الثامنةُ الآن بتوقيت اليمن .. بقلم/ هنادي خالد
سبعةُ أعوام مرت واليمن أرضًا وإنسانا يواجهُ أعظم مأساةٍ فرضتها حربٌ ظالمة بإدارة أمريكيةُ المنشأ سعوديّةُ التنفيذ، سبعةُ أعوام حُفرت أحداثُها أزماتُها ومجازرُها في ذاكرةِ كُـلّ إنسان يمنيٍّ ينتمي لهذا الموطن، وكأن الأحداث أبت إلا أن تظل تدُق في جُدرانِ الذاكرة كـ لا يعتريها النسيانُ يوماً.
أعوام مرت وعداد الضحايا إثر غارات طيران العدوان السعوديّ الأمريكي في تزايدٍ مُستمرٍّ؛ نتيجة الاستهداف المُمنهج والقتل المُتعمد، يُرافقُ تلك الجرائم خطرُ انتشار الأمراض والأوبئة الناجمة عن سموم تلك الأسلحة الفتّاكة، ناهيك عن حالاتِ الفقرِ والبطالة، ومما زاد الأمر سوءًا هو الحصارُ المميت الذي ترافق معه ارتفاع الأسعار وتدهور الخدماتِ الأَسَاسية وعجز المستشفيات والمرافق الصحية عن تقديم خدماتها الطبية، وإن كان لهذا الحصار الجائر هدف فما هو إلا حصد المزيد من الأرواح اليمنية عبر عملية الموت البطيء جوعًا ومرضًا وقتلا، كُـلّ ذلك يحدث على مرأ ومسمع المنظمات الحقوقية العالمية، وفي ظل هذا الوضع المأساوي والذي لم يُحرك قيد أنملة ضمير العالم الصامت الخطر داهمٌ، والموت لا زال يترصد حياة آلاف اليمنيين، كيف لا!! وآلة القتل تواصل حصد أرواح الأبرياء في معاناةٍ هي الأكبر من نوعها، شملت الجميع ولم تقتصر على محافظةٍ دون أُخرى.
كل هذا الكم الهائل من الحقد الأسود الغاية منه هي إركاع الشعب اليمني وإخضاعه، وخُصُوصاً عندما أدركت مملكة أمريكا (السعوديّة) انفلات السيطرة على اليمن بعد انتصار الثورة اليمنية التي أطاحت بأدواتها وأجندتها في الداخل، وكما هو ديدنهم في الطغيان والتجبر، حَيثُ جرَّهم الجور المتجذر فيهم إلى شن حربٍ شعواء على اليمن، تكالب عليها معهم أشباههم في النزعةِ الشيطانية من أمراء وحكام البلدان التابعين لهم، أَو بالأصح التابعين لِـ ولية أمرهم الكبرى أمريكا، خططوا ونفذوا وشنوا حربهم، قتلوا وأحرقوا، دمّـروا وشردوا، ومر العام تلو العام، والشعب اليمني صامد لم يتراجع عن موقفه المعادي لهم، لم يرهبه إجرامهم وتجبرهم، بل على العكس من ذلك تماماً، في كُـلّ عامٍ أمضاه في ظل الحرب كان يزداد قوةً وصلابةً وتحدٍ في مواجهة القوى الملتفة ضده، بنزعة يمانيّةٍ إيمَانيّة، مؤمنةٍ بأنَّ الغلبةَ لمن آمنوا واتقوا وجاهدوا وصبروا، فبعد كُـلّ جريمة كان يرتكبها العدوّ ويظن أنه نجح في ثني عزيمة اليمنيين، سُرعان ما كان يأتيه الرد إما عبارات تحدٍ على ألّسنة الناجين من تحتِ الرُكام، أَو رسائل تهديدٍ خطتها وأرسلتها القوة الصاروخية، وهناك أَيْـضاً وسيلة أقوى لرد الصاع للعدو متمثلة في المواقف العظيمة والساحقة في جبهات العزة والمواجهة، حَيثُ يتم فيها تكبيد العدوّ وأدواته خسائر فادحة في العدة والعتاد والأرواح، ولم تخب مقولة ‘اليمن مقبرة الغزاة’ يوماً منذ بدء مرحلة التصدي والمواجهة، وفي كُـلّ مرة يفشل فيها العدوّ ميادنيًّا ما زلنا نراه كما هي عادته مع كُـلّ إخفاق يذهب للانتقام من المدنيين، وتصعيد الحصار، يقابل ذلك زخمٌ ثوريٌّ عظيم من جميع فئات الشعب اليمني في مواصلة التحَرّك الجاد لِـ لوي ذراع العدوّ مصدرًا نموذجًا عظيمًا لجميع الشعوب العربية والإسلامية في كيفية صناعة النصر عن طريق استراتيجية الصبر والصمود والمواجهة.
سنواتٌ من الصمود قُلبت خلالها جميع الموازين، وانتقل فيها اليمن من مرحلة الدفاع لمرحلة الهجوم، ليس هذا فحسب بل شهدت السنوات السبع تطورًا كَبيراً في مجال التصنيع الحربي ابتداءً من صُنع أسلحة الكلاشنكوف إلى صنع الصواريخ بعيدة المدى والطّائرات المسيرة التي طالت ببأسها عواصم العدوّ، وأضحت دويلاتهم على امتداد حدودها من غربها إلى شرقها تحت رحمة أعاصير اليمن، وبانتظار توقيت البأس اليماني وما يعقبه من هجمات تطال منشآتهم الحيوية منها والعسكرية، في رسالة واضحة مفادها لا أمن إلا للجميع أَو لا أمن.
وها هي السنواتٌ السبع تطوى وتطوي معها جميع رهانات الأعداء مسجلةً نصرًا يمانيًا عظيمًا أطاح بهيمنتهم وكسر شوكتهم وجعل منهم أمثولَة الذّلة والخسارة، فالعالم بأكمله يشهد بالفشل الذريع الذي تكبده تحالف العدوان خلال حربه على اليمن والذي سيؤدي بهم إلى الهلاك.
وعلى أعتاب العام الثامن يقفُ اليمن اليوم بصمودٍ أكبر، وببأسٍ أقوى، وثباتٍ أعظم، وعلى ثقةٍ بالتأييد الإلهي العظيم، وما النصر إلا من عند الله.