انطلاق أولى رحلات الهُدنة يبرز بشاعة الحصار المفروض على اليمن
المسيرة | خاص
أعاد انطلاقُ الرحلة الجوية الأولى من رحلات الهُدنة تسليطَ الضوءِ على وحشية الحصار الذي يفرضه تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي على اليمن حَيثُ مثّلت البهجةُ الشعبيّة الواسعة بالرحلة دليلاً واضحًا على أن إغلاق المطار يمثل عقاباً جماعياً تعسفياً يدين مرتكبيه ويحتمُ على المجتمع الدولي مغادرةَ مربع الصمت إزاء انتهاك وسلب الحقوق الإنسانية المشروعة لليمنيين.
وقال عضو الوفد الوطني المفاوض، عبد الملك العجري: إن “الفرحة التي غمرت الناس بمشهدِ أول رحلة جوية تحُطُّ في مطار صنعاءَ المغلَق منذ ست سنوات تكشف مدى بشاعة الحصار المفروض على اليمن”.
وانطلقت رحلة (صنعاء -عمّان -صنعاء) وسط احتفاء شعبي كبير؛ بسَببِ المعاناة الكبيرة التي جلبها الإغلاق التعسفي للمطار على المواطنين وعلى المرضى منهم بشكل خاص، حَيثُ حرم الآلاف منهم من فرصة الحصول على العلاج في الخارج، كما حرم عدداً كَبيراً من العالقين من حق العودة إلى الوطن.
ويعرض إغلاقُ مطار صنعاء الكثيرَ من المواطنين لجرائم وانتهاكات وحشية، حَيثُ يضطر المحتاجون للسفر إلى المرور عبر طرق طويلة محفوفة بالمخاطر للوصول إلى المطارات الواقعة تحت سيطرة الاحتلال، وهي طرق يسيطر عليها مسلحو المرتزِقة الذين يقومون بالتقطع للمسافرين ونهب ممتلكاتهم والاعتداء عليهم.
وشهدت السنوات الماضيةُ عدداً كَبيراً من جرائم التقطع والاختطاف والقتل الذي تعرض لها المسافرون في مناطق المرتزِقة، كان من أبرزها جريمة اختطاف وقتل الشاب عبد الملك السنباني ونهب ما كان بحوزته على طريق عودته من مطار عدن.
وأكّـد العجري أن ابتهاجَ الناس بانطلاق الرحلة الأولى من مطار صنعاء “يدين الصمت العالمي تجاه إصرار العدوان على عزل الشعب اليمني عن العالم، ويدعو المجتمع الدولي للقيام بواجبه تجاه الاستحقاقات الإنسانية التي لا يجوز المساس بها تحت أي ظرف”.
ويستخدمُ تحالُفُ العدوان حَقَّ السفر من وإلى مطار صنعاء الدولي كورقة مساومة وضغط للحصول على مكاسبَ سياسية وعسكرية، الأمر الذي يعتبر انتهاكًا للقوانين والأعراف الدولية والإنسانية، غير أن الأممَ المتحدة تتواطأ بشكل فاضح لـ”تطبيع” هذا الابتزاز وفرضه كخيار سلام ضروري!
ونَصَّ اتّفاق الهُدنة على تسيير رحلتين تجاريتين أسبوعياً من وإلى مطار صنعاء الدولي، غير أن تحالف العدوان رفض تنفيذَ ذلك طيلة شهر ونصف، وسمح بتسيير الرحلة الأولى قبل أسبوعين فقط من انقضاء الهُدنة الأمر الذي اعتبره العديد من المراقبين محاولة مكشوفة للمراوغة وتضليل الرأي العام والعالم.
وكان نائبُ وزير الخارجية، حسين العزي، أكّـد، أمس الأول، أنه تم الاتّفاق مؤخّراً على تسييرِ رحلتين تجاريتين يوميًّا، فيما تبقى من فترة الهُدنة؛ مِن أجلِ تعويضِ الرحلات التي كان يفترض تشغليها خلال الأسابيع الماضية، وحذر من أن أية عرقلة من جانب تحالف العدوان قد تؤدي إلى نسف الاتّفاق والعودة إلى مربع الحرب.
ويمثل اتّفاق الهُدنة اختباراً رئيسياً لجدية تحالف العدوان والأمم المتحدة في التوجُّـهِ نحو سلام حقيقي، غير أن المؤشرات من جانبهم حتى الآن تؤكّـدُ إصراراً كَبيراً على استمرار الحصار ومواصلة استخدام الملف الإنساني كورقة تفاوض.
وكان تحالُفُ العدوان قد حاول طيلة السنوات الماضية، اختلاقَ العديد من الذرائع لإبقاء مطار صنعاء الدولي مغلقاً، وخلال الأسابيع الماضية أعاد وضعُ مسألة “الجوازات” كعائق أمام تنفيذ الاتّفاق، لكن انطلاقَ رحلة الاثنين، كشف زيف كُـلّ تلك الذرائع وأسقطها بصورة نهائية، وأثبت أن الهدفَ الرئيسي والوحيدَ من إغلاق المطار كان التضييق على المواطنين والتلذذ بمعاناتهم، وهو الأمر الذي يجعل من أية محاولة جديدة لعرقلة الرحلات الجوية أَو إعادة إغلاق المطار مجاهَرةً عدوانيةً بالتعنت ورفضًا صريحًا وواضحًا للسلام، وهو ما قد يقودُ إلى عواقبَ وخيمة.