الصمّاد مثّل أصالة الشعب وأرضى طموحاته .. بقلم د/ تقية فضائل
في ذكرى استشهاد الرئيس أبي الفضل صالح الصماد، سمعنا وقرأنا من الكلام أجمله وأعذبه وأصدقه وأكثره عقلانية وواقعية، وبدا جليًّا أن أبناء الشعب بمختلف فئاتهم وَتوجّـهاتهم وثقافاتهم وجدوا في الصماد ما كانوا يأملونه ويرجونه في رئيس يمثل اليمن واليمنيين بأخلاقهم وأصالتهم وهويتهم الإيمانية، إنه حقاً صورة مشرفة ترفع رؤوس أهل اليمن وتعلي شأنهم أمام العالم، كما أنه ريان شجاع حكيم قاد السفينة في أعتى العواصف وأخطرها وهو يقف في مقدمة الصفوف ممسكاً دفة القيادة بكل ما أوتي من قوة ليصل بأمته بر الأمان، وهو قادر على احتواء الشعب بمختلف فئاته وانتماءاته يوفق بينهم ويصلح ذات بينهم وَيتقي الله فيهم وَيقيم العدل على أسس دينية صحيحة، وكان لانطلاقته الجهادية وعنايته بالمجاهدين، يعكس ثقافته القرآنية التي تحث القائد على تحريض الناس على الجهاد في سبيل الله، وهذا لا يتم إلا بوجوده في أوساط الجماهير يتابع ويوجه ويشجع، هذا وكثير غيره من آمال الشعب اليمني الذي ذاق ويلات تولي المجرمين الجهلة الظالمين الفاسدين الراضخين للإملاءات الخارجية؛ فجهلوا الشعب وظلموه وجعلوه من أكثر الشعوب تنازعاً وَتأخراً وفقراً وتخلفاً رغم كُـلّ ما يملكه من مقومات النهضة من موقع جغرافي وبحار وممرات وَثروات مادية وبشرية وثقافية وتاريخية وحضارية لا تتوافر لغيره من الشعوب، كُـلّ ما ارتكبه النظام السابق في حق شعبه يهدف من خلاله لتحقيق مصالح من دعموه ليصل إلى الكرسي حتى لو كان ضد مصلحة شعبه واستقلال بلاده وقرارها السيادي، وحرص على الوصول إلى مصالحه الفردية والأسرية ومصالح فئة تعينه على قمع الشعب والسيطرة عليه والإيحاء له بأنه يعيش حياة طبيعية وجيدة وأنه لا يملك سوى القليل من مقومات النهوض ومن الطبيعي أن يتسول به عند الدول كلما سنحت له الفرصة، وكانت سياسة تزييف التاريخ وفتح المجال أمام الفكر الوهَّـابي لتشويش فكر اليمنيين وطمس معالم الدين الإسلامي الصحيح واقعاً نحياه وخطراً يحدق بالشعب والوطن حاضراً ومستقبلاً، وبعد هذا الوضع المأساوي المخزي الذي كان يشعر به أبناء الشعب الأحرار الذين لم يعاصروا زمناً في تاريخهم المجيد يعاملون فيه باستخفاف واحتقار في وسطهم الإقليمي والعالمي؛ بسَببِ ما عكسه النظام الفاسد للآخرين من صورة مشوهة وَضعيفة ومتخلفة وجاهلة وفقيرة وَإرهابية.
لقد جاء الرئيس الصماد بمشروع يؤسس لبناء الدولة اليمنية الحديثة على أسس وطنية وَعلمية حديثة، وهو طموح كُـلّ يمني وطني حر، وهو مشروع واقعي قابل للتنفيذ بما توافر من إمْكَانات وَبتكاتف جهود أبناء الشعب وخبراته وقدراته، وهذا المشروع يسعى لتأمين اليمن من الأخطار المحدقة به من القوى المعادية وحمايته وبناء جيشه الوطني القوي من جانب، كما أنه في جانبه الآخر يصبو إلى تحقيق نهضة حضارية قائمة على الاكتفاء الذاتي الذي يؤدي إلى استقلال سياسي واقتصادي وثقافي من جانب آخر.
بينما لم نسمع عن أية مشاريع مشابهة فيما مضى باستثناء ما طمح له الرئيس الحمدي -رحمه الله- وإن كان لم يتمكّن من تحقيقه؛ بسَببِ أيادي الغدر التي اغتالته لتقضي على مشاريعه الوطنية العظيمة في مهدها وهي ما تزال خططاً، ولم ينفذ من جاء بعده إلا القليل جِـدًّا منها وهو ما يحقّق مصالحه الفردية التي تبقيه على كرسي الرئاسة أطول فترة ممكنة، ورغم الوعود والأماني التي سمعنا عنها في مختلف برامج الانتخابات، ولكنا لم نلمس شيئاً منها على أرض الواقع، ولو تأملنا حقيقة ما كان يجري لوجدنا الجيش اليمني سابقًا مبنياً على أَسَاس الولاءات لجهات وأسر متعددة وليس الولاء للوطن وقد كشف العدوان هذه الحقيقة المخيفة التي كادت تعصف باليمن لولا أن سخر الله له رجالاً شرفاء حموه بحدقات أعينهم وردوا عدوه خاسراً مدحوراً.
وأما الاكتفاء الذاتي فلم يناد به أحد من قبل المسيرة القرآنية ولم يقدم ضمن الخطط التنموية، بل كان الشعب اليمني شعباً مستهلكاً بامتيَاز؛ كونه يلبي معظم احتياجاته من خلال استيرادها من الخارج، وترتب على هذا الكثير من مشاكل حياته في جميع نواحي الحياة وهو سبب رئيس فيما تعانيه البلاد من الكثير من الإشكالات والسلبيات أَدَّى إلى تخلف جميع نواحي الحياة.
خلاصة ما أراد هذا المقال إيصاله هو أن رئيسنا الشهيد استهدفه العدوان؛ لأَنَّه أدرك خطورة بقائه، فبقاؤه يعني حرية اليمن واستقلاله واكتفائه ذاتياً وتطوره ونهضته وعزة شعبه.
ويهناك الفوز العظيم -رئيسنا الشهيد- وعظم الله أجرنا وجبر مصابنا في فقدك.