اليمنيون والإمام علي عليه السلام.. ارتباط وثيق لا ينقطع
المسيرة- منصور البكالي
يحتلُّ الإمامُ علي بن أبي طالب -عليه السلام- مكانةً عظيمةً في قلوب أبناء الشعب اليمني منذ أن أرسله رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- لدعوتهم ومبايعتهم وتبليغهم دين الله.
وإلى اليوم يتعمق حُبُّ اليمنيين للإمام علي –عليه السلام- ويزداد ارتباطهم وتعلقهم به من يوم لآخر، وهذه من الأسرار التي خصهم الله بها، ليكونوا أقربَ عباده إليه، وأصدقهم وأكملهم إيمَـاناً به.
ومن البصمات الحية والمُستمرّة للإمام علي -عليه السلام- في تفاصيل حياة أبناء الشعب اليمني، بعد استشهاده، أن تجدَه حاضراً وبقوة في شجاعتهم وقيمهم ومروءتهم وصمودهم وتضحياتهم واستبسالهم وجهادهم وسخائهم وتراحمهم وتعاونهم وتكافلهم وهم يواجهون العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ منذ ثمانية أعوام، مستمدين شجاعتَهم من شجاعة الإمام علي، وتضحياتهم من تضحيته، وإخلاصهم من إخلاصِه وإحسانهم من احسانه وكل صفة فيه تتجسد اليوم فيهم.
ويقول الأُستاذ إبراهيم العياني: إن الإمام عليًّا -عليه السلام- هو عَلَمٌ من أعلام الأُمَّــة ووصيُّ رسول الله محمد -صلوات الله عليه وعلى آله – الذي قال عنه: “لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق”، وهو الذي أنزل الله فيه (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ).
ويضيف العياني في حديثه لصحيفة “المسيرة” “إنما نراه في حال أُمَّـة المليار والثمانمِئة المليون وهي تحت أقدام اليهود هو بسَببِ بُعْدِها عن الإمام علي -عليه السلام- ومخالفتها لرسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- بعد وفاته وافتراقها عنه وعما وجهها وحثها عليه وبلّغها بأهميّة الولاية للإمام علي -عليه السلام- ومن هم من بعده، من آل البيت، وَإذَا عادت الأُمَّــة إلى الإمَام عليّ وإلى من يمثلونه اليوم ومن هم امتداد لولايته بين أظهرنا فستعود إلى مجدها وعزتها وستنتصر على اليهود، وستكون هي النعمة المهداة للعالمين”.
وعن ارتباط شعبنا اليمني بالإمام علي -عليه السلام- يقول العياني: “شعبنا اليمني مرتبطٌ به ارتباطا وثيقا جِـدًّا، وكان أول ارتباط لليمنيين في جمعة رجب حين دخل الناس في دين الله أفواجا، واليمنيون ولله الحمد مرتبطون به وبنهجه ومتشيعون فيه حتى نشاهد أن الكثير من أبناء شعبنا اليمني بعد صلاتهم يصلون على محمد وآل محمد وَإذَا توسلوا إلى الله توسلوا بمحمد وآل محمد، وكذا على مستوى تشييع الجنازة يكون شعارهم “لا إله إلا الله، محمد رسول الله، عليٌّ ولي الله، فاطمة أُمَّـة الله، الحسنان صفوة الله”.
ويتابع: “حتى حين ما يحتضر البعض للموت شاهدتهم وهو يقولون: “أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، وأن علياً ولي الله” وهذا يدل على الارتباط الوطيد بالإمام علي -عليه السلام- وهذه نعمة بما يمثله شعبنا اليمني من هُــوِيَّة إيمَـانية، وهذا بركة من بركات الإمام علي وارتباطنا به”.
روحانية عظيمة
من جانبه، يقول المواطن يوسف الحرازي: أنا والكثير نقدم إلى جامع الإمام علي -عليه السلام – متجاوزين عدداً من الجوامع؛ تلمُّساً لقداسته وروحانية أداء الصلاة فيه، وهذا ما نجدُه في مشاعرنا ونحن نؤدِّي الصلاة هنا، وهذا الجامع من المشاعر المقدسة والمرتبطة بهُــوِيَّتنا الإيمَـانية، كما يحيي فينا قيمَ ومبادئ الولاية للإمام علي -عليه السلام- ويقوي فينا أهميّةَ التمسك بصفاته وأخلاقه ومكارمه وعلمه وتقواه.
ويؤكّـد الحرازي في حديثه لصحيفة “المسيرة” أن الشعبَ اليمني المجاهد قد حقّق الكثيرَ من المعجزات الخارقة منذ ثمانية أعوام، وَإذَا لم تكن تلك بمعجزات فما هي المعجزات؟ أخبرونا، لقد هزمتم ويجب عليكم الإصغاء لخطابات قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي الذي هو امتدادٌ لولاية الإمَام عليّ -عليه السلام- إن أردتم الخروج من المستنقع الذي أوقعتم أنفسكم فيه.
