دعونا نغسلْ قلوبَنا في رمضان .. بقلم/ احترام المُشرّف
(رَبَّنَا ظَلَـمْنَا أنفسنَا وَإِنْ لَـمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) طوال العام ونحن نتحدث عمن ظلمنا ونشكو ممن أذانا وندعو على من أوجعنا أَو هضم حقوقنا.
فهل نجعل من الشهر الكريم حساباً خاصاً مع أنفسنا التي ظلمناها باتباع هواها؟ هل نجعل من هذه الأيّام المباركة أَيَّـام محاسبة لأنفسنا؟ كم قصرنا في عباداتنا طوال العام وكأن الله لا يوجد إلا في رمضان، لنسأل أنفسنا ونكون صادقين في السؤال وفي الجواب ولا نختلق الأعذار بعدم الفراغ، لنسأل أنفسنا عن 330 يوماً وقد خصمنا 30 يوماً الذي هو شهر رمضان.
1- عندما نقرأ القرآن ونواظب عليه في شهر رمضان حتى أن البعض يقرأ اثنين أَو ثلاثة مصاحف فيه وهذا عظيم، أنت كم قرأت من القرآن طوال العام؟ هل خصصت حتى ساعة لتلاوة القرآن طيلة 330 يوماً اسأل نفسك وأجب عليها؟.
2- عندما نقوم الليل ونصلي في رمضان وهذا عظيم، أنت كم قمت من ليالي 330 يوماً اسأل نفسك وأجب عليها.
3- عندما تدعو وتخشع في الدعاء في رمضان وهذا عظيم، كم قمت تدعو وتخشع في دعائك طيلة 330 يوماً اسأل نفسك وأجب عليها؟.
فقط ثلاثة أسئلة وأجب عليها بصدق دون أعذار تختلقها، فالوقت هو الوقت في رمضان وغير رمضان والرب هو الرب في رمضان وغير رمضان، الذي اختلف هو أنت.
صائمون وصيامنا يحتاج إلى صيام عن اللغو في الحديث والسخط على الحياة والتبرم من المعيشة، نعم نحن في ضائقة، وربنا قد دلنا كيف نخرج منها: (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأموال وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا).
نعم، نحن في حرب وعدوان وربنا قد دلنا كيف ننتصر (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جميعاً وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ، إذ كُنْتُمْ أعداء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأصبحتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).
نعم، نحن تحت عدوان كوني، وقد تكالبت علينا الأمم ولكن ربنا قد دلنا كيف نواجههم (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).
نعم، ما نمر به طيلة سنوات العدوان هو عذاب ولكن ربنا قد دلنا كيف نخرج من هذا العذاب (وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).
لنستغفر ولكن إن استغفارنا يحتاج إلى استغفار، لا تدع ليدك ولسانك العنان في الأذية والسب والغيبة والنميمة وتأتي لتأخذ المسبحة وتستغفر ألفاً أَو ألفين أَو ثلاثة أَو أكثر، الاستغفار لن يسقط عنك ظلم من ظلمت بأي شكل من أشكال الظلم مادي أَو معنوي، فظلم العبد للعبد من الظلم الذي لا يترك، الاستغفار هو التزكية لنفسك والإنابة لربك والندم على ذنبك والتوبة من غفلتك والعزم على عدم العودة لزلاتك والحياء ممن عصيت.
ها هو شهر رمضان قد أقبل علينا لنغتنم فيه المثابرة على غسل قلوبنا التي رانت عليها الذنوب وكدرت صفاءها أدران المعاصي، ولتكن لدينا العزيمة والإصرار أن تستمر توبتنا وغسل قلوبنا طيلة العام.