فلسطين في قلـــــب اليمن وقائده: الجهادُ الحقيقةُ التي نؤمنُ بها .. بقلم/ عبدالقوي السباعي
القيادةُ الثورية في اليمن منذُ اليوم الأول لثورة الـ 21 من سبتمبر 2014م المباركة، دأبت على تجديد العهد مع القضية الفلسطينية ومقدسات الأُمَّــة على أرض فلسطين، ولأنها أرض مقدسة ومسرى نبي هذه الأُمَّــة -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم- فقد بقيت ولا تزال قبلة المجاهدين الأخيار، وجذوة إلهام الثوار، ومسار تحَرّك المقاومين الأحرار.
السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، وفي كلمته صمن فعاليات منبر القدس أكّـد أن “شعبا العزيز وإلى جانب أحرار الأُمَّــة، ومحور المقاومة والجهاد سيسعى إلى تضافر الجهود ورفع مستوى التعاون والتنسيق في إطار هذا الهدف المقدس والنهوض بهذه المسؤولية الدينية والإنسانية؛ باعتبَار ذلك من أسمى وأقدس وأشرف ما تجتمع عليه الأُمَّــة”، وهذا إنما يؤكّـد على ثبات موقف الشعب اليمني تجاه القضية الفلسطينية ويؤكّـد للفلسطينيين أنهم ليسوا وحدهم، بل باتت معهم وإلى جانبهم الأُمَّــة كلها، بشعوبها المسلمة الحرة الأبية، وبإرادتها الصادقة وقدراتها الكاملة، يقفون إلى جانبهم ويؤيدونهم، وينصرونهم ويساعدونهم، ويدعمونهم ويساندونهم، بكل ما أوتوا من قوةٍ وإمْكَانات.
فمَن يعرف اليمن ما قبل عام 2014م، يُدرِكُ مدى التغير الكبير الذي طرأ على الساحة اليمنية لجهة الانتقال من ضفةٍ إلى أُخرى، وكيف أن إملاءات كانت قد فُرضت على الشعب اليمني طيلة عقودٍ من الزمن، فيما يخص موقف هذا البلد العربي الأصيل من القضية الفلسطينية والقدس الشريف.
طيلة عقود وحقب تاريخية متعاقبة حاولت الدول المؤثرة على الساحة اليمنية، وعلى رأسها السعوديّة، طمس حقيقة تأييد الشعب اليمني للمقاومة الفلسطينية، من خلال السيطرة على القرار السياسي والتضييق على الأحزاب القومية منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي، مُرورًا بتورطها باغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي عام 1977م، الذي عمل على تعزيز الوحدة اليمنية، وُصُـولاً إلى شن الحرب العدوانية الأخيرة في محاولةٍ منها ومن خلفها قوى الهيمنة والاستكبار العالمي لإحكام السيطرة على السيادة والقرار اليمني.
غير أن القيادةَ اليمنية اليوم وخلال تصريحات سابقة أعلنت موقفَها الثابت والمبدئي تجاه فلسطين، والتي حمل آخرها تثبيت معادلة “الحرب الإقليمية”، فمن منبر القدس أعلن السيد القائد: “تبنّينا الجاد والصادق للمعادلة التي أطلقها سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله -يحفظه الله- والتي جاء فيها أن أي تهديد وجودي للقدس يعني حربا إقليمية”، وقال: “لن نتوانى عن المشاركة بكل ما نستطيع مع أحرار الأُمَّــة والشعب الفلسطيني والمجاهدين في فلسطين وإخوتنا في محور المقاومة”، مؤكّـداً، على أن الجهاد هي “الحقيقة التي نؤمن بها، وإيماننا بها جزء من إيماننا بكتاب الله، القرآن الكريم، ومن إيماننا بوعد الله الحق أن الكيان الصهيوني في سيطرته على فلسطين كيان مؤقت محتوم زواله، ومحتوم الانتصار عليه على أيدي عباد الله الموعودين وهي الحقيقة التي يشهد لها الواقع”.
والمتتبع لهذا الخطاب سيدرك أنهُ يعكس دلائل ورسائل عدة، من أبرزها:
أن تموضع اليمن إلى جانب فلسطين، والهُوية العربية للمنطقة أمر محسوم، وأن الشعب اليمني لا يمكن أن يتخلى عن اعتقاداته ومسؤولياته تجاه الأُمَّــة العربية والإسلامية والقضية المركزية لها.
لقد جاء هذا الخطاب مُعلناً انتهاء زمن الوصاية على القرار والسيادة اليمنية، ومؤكّـداً على فشل كُـلّ جهود “الوهبنة” التي كانت تعمل على مأسستها الأنظمة السابقة طيلة العقود الماضية، ويعكس حجم ومدى التحول السياسي والثقافي الكبيرين في اليمن.
جاء ليؤكّـد أن الشعب اليمني العظيم لن يجد نفسه اليوم ضمن قطيع التطبيع والانبطاح مع الاحتلال الصهيوني، وقطعان الذل والهوان، بل سيكون ضمن محور المقاومة والممانعة والمواجهة لكل قوى الهيمنة والاستكبار الإقليمية والدولية.
لقد سعى السيد القائد من خلال خطابه التأكيد، على أن اليوم الذي كان يخشاه الكيانُ الغاصب ويتهيب منه، ويستعد له ويتهيأ لمواجهته، ويحرّض عليه ويعمل على تشويهه، ويحلم بتجاوزه ويتمنى إجهاضه، قد جاء من قبل اليمن في “وعد الآخرة”.