ويتعرض المكانُ الذي خَطَبَ فيه الإمَام عليّ –عليه السلام- للإهمال الكبير والتشويه شبه المقصود.
وبهذه العبارة، يقول المواطن إسماعيل محمد صالح الشيباني، صاحب محل قريب من البوابة الشرقية لحلقة الإمام علي -عليه السلام- في صنعاء القديمة، كما هو حالها وأنت داخل إليها من بوابتها الكبرى ترى القمامة المكدسة، وكأنه لا وجود للنظافة وعمالها هناك ولا مسؤولية لدى قيادة أمانة العاصمة وقيادة السلطة المحلية في مديرية صنعاء القديمة بالتحديد، أَو كان هناك نوعٌ من التشويه المتعمد والمقصود لعزل الناس عن المكان الذي خطب فيه الإمام علي -عليه السلام- وبلغ اليمنيين رسالة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- حين أرسله إلى اليمن”.
ويتابع الشيباني في كلامه لصحيفة “المسيرة”: “ما شاهدناه أن هذا المكانَ يحظى بالاهتمام في يوم جمعة رجب فقط وبقية أَيَّـام العام كأنه لا قيمة له، وهذه إشكاليةٌ يجبُ على الجهات المعنية استشعارُ مسؤوليتها تجاه مَعْلَمٍ من المعالم التاريخية والدينية التي تربطنا بمصدرٍ من مصادر الهُــوِيَّة الإيمَـانية لشعبنا اليمني الذي نفخر به، ويعتبر اهتمامُنا بتنظيف هذا المكان شهادةً على احترامنا للإمام علي -عليه السلام- أَيْـضاً ولقداسة المكان الذي وقف فيه وسط اليمنيين آنذاك”.
ويلاحظ أن المكانَ الذي وقف فيه -عليه السلام- يستغل كساحة وَمكان لركم بعض المواد والخشب حتى يكاد المعلم التاريخي أن يختفيَ وضاعت كُـلُّ ملامحه، كما رصدنا غيابَ اللوحات المعدنية المفترض وجودها والكتابة عليها اسم المكان والحلقة والمقام والجامع القديم الذي كان موجوداً في ذات الحلقة”، وهذا بلاغ للجهات السياحية نابعٌ من حبنا للإمام علي -عليه السلام- واستشعارنا للمسؤولية وصدقنا فيما يجب أن نقولَ في موادنا الإعلامية، وحرصنا على النهوض بالسياحة الدينية المعبرة عن هُــوِيَّتنا الإيمَـانية”.
مكرمة عظيمة
من جهته، يقول الحاج أحمد علي صالح، ذو التسعين عاماً: “ما أعرفه عن الإمام علي -عليه السلام- أنه خرج إلى اليمن ووقف في الجبّانة، أي مصلى الحلقة، بجوار بيت امرأة تدعى أم سعيد البردقية الذي أسلمت على يديه وتبرعت بالمصلى الذي سُمِّيَ بجامع علي الذي كان حجمه أصغر من هذا الجامع، وفي ما بعد قدمت الأوقاف بإغلاقه وتوسعة البيت الذي كان يقيم في الإمام علي -عليه السلام- وتحويله إلى جامع وهو هذا الجامع وليس الأول.
ويتابع: “لشعبنا اليمني مكرمة عظيمة بكرامة علي -عليه السلام-؛ ولذا تجد أن اسم “علي” من ضمن الأسماء الأكثر انتشاراً بين أبناء شعبنا اليمني، وهذا يعبر عن ارتباطنا به”.
ويضيف الحاج أحمد في كلامه لصحيفة “المسيرة”: “في هذه الذكرى لاستشهاد الإمام علي استشهد علي وشعبنا اليمني من أقوى الشعوب ارتباطاً به ولا نزال إلى اليوم أكثر شعوب الأُمَّــة تولياً له، ولنا في قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي خيرُ عَلَمٍ من أعلام آل البيت يجدد ارتباطنا بالإمام علي -عليه السلام- وكل مجاهد من مجاهدي جيشنا ولجاننا الشعبيّة يحملون روحيةَ علي وعزمَه وإرادته وشجاعته وعنفوانه وقيمه وأخلاقه، ولن يتمكّن العدوان الأمريكي السعوديّ وأدوات النفاق في هذا العصر من تثبيطنا عن التولي لعلي “عليه السلام” ولمن هم امتدادٌ لولايته، ولمن على أيديهم وباتّباعهم تنتصر الأُمَّــة بإذن الله”.