الأوقافُ والارتباطُ الديني والإيمَاني .. بقلم/ محمد يحيى فطيرة
يعد الوقف عملاً من أعمال الخير والبر والإحسان الذي يمتاز به اليمانيون عن غيرهم من بقية شعوب العالم، حيث والمجتمع اليمني من أكثر المجتمعات التي أوقفت أموالاً وأصولاً كَثيراً على مر عقود وأجيال وقرون من الزمن، وهناك الكثيرُ من الأوقاف التي أوقفها أجدادنا وآباؤنا الواقفون، بدافع القربة إلى الله “سبحانه وتعالى”، وبما يحملونه من روحٍ طيبة ومحسنة، تبتغي وجه الله سبحانه وتعالى، لذا فَـإنَّ المحافظة والالتزام تجاه الوقف قربة تقربنا إلى الله زلفى.
وما لا يعرفه العامة من الناس أن الوقف في عمومه مشروع إسلامي استثماري، جاء به الإسلام ليُعليَ شأنَ الدولة الإسلامية ويحصِّنُها من آفات الفقر، ولتغطية العجز الذي قد يحدث في ميزانية الدولة، أَو في الحالات الصعبة التي تمر على العالم أجمع بعد أن صار قرية واحدة، إذَا اشتكت منه دولة تداعت كُـلّ الدول؛ بسَببِ الأزمة، ولهذا كان الإسلام الدين الحنيف الذي يرى أن الدولة الإسلامية لا بد أن تظل أركانها متينة لا تؤثر عليها أية صراعات ولا هوى بعض الناس وميلهم إلى الفساد، فهناك قوانين تردع الناس عن أي فعل يمكن أن يخل بالنظام الاقتصادي أَو يتسبب في انهياره، ولو حافظ الناس على مال الوقف وتمسكوا بهذه الأوامر الإلهية الربانية ما وجدنا فقيراً ولا محتاجاً.
وكم كان جميلاً ورائعاً ونحن نشاهد ونستمع لحديث السيد القائد العلم عبدالملك بدر الدين الحوثي في كلمته خلال افتتاح مؤتمر الأوقاف بالعاصمة صنعاء، حيث أكّـد في كلمته يحفظه الله أن الأوقاف يمثل بعداً دينياً ويرتبط ارتباطاً مباشراً بالجانب الإيمَاني؛ كونها من العبادات القرب التي يتقرب بها الواقفون إلى الله سبحانه وتعالى، وتتجه نحو أعمال البر والخير والإحسان، ومن أمثلة ذلك الوقف لصالح المساجد التي تحتل أهميّة كبيرة في إحيائها، وإحياء دورها المهم روحياً وتربوياً وإيمَانياً، وبالتالي فَـإنَّ لهذا العمل أثرَه الكبيرَ في حياة الناس وفي ذريتهم وفي أعمالهم، في واقعهم، كما أن هناك أنواعاً كثيرة للوقف يستفيد منها الفقراء والمحتاجين كالمياه وغيرها من الخدمات الإنسانية والاجتماعية، التي تأتي جميعها بدافع التقرب إلى الله.
وعليه فَـإنَّ الحفاظ على مال الوقف هو حفاظ على مال الفقراء والمساكين والضعفاء ولو أخرج الجميع ما في ذمتهم من أموال الوقف لكانت كافية لسد حاجة المحتاج وكانت سبباً في أن نستغني عن المساعدات والمعونات التي تقدمها لنا المنظمات الدولية.