان ما يسمى “بمكافحة الإرهاب” والتي تحدث عنها “بوش” بأنها حربٌ صليبية، والشهيدُ القائدُ -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- عمل بالدرجة الأولى إلى دعوةِ الأُمَّــة إلى القرآن الكريم، وكان يستغرِبُ لماذا ليس هناك دعوةٌ للأُمَّـة للعودةِ إلى القرآن؟ أوَلا يمكنُ أن يكون هناك حَـلٌّ في القرآن؟ وقدّم الرؤيةَ المتكاملةَ من خلالِ القرآنِ الكريمِ في المعالم الأَسَاسية لهذه الرؤية، عَمِدَ أولاً إلى تعزيز الثقة بالله -سبحانَه وتعالى- وبحكم تقييمه لواقع الأُمَّــة كان يرى هناك أزمة ثقة بالله تعيشها هذه الأُمَّــة، عندما يقرأ في القرآن الكريم أن الله -سبحانه وتعالى- قدَّم وعوداً لهذه الأُمَّــة إن هي سارت في الاتّجاه الصحيح، الاتّجاه القائم على العدل، على الحق، على الخير في إطار المسئولية الكبرى لهذه الأُمَّــة، أن ينصرها الله، أن يعينها عندما تقف في وجه الظلم، في وجه الطغيان، في وجه الإجرام، وتتحمل مسئوليتها التاريخية الكبرى لإقامة العدل، أن الله سينصرها، وعدها وعداً مؤكّـداً بالنصر: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[محمد: من الآية 7]. ويمكن القولُ إن السلطةَ لا تمتلكُ أيةَ شرعية في مواجهة المشروع القرآني، وقد وضح ذلك السيد القائد -يحفظه الله- بشكل واسع ننقل من كلامه يحفظه الله ما يلي: في هذه الذكرى عدالة القضية التي تحَرّك فيها ومن أجلها هذا الرجل العظيم الذي حاولوا أن يقضوا عليه، ويقضوا على مشروعه بكل وسيلةٍ ممكنة، وتحَرّكوا ضده عسكريًّا، وإعلامياً، وفكرياً. وبكل الوسائل والإمْكَانات، ما الذي عمل؟ وما الذي أراد؟ وما الذي فعل؟ لقد تحَرّك في قضيةٍ عادلةٍ سليمةٍ صحيحة، هو تحَرّك ليستنهض الأُمَّــة، التي هي أمته، هو فردٌ منها، يشعر بالمسؤولية تجاهها، هو من واقعه كرجلٍ مسلمٍ عظيمٍ مستنير بالقرآن، مهتدٍ بكتاب الله، كرجلٍ مؤمن يحمل الشعور الإيمَـاني، يستشعر المسؤولية الدينية تجاهَ الأُمَّــةِ التي هي أُمَّتُه، أُمَّـة الإسلام أُمَّـة مستهدَفة من أعدائها، أُمَّـة مقهورة مظلومة مضطهدة، تُوَاجَه من أعدائها في كُـلّ شيء، يستهدفها أعداؤها استهدافاً شاملاً، بدءاً من دينها، وانتهاء بدنياها. – ماذا عن الإرهاصات التي سبقت الحربَ الأولى التي شنتها السلطةُ الظالمة على منطقة مران عام 2004م؟ أولاً: الاعتقالاتُ لمن يردّدون شعارَ الحرية المتمثل في (اللهُ أكبر- الموتُ لأمريكا- الموتُ لإسرائيل- اللعنةُ على اليهود- النصر للإسلام). ثانياً: مصادَرةُ الملازم في نقاط التفتيش، وإغلاقُ المكتبات التي تُطبَعُ الملازم، فصلُ الطلاب الذين يردّدون الشعار، فصل الموظفين، ممارسة الضغوط على الشخصيات والعلماء لإصدار فتاوى وبيانات ضد الشهيد القائد-رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- وكذلك سحب الأسلحة من الأسواق في محافظة صعدة، وزيارات السفير الأمريكي لصعدة ومسح الشعارات وأخيرًا شراء الولاءات وتحريك المنافقين والمرجفين، وتوزيع أسلحة للمشايخ والقبائل التي تعادي المشروع القرآني، ورسائل التهديد والوعيد للشهيد القائد -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ-. – مَـا هِي الإمْكَانياتُ التي كانت تتوفرُ مع الشهيد القائد وأتباعه من المؤمنين الأوائل سواءً في الجانب العسكري أَو المادي خلال الحرب الأولى؟ نكتفي في هذا الجانب بما ذكره السيدُ القائدُ -يحفظُه الله- في كلمته بمناسبة ذكرى الشهيد القائد للعام 1435هـ، حَيثُ قال: نستذكرُ أَيَّـامَ الحرب الأولى، الكل ممن تحَرّكوا آنذاك في مقارعة الطغيان ومواجهة البغي والعدوان، تحَرّكوا بالإمْكَانيات المتواضعة، النساء كُنَّ يَبعنَّ ذَهَبَهُنَّ من الحِلْية التي يمتلكْنَها، كان البعض يتحَرّك من ممتلكاته المتواضعة، حتى يتوفر الممكن والمتيسر من الأشياء المحدودة جِـدًّا جدًّا جِـدًّا، مما يلزم ومما يُحتَاجُ إليه في مواجه العدوان، فالشهداء عندما تحَرّكوا، تحَرّكوا في تلك الفترة وفيما بعدها في مواجهة كُـلّ جولات العدوان، التي تكرّرت بكل شراسة، بكل طغيان، بكل بغي، بكل إجرام، كانوا يتحَرّكون وليس هناك في الواقع، ولا هناك في طبيعة الظروف التي يتحَرّكون فيها أي مجالٍ لأطماع. – مَـا هِي أهم المواقف التي ظلت محفورة في ذاكرتكم خلال هذه الحرب الظالمة؟ نذكُرُ كيف كان الوضعُ ما قبل الحرب الأولى، ووصلت الحملات العسكرية عشرات الآلاف من الجنود، بكل الآليات العسكرية، وهبَّ الناس، هذا ذهب من مزرعته، وهذا تحَرّك من منزله، والآخر تحَرّك من مدرسته، ذاك كان مدرساً يُدرِّس، الآخر كان عالماً يُعلِّم، الآخر كان في متجره أَو بقالته، الآخر كان عاملاً يشتغل هنا أَو هناك وهكذا، عدوان على أُمَّـة لا تعيش أي وضع عسكري جاهز لمواجهة عدوان بذلك المستوى، فكان أُولئك يراهنون على أن هؤلاء الذين يعيشون في مثل هذه الوضعية معروفون بأنه لا إمْكَانية لديهم، لا قدرات عسكرية لديهم، لا عتادَ حربي يُعَوَّلُ عليه لديهم. نحن نعرف، أنا شخصيًّا أعرفُ الكثيرَ ممن تحَرّكوا وواجهوا العدوان، لم يكونوا يمتلكون أية خبرة قتالية نهائيًّا، لم تكن هناك استعداداتٌ مسبقة، لا على مستوى تدريب، ولا على مستوى الحصول على أسلحة معينة مفيدة مُحتَاجٌ إليها لمواجهة الدروع، أَو لمواجهة بعض الآليات العسكرية والإمْكَانيات العسكرية، التي تُستخدم لضرب الناس، ولكن كان هناك عاملٌ آخر عامل قوةٍ مُهمٌّ هو القيم، هؤلاء وإن كانوا مستضعَفين وإن كانت إمْكَانياتُهم متواضعةً، وكانت في بداية الحال في بداية الأمر، أعدادُهم قليلة، لكنهم كانوا يحمِلون القوةَ المعنويةَ وفي مقدمتها العزة، فمهما كانت الوضعية، مهما كانت الظروف، مهما قلّت الإمْكَانيات، كُـلُّ هذا لا يمكنُ أن يكونَ سبباً في إخضاعِ إنسانٍ مؤمنٍ، يحمِلُ قيماً في مقدمتها العزة والإباء، كان إباؤهم وكانت عزتُهم وكان إيمَـانُهم تأبى لهم ويأبى لهم أن يكونَ حجمُ العدوان وإمْكَانيات البغاة المعتدين سبباً لأن يخضعوا، أن يستسلموا، أن يعجزوا، ألا يصمدوا ولا يثبتوا، بالعكس، الكل صمد والكل ثبت، وكان هذا فعلاً مساهماً إلى حَــدّ ما على التقليل من كلفة الخسائر وكلفة التضحية. – كيف كان تأثيرُ استشهاد الشهيد القائد -سلامُ الله عليه- وهل كنتم تتوقَّعون أن يستمرَّ المشروعُ القرآني ويصلَ إلى ما وصل إليه اليوم؟ يقولُ الشهيدُ القائدُ -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ-: المؤمِنُ لا ينظُرُ إلى نفسه، النصر الشخصي، المقصد الشخصي، قضيته الخَاصَّة، خِطته المعينة، موقفه الخاص.. المسيرةُ هي المسيرةُ الطويلة، العملُ على إعلاء كلمة الله، النصر لدين الله، في هذه المرة أَو في المرة الثانية أَو في المرة الثالثة، إن لم يكن على يديك أنت فقد يكون على يد آخرين ممن هيأتهم أنت، وهكذا.. حتى تنتصر، ولا بد أن يتحقّق النصر. وأنت منتصِرٌ أَيْـضاً عندما تسقُطُ شهيداً في سبيل الله، أنت منتصِرٌ أَيْـضاً، أنت عملت ما عليك أن تعملَه فبذلت نفسَك ومالَك في سبيل الله، فأَنْ يرى المسلمون أَو يرى المؤمنون بعضَهم صرعى في ميادين الجهاد، كما حصل في يوم أُحُد، ألم يتألم رسولُ الله (صلوات الله عليه وعلى آله) عندما رأى حمزةَ صريعاً؟ وصُرع كثيرٌ من المجاهدين، ولكن هل توقف بعدها؟ لم يتوقف أبدأً، وإن كانت تلك خسارة أن يفقدَ أشخاصاً مهمّين كحمزةَ لكنه نصرٌ للمسيرة، نصرٌ لحركة الرسالة بكلها.. ولا بد في هذه المسيرة أن يسقُطَ شهداءُ، وإن كانوا على أرفعِ مستوى، مثل هذا النوع كحمزة سيد الشهداء.
القضيةُ ليست تأهيلاً على الإطلاق بل هو اللهُ يصطفي ويؤهِّلُ الإنسانَ لأية مهمة خلقه مِن أجلِها
الشهيدُ القائدُ كان من عباد الله المحسنين ونهجُه نهجُ أنبياء الله واقتدى بهم بالإحسان إلى الناس فكان شخصاً ذاب في خدمة الناس وتجاوز نهائيًّا ذاتَه وواقعَه الشخصي
الشهيدُ القائدُ عمل بالدرجة الأولى على دعوة الأُمَّــة إلى القرآن الكريم مستغرباً ومتسائلاً لماذا ليس هناك دعوة للأُمَّـة للعودة إلى القرآن؟
الشهيدُ القائدُ قدَّمَ الرؤيةَ المتكاملةَ في المعالِم الأَسَاسية لهذه الرؤية من خلال القرآن الكريم
المستشارُ الثقافي لجامعة صنعاء فائز بطّاح في حوار خاص لصحيفة “المسيرة”:
حاوره / محمد ناصر حتروش
أكّـد رفيقُ الشهيد القائد والمستشار الثقافي لجامعة صنعاء، الأُستاذ فايز بطاح، أن إدراكَ الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- للواقع كان إدراكاً عميقاً وقوياً، فهو استوعب هذا الواقعَ، ونظر إليه بروحِ المسئولية.
وقال بطّاح في حوار خاص لصحيفة “المسيرة” إن شهيدَنا المقدَّسَ حكمت قراءتَه للواقع أخلاقُه، وإيمَـانُه، وإنسانيتُه، ووعيُه، إضافة إلى شعوره العالي بالمسئولية، وأمله الكبير في الله، وثقته بالله، وتوكله على الله، منوِّهًا إلى أن السلطةَ السابقة الظالمة لا تمتلكُ أيةَ شرعية في مواجهة المشروع القرآني.
