لا لدولةِ الصهاينة في فلسطين .. بقلم/ رويدا البعداني
من بعيدٍ، وتحديدًا منذُ ثلاثة وسبعين عاماً أقدمت شرذمة من الانجليز بتواطؤ مع شُذّاذ آفاقٍ من يهود على إجلاء شعبٍ من أرضه وتهجيره، وإحلال يهود مكانه جورًا وظلمًا واعتداء؛ وذلك للاستيطان على تلك الأرض المقدسة “فلسطين الأبية” كان ذلك بموجب سياستهم الموجبة التي انطوت تحت وعد “بلفور” والتي عُرفت بسياسة “الوطن القومي اليهودي”. لكن الحكاية لم تنتهِ هنا؛ لكنها للتوِّ بدأت.
ففي الوقت الذي أعلن فيه الكيان الصهيوني قيام دولة إسرائيل برعاية بريطانيا العظمى آنذاك، واحتلال فلسطين، هبَ أبناء غزة للدفاع عن تاريخ آباءهم وأجدادهم، وصد كُـلّ من سولت له نفسه المساس بمقدراته الإسلامية، وأرضه المباركة. ومن هنا اندلعت الثورات، واستل سيف المقاومة الفلسطينية من غمد بقاعها ورقاعها ولم ولن يُغمد حتى تتم عودة فلسطين كُـلّ فلسطين وعلى رأسها القدس الشريف وتاجها الأقصى السليب.
وبداية من قدسنا الميمون والذي وقعت فيه الثورة الأولى، أما الثورة الثانية فقد نشبت في مدينة يافا وكان من وقائعها، الاعتداء على النساء والأطفال، وقتل الكهول بأفظع الطرق، التخريب وقتل الأبرياء دون رحمة، عدا عن الحرق والتشويه الذي رُشق على الأجساد والوجوه بماء الفضة.
بعد ذلك وقعت بين عامي ١٩٢١ وَ١٩٢٩ ثورات أُخرى متعددة، في القدس وحيفا وغزة وبيسان ونابلس. بعدها حدثت ما سُميت بـ”ثورة البراق”؛ كونها غارت؛ بسَببِ اعتداء اليهود على البراق الشريف والمسجد الأقصى والتي كانت في ١٩٢٩. والتي وقعت في القدس والخليل وصفد ويافا وحيفا وقضاء غزة.، إذ حمل أبطالها تضحيات جسيمة، وعلى إثرها عُلق على أعواد المشانق الكوكبة الأولى من الشهداء. وكان ضحاياها مئات كثيرة. هذا غير إهانة الأضرحة المباركة وهدمها، والاعتداء على القرآن الكريم وتمزيقه.
وفي عام ١٩٣٣ تفاقم الخطر اليهودي، وغدت قوى الاحتلال تطالب بالهجرة والاستيطان على مساحات واسعة، وإجلاء من فيها، وهذا بدوره أجج نار الثورة التي سُميت ب”ثورة المظاهرات” التي وقعت في القدس وحيفا عام ١٩٣٣ وعليه قرّر الشعب البدء بالمظاهرات؛ رفضًا واحتجاجا لذلك. وفي خضم تلك المظاهرات العنيفة، اصطدم المتظاهرون بالبوليس الانجليزي، ولكونهم عُزلًا من السلاح، لم يكن منهم إلا رفع النعال وترشيق البوليس إياها. أما في حيفا فقد لجأووا للرمي بالحجارة، والهجوم بالعصي حتى هزموه. وقد راح ضحية هذه المعركة ٢٧ رجلًا، وجُرح نحو مِئة.
ونهاية بالثورة الكبرى، التي ما برحت أرض فلسطين حتى يومنا هذا. والتي بدأت في يوم الأحد، ١٩ نيسان عام ١٩٣٨. نعم إنها الثورة الفلسطينية التي أضحت تكبر وتزهو مع أشجارها وأحجارها وأطفالها كلما تصرم عليها الزمن. وللنيل من هذه الثورة ارتكب جيش الاحتلال أعتى الأساليب الهمجية، التي لم تُسن في صكوك الحرب، ولا تُشرع في أي كتاب مقدس.. نسف المدن والقُرى.. هدم المباني العامرة.. تخريب بيوت الله.. التشويه وحرق الآدميين.. التعذيب الجسيم.. إهانة الأضرحة المقدسة.. تمزيق كتاب الله الحكيم.. التفتيش الذي همهُ النهب والتعذيب، ومصادرة ممتلكاتهم الثمينة، وإتلاف ما بحوزتهم من مؤونة، وتشريد الأهالي من قُراهم، هذا غير حجز النساء داخل أسلاك شائكة ليقارعن هجير الشمس الحارقة، أما الأطفال فقد نصبوا لهم أسلاكًا ووضعوهم داخل الأسوار على مرأى الشمس الحارقة حتى المواشي تم مصادرتها.
نعم.. فليس هناك شعب قد رزح تحت وطأة المعاناة، وعاش تحت ظلال الضيم والإجحاف طيلة القرن العشرين على يد المشروع الصهيوني كما الشعب الفلسطيني، وعلى الرغم من هذا إلا أنه قاوم، وجاهد، وقاتل، وثبُتَ، وما زال. وواقعنا اليوم كفيلًا بأن يتحدث.