الشعار.. من اللغة إلى الحياة .. بقلم/ سند الصيادي
الصرخةُ كما هي شعارٌ ديني جهادي يعبِّرُ عن موقف واقعي في وجه الظلم والطغيان وينتصرُ لقيم الدين والمعتقد والمظلومية، هي أَيْـضاً تعبيرٌ إنساني ثوري تنتصرُ لمبادئ وقيم الإنسانية والحرية، وشعارٌ يمكن أن يحملَه كُـلُّ الأحرار في وجه قوى الاستعباد والهيمنة والوَصاية، وعنوانٌ لرفض المؤامرات التي تتعرض لها مجتمعاتهم وَأوطانهم من قبل ذات العدوّ الذي يتهدّد ويستهدف الإنسانية جمعا.
هذا الشعار هو أحدُ أسرار الصمود اليمني وَأحد العوامل التي غيّرت معادلة الصراع لمصلحة من صرخوا به كموقف، وحملوه كسلاح، وَكان لها بالغُ الأثر في تنمية المشاعر الثورية والحِسِّ الوطني في نفوس المواطنين وتعبئتهم للنزول إلى مختلف جبهات المواجهة والعمل، هكذا يمرُّ بنا الشّعار من اللّغة إلى الحياة، وَالواقع اليمني خير شاهد.
لقد لخّصت الصرخةُ التي أطلقها الشهيدُ حسين الحوثي كُـلَّ الأبعاد الوطنية والعربية والإسلامية.. وَجمعتها في قالب واحد قادر أن يعززَ تماسكَ المجتمع داخل القطر الواحد، كما هو كفيلٌ بأن يوحد الأُمَّــة بأعراقها وَمذاهبها وَفئاتها، دون تعارض مع كُـلّ المنهجيات التحرّرية وَأهدافها، وَمخطئٌ من يختزل الشعار في تكريس الهُــوِيَّة الدينية وحسب، بل إن تعبيراتِه منطلقة من نزعة كونيّة، إنسانيّة، ونقطة انطلاق ضروريّة في سيرورة التغيير التي تبدأ بالصحوة الدينية، وبعدها يتحوّل النّقاش إلى المسائل الاجتماعية والاقتصادية والمعرفية والجماليّة.
وَكما أفلح السيد حسين الحوثي في تشخيص العدوّ وَتمييزه، وفي رفع معدل الوعي بمخطّطاته، وَرسم طريقًا ضامنة لمواجهة هذا العدوّ وهزيمته، بقدر ما أفلح في تلخيص المشروع بهذا الشعار وبهذه الصرخة التي تتجاوز ارتداداتها المعنوية جملها وكلماتها المختصرة.
من هنا يمكنُ تفسيرُ كيف تجاوزت الصرخة حدودَ صعدة واليمن، وأصبحت اليومَ حركةً عمليةً ملموسة في الواقع؛ لأَنَّها اختزلت كُـلَّ مفردات الوعي الجامع، والذي أن كان ناضجاً فَـإنَّ جمهوره يتصاعد بفعل الحاجة وَيتحول إلى قوة ملموسة حين يُصبِحَ في أيدي الجماهير.
لقد تكاملت قيمةُ وَأطرافُ الشعار من قيادةٍ وجمهور، وَمثَّل السيدُ القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي أهمَّ عامل في استمرار الثورة والوفاء لمضامينِها ولشعاراتها، وبه تحقّقت أعظمُ الانتصارات في مواجهة أعدائها، وكان القائدُ أميناً في الحفاظ على نفس درجة الوعي والثبات والشجاعة في مواجهة التهديدات الكبيرة من الداخل ومن الخارج، وَأظهر في كُـلّ امتحان الكفاءةَ والمقدرة الواسعة والإخلاص الكبير للشعار والثورة وللأُمَّـة الإسلامية ولمستضعفي العالم.