إلى نص الحوار:
– ونحن نعيش ذكرى استشهاد قائد المسيرة القرآنية السيد حسين بدر الدين الحوثي.. ما الصفاتُ التي تحلَّى به القائدُ الشهيد وأهلّته لقيادة هذا المشروع القرآني العظيم؟
مؤهِّلاتُ الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- للقيام بالمشروع القرآني نستطيعُ إيرادَها فيما يلي:
أولها أن اللهَ هو الذي يصطفي ويؤهِّلُ وقد تحدث عن هذا الموضوع الشهيدُ القائدُ -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- في دروسٍ كثيرةٍ ومنها (الدرس الثامن والعشرون من دروس رمضان) سورة الأعراف، حَيثُ قال -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ-: “يفهمُ الإنسانُ أن المسألة فعلاً أن الله هو الذي اصطفى للناس دينه، وهو الذي يصطفي للناس من يحملون دينه، من يهدون بدينه عباده، ليست قضية تأهيلية على الإطلاق، فموسى لاحظ مثلاً كيف كان موقفه هنا، موقف يراعي واقعهم، وعارف لهم مع أنها قضية عنده تعتبر مؤلمة جِـدًّا، مؤلمة وكبيرة ومزعجة، لكن يمسك نفسه، ويعرف أنهم فعلاً ما يزال فيهم آثار ما كان هناك في مصر، والتركيبة الاجتماعية هناك، وبيئة الشرك والطغيان هناك في مصر، يخاطبهم بمنطق ليِّن”.
أليست هذه تعتبر نفسيةً عالية؟ يعني اللهُ خلقَه لهذه المهمة، مهمة كبيرة جِـدًّا، لا يستطيع أي إنسان أن يرتقي بنفسه إلى مستواها، لو رُبي في أي مكان لا يستطيع أن يقوم بهذا الدور الهام فينقذ بني إسرائيل، ثم يتعامل مع هذا الشعب المسكين، المظلوم، المقهور، ويتعامل معه طول حياته إلى أن مات على أرقى تعامل، لا يستطيع أحد إلا الله.
كما أنك تجد نفس الهدى لا يستطيع أحد أن يقدمه على هذا النحو إلا الله، كذلك من يقدمونه لعباده يجب أن يكونوا فقط ممن يصطفيهم الله، هو قال في القرآن الكريم: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ)، إنه هو الذي يصطفي من داخل الملائكة لإيصال دينه، ويصطفي من داخل البشر رسلاً لإيصال دينه، ثم يذكر بعد ما ينتهي الرسل، وبعد ما تنتهي النبوات أنه يصطفي ورثة لدينه.
ثانياً: من المؤهلات التي منحها الله للشهيد القائد -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- والتي تحدث عنها السيد القائد عبد الملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله- ونقلها بإيجاز:
“عندما نتأمل في معالم هذه الشخصية الفذَّة والعظيمة، نرى فيه بحقٍ عظمة القرآن الكريم، وأثر القرآن الكريم؛ ولأنه قرين القرآن، وعاش مع القرآن الكريم، ومن خلال القرآن الكريم، قيَّم هذا الواقعَ بكله، ونظر إليه النظرة القرآنية، وقيَّمه التقييم القرآني”.
كان إدراكه للواقع إدراكاً عميقاً وقوياً، فهو استوعب هذا الواقع، ونظر إليه بروح المسئولية، كان فعلاً عميق النظرة، يراقب الواقع، يرصد الأحداث والمتغيرات.
شهيدُنا المقدَّسُ حكمت قراءتُه للواقع أخلاقَه، وإيمَـانَه، وإنسانيتَه، ووعيَه، شعوره العالي بالمسئولية، أمله الكبير في الله، وثقته بالله، وتوكله على الله، يجمع ذلك كله قرآنيته، بارتباطِه بالقرآن الكريم، ووعيه للمفاهيم القرآنية، بنظرته القرآنية للواقع، فقد كان موقفه متميزاً ومسئولاً بالدرجة الأولى تحلى بالصفاتِ والقِيَمِ القرآنية وكان قُرآناً ناطقاً.
هذا الرجل العظيم كان رحيماً بأمته وبشعبه، يتألم ويعاني لكل ألمٍ أَو معاناة، عندما يشاهد الظلم، عندما يشاهد معاناة الأُمَّــة، كان عزيزاً، وكما قال الله -سبحانه وتعالى-“وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ”، بإيمَـانه المتكامل كان عزيزاً وأبياً، لا يقبل بالذل، ولا يقبل بالهوان، ولا يقبل بالقهر، لا يستسيغ الظلم أبداً، ولا يستسيغُ الهَوانَ أبداً، عزيزاً يشعُرُ بالعزة ملءَ جوانحه، وتدفعُه حالةُ العزة للموقف العزيز، والكلام العزيز.
