سبب الأزمة وسر الحل .. بقلم/ عبدالخالق القاسمي
في حين تشهد دول العالم ارتفاعاً جنونيًّا في أسعار النفط الخام بما فيها أمريكا وحلفائها نتيجة الحرب الباردة بين أمريكا وَروسيا، وفي حين تمتلك روسيا حليفاً اقتصاديًّا بحجم الصين، فأمريكا يهمها ضمان جانبها أكثر، خُصُوصاً بعد الاستهداف اليمني الأخير لشركة أرامكو في جدة وغيرها من المدن السعوديّة رداً على استمرار الحصار، لذا ظهر المبعوث الأمريكي، تيموثي ليندركينج، في مشاورات قيل أنها يمنية يمنية، بل وبتواجده ظهر بأن جمع كُـلّ الأطراف الموالية للسعوديّة مقصود لإرسال رسالة تحذير من الأخطاء الفردية والتحَرّك العشوائي، وليظهر الاستسلام الأمريكي المؤقت في اليمن ريثما تنتهي الأزمة مع روسيا كأنه استسلام ما تسمى بالشرعية التي أخلت مسؤوليتها إعلامياً عن أي حصار للمشتقات النفطية في البحر، وبأن السبب في منع قاطرات السوق السوداء من الدخول إلى صنعاء، والأزمة في الجنوب أشد.
وفي حقيقة الأمر؛ لأَنَّ النفط لا يدخل إلى أكثر من ثمانين بالمِئة من سكان الشعب اليمني، فمسؤولية حكومة الفنادق تقع في محاولات تعويض خسائر منع المتاجرة على حساب العدد السكاني المتبقي في مناطقهم، أما المسؤولية الأكبر فتقع على عاتق دول تحالف العدوان التي تمتلك قدرات المنع والاحتجاز والتي تحتجز سفن النفط في موانئها، وهذه الحقيقة التي لا يمكنهم الهروب منها بوضع المرتزِقة على الواجهة، وإن أصر المرتزِقة في فنادق الرياض على أن احتجاز سفن المشتقات النفطية من قبلهم، فالسؤال هو لما لم يعلن إطلاق السفن إلا بعد استهداف جدة، وإن تم تجاوز هذا، فهذا اعتراف بالجريمة المتمثلة باحتجاز السفن وتبعاتها من قتلى في المستشفيات وفي النزاعات على المشتقات وغير ذلك وليس براءة من الجريمة، كما ليس كرماً الإعلان عن قرار يقضي بإنهاء الأزمة، وهنا يعرف المتابع نحو من يوجه السخط فيما يتعلق بأزمة الوقود.
أما بقية الملفات مثل ملف الأسرى فقد اتضح أَيْـضاً نحو من يوجه السخط، خُصُوصاً وصنعاء أكّـدت على مدى سنوات استعدادها للتبادل الكلي، بينما اليوم أعلن وزير خارجية هادي عن التوجيه الأمريكي لهم بالتعاطي الإيجابي بشأن ترتيبات إطلاق سراح الأسرى الكل مقابل الكل، وهذه النقطة بالذات تشكك في مصداقية تنفيذ كُـلّ ما أعلن عنه من الوقود إلى الأسرى إلى فتح مطار صنعاء، فالأسرى في صنعاء غير موزعين، ومع ذلك لا تعلم حكومة الفنادق أسماءهم وتتأخر في رفع قوائم الأسماء دائماً حتى اكتمال العدد بعد البحث عمن يعرف أسيراً لدى صنعاء في مواقع التواصل لمساعدتهم، بينما يتوزع أسرى الجيش واللجان بين تنظيم القاعدة والأحزاب والدول المشاركة في العدوان، لكن صنعاء ترفع أسماء الأسرى والجبهات وتاريخ الأسر ويصعب على طرف المرتزِقة تسليمهم، فإذا كانوا لا يعرفون أسراهم فمن المؤكّـد أنهم لا يبالون بأسرى الجيش واللجان، لذا تتكرّر حالات إعدام الأسرى من قبل المرتزِقة.
باختصار، أجبرت أمريكا على رفع الحصار، فأجبرت أدواتها، ولقاء مبعوث أمريكا بوزير خارجية الدنبوع مذكِّرًا إياه بأهميّة الاتّفاق دليل على من المتسبب بالأزمة، أما الاتّفاق فقد ينفذ وهذا لصالح كُـلّ اليمنيين، وقد يكون مسرحية هدفها امتصاص غضب الشارع اليمني الذي يطالب بمزيد من الضربات في العمق السعوديّ ولكن الكرة في ملعبهم، وإلا فالبديل المجنح والمسيَّر والله المعين.