الهُدنة في مفهوم الأمم المتحدة . بقلم د/ فؤاد عبدالوهاب الشامي
منذ تأسيس الأمم المتحدة عام 1945م لم تتمكّن من حَـلِّ معظم مشاكل العالم الكثيرة التي تُكلَّفُ بحلها، فأقصى ما يمكن أن تقومَ به هو إعلانُ هُدنة مؤقتة -كما تقول- بين الأطراف المتحاربة أَو المختلفة تم تترك القضية معلقةً مع وجود لاجئين ينتظرون الحل النهائي والأمم المتحدة تتكفل برعايتهم من خلال إنشاء مكتب يهتم بشئونهم ويتلقى الدعم من دول العالم؛ دعماً لهم وهي المستفيدُ الأكبر، ولا تدخل ضمن اهتمامها الفترة الزمنية التي سيمكث فيها أُولئك اللاجئون في أماكن اللجوء خارجَ مناطقهم.
وَإذَا استعرضنا بعض القضايا التي تعملُ الأمم المتحدة على حلها سوف نجدُ أنها تؤكّـد ما ذهبنا إليه، ومن أهم تلك القضايا قضية فلسطين التي كانت من أوائل القضايا التي أصدر مجلس الأمن قراراً فيها، وهو قرار التقسيم عام 1947م الذي رفضه الفلسطينيون في حينه، واستمرت القضية في إطار هُدنة ترعاها الأمم المتحدة، وكلما حدث تصعيد بين الفلسطينيين والصهاينة تدخلت الأمم المتحدة لإعادة العمل بالهُدنة، ومرت السنوات والهُدنة محافظ عليها والمخيمات الفلسطينية قائمة في غزة وفي الضفة الغربية وفي لبنان وسوريا، ومكتب الأونروا التابع للأمم المتحدة مُستمرّ في جمع الأموال من الدول المانحة وصرف جزء منها على اللاجئين الفلسطينيين وما تبقى وهو الأغلب يُصرَفُ على موظفي مكتب الأونروا.
وتأتي بعد قضية فلسطين في الأهميّة قضية كشمير التي تعتبر قضية إسلامية؛ لأَنَّ غالبية سكانها من المسلمين، وقد ظهرت القضية الكشميرية بعد تقسيم الهند عام 1947م عندما تُرك الإقليم دون تحديد انتمائه للهند أَو باكستان وبذلك قامت الحرب بين الدولتين ثم صدر قرار من مجلس الأمن عام 1949م لوضع حَـلّ لهذه القضية وتحول الوضع إلى هُدنة يتم اختراقها من وقت إلى آخر ولم تحل إلى يومنا هذا، وَأَيْـضاً قضية الجولان وقضية الصحراء الكبرى وقضية قبرص وغيرها من القضايا الأُخرى التي تعمل الأمم المتحدة على حلها ويتم استخدامُها من قبل الدول الكبرى للضغط على أطرافها وقتَ الحاجة.
وتأتي هُدنة اليمن في هذا الإطار ولكن صنعاء تعي أهداف الأمم المتحدة من إعلانها للهُدنة، ولذلك وضعت شروطًا مزمَّنة للهُدنة، ولن يتم تحقيق أهداف أعداء اليمن مهما كانت الظروف.