“كسر الحصار الثالثة” تهز النظام السعوديّ: الليلة الأولى في جحيم العام الثامن
المسيرة | خاص
خرجت نتائجُ وتداعياتُ عملية “كسر الحصار الثالثة” عن سيطرة النظام السعوديّ، على مرأى ومسمع العالم كله، مع استمرار وتوسع حرائق منشآت أرامكو المستهدفة، وبلوغ الخسائر مستوى غير مسبوق، في مشهد أعاد التذكير بالهجوم التاريخي على مصافي “بقيق” و”خريص” الذي هز المملكة والعالم، غير أن صدى الصفعة الأخيرة بدا أوسعَ؛ نظرًا إلى توقيت العملية الذي مثل دلالة على انقلاب موازين المواجهة التي بدأت قبل سبعة أعوام كاملة بشكل جذري، وفتح الباب على مصراعيه لمرحلة جديدة مرعبة كانت القيادة اليمنية تحدّد ملامحها في الوقت الذي يواجه فيه السعوديّون عجزهم عن إطفاء الحريق الذي تسببوا به بتعنتهم وإجرامهم.
تأثيرُ العملية العسكرية تصاعَدَ بوتيرة متسارعة وبصورة صادمة بالنسبة للنظام السعوديّ، على امتداد الساعات التي تلت الضربة، وخُصُوصاً في محطة التوزيع التابعة لأرامكو في مدينة جدة والتي جذبت الأنظار إليها؛ بسَببِ ألسنة اللهب المتصاعدة من خزاناتها والتي شوهدت من مسافات بعيدة، إلى جانب سحائب الدخان التي غطت المدينة محولة نهارها إلى ليل.
على عكس ما توقعت السعوديّة، لم تهدأ الحرائق مع مرور الوقت بل اتسعت لتحول ليل المدينة إلى نهار، حَيثُ انفجرت خزانات أُخرى داخل المحطة لتتحول إلى جحيم حي جذب إليه عدسات وكالات الأنباء ووسائل الإعلام الأجنبية، إلى جانب سكان المدينة، لينضم إليهم لاحقًا الإعلام السعوديّ بنفسه بتغطية مباشرة.
هكذا انهارت استراتيجية “الإنكار” التي ظل النظام السعوديّ يعتمد عليها لسبع سنوات في ليلة واحدة، وبالرغم من أن لجوء الإعلام السعوديّ إلى بث مشاهد الحريق كان موجَّهًا؛ بغرض “استعطاف العالم” إلا أن ذلك الغرض غاب خلف الدخان الأسود، ولم يتبقَّ إلا حقيقة أن السعوديّة فشلت، وأن حماقتها في اليمن قد ارتدت عكسيا عليها وبشكل صادم.
بحسب الإعلام “الإسرائيلي”، فَـإنَّ المحطة المستهدفة تضم قرابة ربع مخزون المملكة من المنتجات البترولية، وهو ما يتوافق مع حجم خزانات المحطة، حَيثُ كانت وكالة “أسوشيتد برس” قد ذكرت سابقًا أن خزانًا واحدًا منها يتسع لـ500 ألف برميل.
برغم ذلك، لم تكن هذه المحطة الهدف الوحيد للعملية، حَيثُ امتدت الضربات من أقصى شرق المملكة إلى أقصى غربها، ومن العاصمة إلى المناطق الجنوبية، وشملت عدة أهداف جديدة وبالغة الأهميّة منها مصفاتي رابغ ورأس تنورة.
ولا زال من الصعب تقدير الخسائر بدقة مع استمرار محاولات الإطفاء والتكتم الإعلامي، لكن التقديرات الأولية تشير إلى مليارات من الدولارات وأضرار طويلة المدى في العديد من المنشآت.
وبالنظر إلى إعلان القوات المسلحة سابقًا عن “بنك أهداف خاص” بعمليات كسر الحصار، وعن البدء بـ”ضربات مركزة” ضمن هذا البنك، فَـإنَّ العمليات القادمة قد تكون مزلزلة بشكل أقسى بكثير، حَيثُ بات واضحًا أن “الضربات المركزة” تعني إحداث دمار كبير في منشآت هامة، على غرار ما حدث في محطة جدة، وقبلها في مصافي “بقيق” و”خريص”، الأمر الذي لم يعد هناك شك في أن المملكة لن تستطيع حتى التعامل معه، فضلًا عن أن تتحمل تداعياته.
وعلى غرار العملية “الثانية” جاءت هذه العملية لتضيف تفاصيل جديدة حول مسار “كسر الحصار” إلى جانب تأكيد رسائله وخصائصه الرئيسية السابقة وأبرزها أن الأمر لم يعد يتعلق فقط بكميات من الوقود، بل بمعادلة الحرب والسلام التي يحاول النظام السعوديّ ورعاته الغربيون التهرب منها، والتي تقتضي إيقاف استخدام الملف الإنساني كسلاح أَو كورقة تفاوض وابتزاز.
ولعل أبرز ما أكّـدته العملية هو أن مسار “كسر الحصار” يختلف كَثيراً عن العديد مما سبقه من مسارات الردع العابرة للحدود، حَيثُ بات واضحًا أن قرار القيادة السياسية والثورية اليمنية بالتوجّـه لكسر الحصار عسكريًّا لا سقف له ولا يمكن الرهان على “كسب الوقت” في مواجهته أَو حتى على “تخفيف” وتيرته، وهذا ما يؤكّـده أَيْـضاً الإعلان “بنك أهداف خاص” و”ضربات مركزة”، وَأَيْـضاً وعيد القوات المسلحة بتنفيذ المزيد من العمليات خلال الفترة القادمة.
وبالرغم من أن السعوديّة لا زالت تستخدم مخاطر هذا المسار كورقة لاستثارة العالم الذي يطالبها برفع إنتاج النفط لتغطية احتياجات السوق، إلا أنها تبدو وحيدة أكثر من أي وقت مضى، ما يعني أن إصرار الولايات المتحدة على الاستمرار بالعدوان والحصار أكبر من أوجاع النظام السعوديّ، وهو ما يجعل استمرار الرياض بالتعنت مغامرة متهورة وخطيرة على أمنها ومصالحها.
يشار إلى أن تصاعد سحب الدخان من محطة أرامكو بجدة لا زال مُستمرًّا حتى لحظة الكتابة، وقد مرت أكثرُ من 24 ساعة، برغم إعلان النظام السعوديّ (مرة ثانية) عن السيطرة على الحريق.
وكان قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي أعلن، أمس الأول، أن العامَ الثامنَ سيشهد زخمًا صاروخيًّا وجويًّا، ومفاجآتٍ بحريةً، وأكّـد أن كُـلَّ محاولات الالتفاف على متطلبات السلام الفعلي لن تؤديَ إلى أيةِ نتيجة، موجِّهًّا النُّصْحَ لدول العدوان بوقف العدوان ورفع الحصار وإنهاء الاحتلال لتجنُّبِ العواقب.