رحماء بينهم.. معالجة ربانية واستجابة إيمَـانية .. بقلم د/ تقية فضائل
“رحماءُ بينهم” عنوان قرآني أصبح يمثل مشروعًا إيمَـانيًّا وإنسانيًّا راقيًا، يطبق بابًا من أبواب النظام المالي في الإسلام فيما يخص إنفاق المال العام لخدمة فئة مهمة في المجتمع وهي فئة الأسر الأشد فقراً التي خصها التشريع الإلهي بركن من أركان الدين ألا وهو الزكاة الركن الثالث الذي يعوَّلُ عليه في تخفيف معاناة فئات محدّدة من المجتمع تعاني الفاقة وسوء الأوضاع المادية.
وتنفذ المشروع الهيئة العامة للزكاة التي أثبتت وجودها في أوساط المجتمع بأداء المهام المناطة بها كما ينبغي، خَاصَّة في هذه الأيّام التي نعاني فيها من تداعيات العدوان الإجرامي والحصار الظالم التي تأثر بها الوضع الاقتصادي للبلد والشعب فأصبحت شريحة كبيرة جدًّا من أبناء الشعب تحت خط الفقر وبحاجة ماسة للدعم والاهتمام، ولمباركة السيد القائد العلم عبد الملك بن بدر الدين الحوثي -حفظه الله ورعاه- دليل على اطلاعه على أوضاع الشعب وحرصه الشديد على تلمس همومه واحتياجاته، وَيستهدف هذا المشروع مليون أسرة من مستحقي الزكاة بمبلغ عشرين مليار ريال.
هذا المشروع الذي لم يعتد الشعب على السماع به من قبل ناهيك عن الإفادة منه؛ بسَببِ إهمال فريضة الزكاة أَو صرفها في غير مصارفها والتلاعب بها من قبل النظام السابق -هذا المشروع- دليل على أنا نسير في اتّجاه بناء الدولة على أَسَاس النظام الإسلامي العادل، ولم تعد مدخرات الشعب ومقدراته مسخرة للفئة الحاكمة فقط ومن يواليها ويدور في فلكها.
ولو تأملنا هذا المشروع في إطار ما يعانيه الشعب في المناطق الواقعة تحت الاحتلال السعوديّ الإماراتي، لأدركنا الفرق الواضح، فبقدر ما تسعى قيادتنا الحكيمة إلى معالجة مشاكل أبناء الشعب وَإشعاره بحضورها إلى جانبه نجد عكس ذلك تماماً في المناطق المحتلّة التي يعاني فيها المواطن أضعاف ما نعانيه من مشاق وصعاب ولا يجد أدنى اهتمام من المرتزِقة أَو من المحتلّين.
أما دلالة تنفيذ هذا المشروع العظيم في هذه المرحلة التي يحرص فيها العدوّ على خنق المجتمع اقتصاديًّا لاستخدام ذلك ورقة ضغط لتحقيق أهدافه الاستعمارية، فهذا المشروع وغيره من أنشطة التكافل الاجتماعي التي ازدادت في شهر رمضان المبارك وسيلة من وسائل تعزيز الصمود الشعبي أمام العدوان وخططه الدنيئة.
ختامًا.. إن نجاح مشروع رحماء بينهم يجعلنا نأمل بالمزيد من المعالجات الناجعة لمعاناة الشعب بمختلف فئاته دون استثناء، وكلنا ثقة بأن قيادتنا الحكيمة لن تألوَ جهدًا في ذلك، وما نحتاجه فقط هو إعمال أذهاننا في البحث عن حلول ومخارج واقعية وممكنة ترفع عن كاهل المواطن الأثقال التي انهكته مادياً ونفسياً وذهنياً، كما أن الحاجة إلى شخصيات قيادية على مستوى عال من الكفاءة والخبرة والأمانة والإخلاص والشعور بآلام الشعب هو قطب الرحى وعليه يعتمد نجاح أية مساع أَو فشلها والواقع خير برهان.