كان من عباد الله المحسنين، ونهج نهج أنبياء الله واقتدى بهم بالإحسان إلى الناس، فكان شخصاً ذاب في خدمة الناس، وتجاوز نهائيًّا ذاته، وواقعه الشخصي، ليعيش بكل فكره، بكل توجّـهه، بكل اهتمامه لله وفي الناس.
كان بحَقٍّ رَجُلاً استثنائيًّا، وكان لديه من النظرة العميقة والتقييم الدقيق، والتشخيص لواقع الأُمَّــة، ومشكلات الأُمَّــة، والمخرَجِ للأُمَّـة من هذا الواقع، ما ليس ملموساً لدى الآخرين أبداً، حالة متميزة فعلاً في مستوى العصر وفي مستوى التحديات.
بالنسبة لواقع الأُمَّــة قرأه وتأمَّله وأدركه بموضوعيةٍ تامة، بعيدًا عن كُـلِّ المؤثرات الأُخرى، متجاوزاً لها كلها، متجاوِزاً للقيود “القيود المذهبية، القيود الطائفية، القيود السياسية، القيود الجغرافية”، كُـلُّ القيود الأُخرى التي أثَّرَت وقَزَّمت نظرةَ الآخرين وإدراكَ الآخرين وقراءةَ الآخرين للواقع، كان متحرِّراً من تلك القيود بكلها.
– برأيكم ما الذي دفع السلطة لشن تلك الحرب الظالمة على الشهيد القائد ورفاقه في الحرب الأولى؟
من الدوافع أن السلطةَ الظالمةَ تتقرَّبُ إلى أمريكا وإسرائيل بمحاربةِ المشروعِ القرآني، وكذلك أن تلك السلطةَ تمارِسُ الظلمَ والطغيانَ وقمعَ الحريات وتريدُ استعبادَ الناس والتضليل، وكانت من ضمن التحالف الذي تقوده أمريكا تحت عنوان ما يسمى “بمكافحة الإرهاب” والتي تحدث عنها “بوش” بأنها حربٌ صليبية، والشهيدُ القائدُ -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- عمل بالدرجة الأولى إلى دعوةِ الأُمَّــة إلى القرآن الكريم، وكان يستغرِبُ لماذا ليس هناك دعوةٌ للأُمَّـة للعودةِ إلى القرآن؟ أوَلا يمكنُ أن يكون هناك حَـلٌّ في القرآن؟ وقدّم الرؤيةَ المتكاملةَ من خلالِ القرآنِ الكريمِ في المعالم الأَسَاسية لهذه الرؤية، عَمِدَ أولاً إلى تعزيز الثقة بالله -سبحانَه وتعالى- وبحكم تقييمه لواقع الأُمَّــة كان يرى هناك أزمة ثقة بالله تعيشها هذه الأُمَّــة، عندما يقرأ في القرآن الكريم أن الله -سبحانه وتعالى- قدَّم وعوداً لهذه الأُمَّــة إن هي سارت في الاتّجاه الصحيح، الاتّجاه القائم على العدل، على الحق، على الخير في إطار المسئولية الكبرى لهذه الأُمَّــة، أن ينصرها الله، أن يعينها عندما تقف في وجه الظلم، في وجه الطغيان، في وجه الإجرام، وتتحمل مسئوليتها التاريخية الكبرى لإقامة العدل، أن الله سينصرها، وعدها وعداً مؤكّـداً بالنصر: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[محمد: من الآية 7].
ويمكن القولُ إن السلطةَ لا تمتلكُ أيةَ شرعية في مواجهة المشروع القرآني، وقد وضح ذلك السيد القائد -يحفظه الله- بشكل واسع ننقل من كلامه يحفظه الله ما يلي:
في هذه الذكرى عدالة القضية التي تحَرّك فيها ومن أجلها هذا الرجل العظيم الذي حاولوا أن يقضوا عليه، ويقضوا على مشروعه بكل وسيلةٍ ممكنة، وتحَرّكوا ضده عسكريًّا، وإعلامياً، وفكرياً.
وبكل الوسائل والإمْكَانات، ما الذي عمل؟ وما الذي أراد؟ وما الذي فعل؟ لقد تحَرّك في قضيةٍ عادلةٍ سليمةٍ صحيحة، هو تحَرّك ليستنهض الأُمَّــة، التي هي أمته، هو فردٌ منها، يشعر بالمسؤولية تجاهها، هو من واقعه كرجلٍ مسلمٍ عظيمٍ مستنير بالقرآن، مهتدٍ بكتاب الله، كرجلٍ مؤمن يحمل الشعور الإيمَـاني، يستشعر المسؤولية الدينية تجاهَ الأُمَّــةِ التي هي أُمَّتُه، أُمَّـة الإسلام أُمَّـة مستهدَفة من أعدائها، أُمَّـة مقهورة مظلومة مضطهدة، تُوَاجَه من أعدائها في كُـلّ شيء، يستهدفها أعداؤها استهدافاً شاملاً، بدءاً من دينها، وانتهاء بدنياها.
– ماذا عن الإرهاصات التي سبقت الحربَ الأولى التي شنتها السلطةُ الظالمة على منطقة مران عام 2004م؟
أولاً: الاعتقالاتُ لمن يردّدون شعارَ الحرية المتمثل في (اللهُ أكبر- الموتُ لأمريكا- الموتُ لإسرائيل- اللعنةُ على اليهود- النصر للإسلام).
ثانياً: مصادَرةُ الملازم في نقاط التفتيش، وإغلاقُ المكتبات التي تُطبَعُ الملازم، فصلُ الطلاب الذين يردّدون الشعار، فصل الموظفين، ممارسة الضغوط على الشخصيات والعلماء لإصدار فتاوى وبيانات ضد الشهيد القائد-رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- وكذلك سحب الأسلحة من الأسواق في محافظة صعدة، وزيارات السفير الأمريكي لصعدة ومسح الشعارات وأخيرًا شراء الولاءات وتحريك المنافقين والمرجفين، وتوزيع أسلحة للمشايخ والقبائل التي تعادي المشروع القرآني، ورسائل التهديد والوعيد للشهيد القائد -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ-.
– مَـا هِي الإمْكَانياتُ التي كانت تتوفرُ مع الشهيد القائد وأتباعه من المؤمنين الأوائل سواءً في الجانب العسكري أَو المادي خلال الحرب الأولى؟
نكتفي في هذا الجانب بما ذكره السيدُ القائدُ -يحفظُه الله- في كلمته بمناسبة ذكرى الشهيد القائد للعام 1435هـ، حَيثُ قال: نستذكرُ أَيَّـامَ الحرب الأولى، الكل ممن تحَرّكوا آنذاك في مقارعة الطغيان ومواجهة البغي والعدوان، تحَرّكوا بالإمْكَانيات المتواضعة، النساء كُنَّ يَبعنَّ ذَهَبَهُنَّ من الحِلْية التي يمتلكْنَها، كان البعض يتحَرّك من ممتلكاته المتواضعة، حتى يتوفر الممكن والمتيسر من الأشياء المحدودة جِـدًّا جدًّا جِـدًّا، مما يلزم ومما يُحتَاجُ إليه في مواجه العدوان، فالشهداء عندما تحَرّكوا، تحَرّكوا في تلك الفترة وفيما بعدها في مواجهة كُـلّ جولات العدوان، التي تكرّرت بكل شراسة، بكل طغيان، بكل بغي، بكل إجرام، كانوا يتحَرّكون وليس هناك في الواقع، ولا هناك في طبيعة الظروف التي يتحَرّكون فيها أي مجالٍ لأطماع.
– مَـا هِي أهم المواقف التي ظلت محفورة في ذاكرتكم خلال هذه الحرب الظالمة؟
نذكُرُ كيف كان الوضعُ ما قبل الحرب الأولى، ووصلت الحملات العسكرية عشرات الآلاف من الجنود، بكل الآليات العسكرية، وهبَّ الناس، هذا ذهب من مزرعته، وهذا تحَرّك من منزله، والآخر تحَرّك من مدرسته، ذاك كان مدرساً يُدرِّس، الآخر كان عالماً يُعلِّم، الآخر كان في متجره أَو بقالته، الآخر كان عاملاً يشتغل هنا أَو هناك وهكذا، عدوان على أُمَّـة لا تعيش أي وضع عسكري جاهز لمواجهة عدوان بذلك المستوى، فكان أُولئك يراهنون على أن هؤلاء الذين يعيشون في مثل هذه الوضعية معروفون بأنه لا إمْكَانية لديهم، لا قدرات عسكرية لديهم، لا عتادَ حربي يُعَوَّلُ عليه لديهم.
نحن نعرف، أنا شخصيًّا أعرفُ الكثيرَ ممن تحَرّكوا وواجهوا العدوان، لم يكونوا يمتلكون أية خبرة قتالية نهائيًّا، لم تكن هناك استعداداتٌ مسبقة، لا على مستوى تدريب، ولا على مستوى الحصول على أسلحة معينة مفيدة مُحتَاجٌ إليها لمواجهة الدروع، أَو لمواجهة بعض الآليات العسكرية والإمْكَانيات العسكرية، التي تُستخدم لضرب الناس، ولكن كان هناك عاملٌ آخر عامل قوةٍ مُهمٌّ هو القيم، هؤلاء وإن كانوا مستضعَفين وإن كانت إمْكَانياتُهم متواضعةً، وكانت في بداية الحال في بداية الأمر، أعدادُهم قليلة، لكنهم كانوا يحمِلون القوةَ المعنويةَ وفي مقدمتها العزة، فمهما كانت الوضعية، مهما كانت الظروف، مهما قلّت الإمْكَانيات، كُـلُّ هذا لا يمكنُ أن يكونَ سبباً في إخضاعِ إنسانٍ مؤمنٍ، يحمِلُ قيماً في مقدمتها العزة والإباء، كان إباؤهم وكانت عزتُهم وكان إيمَـانُهم تأبى لهم ويأبى لهم أن يكونَ حجمُ العدوان وإمْكَانيات البغاة المعتدين سبباً لأن يخضعوا، أن يستسلموا، أن يعجزوا، ألا يصمدوا ولا يثبتوا، بالعكس، الكل صمد والكل ثبت، وكان هذا فعلاً مساهماً إلى حَــدّ ما على التقليل من كلفة الخسائر وكلفة التضحية.
– كيف كان تأثيرُ استشهاد الشهيد القائد -سلامُ الله عليه- وهل كنتم تتوقَّعون أن يستمرَّ المشروعُ القرآني ويصلَ إلى ما وصل إليه اليوم؟
يقولُ الشهيدُ القائدُ -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ-: المؤمِنُ لا ينظُرُ إلى نفسه، النصر الشخصي، المقصد الشخصي، قضيته الخَاصَّة، خِطته المعينة، موقفه الخاص.. المسيرةُ هي المسيرةُ الطويلة، العملُ على إعلاء كلمة الله، النصر لدين الله، في هذه المرة أَو في المرة الثانية أَو في المرة الثالثة، إن لم يكن على يديك أنت فقد يكون على يد آخرين ممن هيأتهم أنت، وهكذا.. حتى تنتصر، ولا بد أن يتحقّق النصر.
وأنت منتصِرٌ أَيْـضاً عندما تسقُطُ شهيداً في سبيل الله، أنت منتصِرٌ أَيْـضاً، أنت عملت ما عليك أن تعملَه فبذلت نفسَك ومالَك في سبيل الله، فأَنْ يرى المسلمون أَو يرى المؤمنون بعضَهم صرعى في ميادين الجهاد، كما حصل في يوم أُحُد، ألم يتألم رسولُ الله (صلوات الله عليه وعلى آله) عندما رأى حمزةَ صريعاً؟ وصُرع كثيرٌ من المجاهدين، ولكن هل توقف بعدها؟ لم يتوقف أبدأً، وإن كانت تلك خسارة أن يفقدَ أشخاصاً مهمّين كحمزةَ لكنه نصرٌ للمسيرة، نصرٌ لحركة الرسالة بكلها.. ولا بد في هذه المسيرة أن يسقُطَ شهداءُ، وإن كانوا على أرفعِ مستوى، مثل هذا النوع كحمزة سيد الشهداء.