حضورُ الفساد وغيابُ الفاسد .. بقلم/ عبدالخالق القاسمي
الحديث عن الفساد في صنعاء وفي اليمن عُمُـومًا متنوع وفيه الكثير من الحقيقة وهو حاصل منذ تأسيس الجمهورية.. لكن وفي عصر التطور التكنولوجي زادت المكاشفة.. ولا يمكن لأحد إنكار أنه في ظل العدوان والحصار غاب لدى البعض الدافع الإيماني والوطني وحضرت الأنا وعدم الثقة بالله ومحاولات الاكتفاء الشخصي على حساب الآخرين.. من أمثال أبي زوبعة.
لكن لا يصح التعميم ونحن نعلم نزاهة الكثير وإخلاصهم وجهادهم.. بل لا ينبغي التماهي مع لحن القول الذي يُسَفِّه كُـلّ من في صنعاء كأن الطرف الآخر في الضفة الأُخرى ملائكة.
والمطلوب تحديد المرض بدقة.. وتحديد المريض الذي تستدعي حالته العلاج قبل انتشار عدوى المرض..، إذ حتى في المستشفيات يتم كتابة اسم المريض ورقم غرفته وتفاصيل مرضه.. وذلك؛ مِن أجلِ أن يعرف الطبيب مَن وكيف يعالج.
أما الضبابية والسوداوية لا ينتج عنها سوى اليأس لدى الطبيب فلا يعالج.. ولدى المريض فلا ينتظر اللقاح ولا يخاف من الإبر ولا يأبه بالمضادات الحيوية.. ولا العامة الذين يبحثون عن أرقى نموذج في الساحة يتم تشويهه بهذه الطريقة من قبل العدوّ وحتى بعض أعضاء مجلس النواب الذين يديرون الحملات الواسعة خدمة لأجندات خارجية.. أَو بسَببِ الأحقاد السياسية وغيرها.
عُمُـومًا الفساد في مناطق سيطرة المجلس السياسي الأعلى تم الحد منه وهذه الحقيقة المرة التي لا يتقبلها الخصوم ويعملون جاهدين لنفيها بمساواة الأوضاع الاقتصادية بمثلها في مناطق سيطرة العدوان ومرتزِقته.. وفي الغالب بصرف النظر عن الأوضاع الاقتصادية المزرية في مناطق سيطرة امبراطوريات المال في المنطقة.. فبدلاً عن انخفاض قيمة الريال اليمني في مناطقهم ارتفع إلى ضعف القيمة في صنعاء.. وهذا انعكس بصورة كبيرة على أسعار مختلف أنواع المنتجات.. لتصبح الأسعار ضعف ما هي موجودة في صنعاء والمحيط.. ولا يزال بإمْكَان الجميع التأكّـد من الأسعار في الشمال والجنوب ومقارنة الاختلاف الرهيب بينها خُصُوصاً وهناك شائعة تقول.. الدولار منخفض في صنعاء لكن الأسعار مرتفعة.. والدولار والأسعار كذلك في صنعاء أقل منها في مناطق سيطرة العدوان.. والمفترض العكس.. وحتى إن كان العكس حاصل وكانت الأسعار للعملات والمنتجات في صنعاء مرتفعة أكثر من الجنوب لما تغير موقفنا من العدوان على الإطلاق؛ لأَنَّ المبرّرات واضحة فالطرف الآخر مدعوم بالمال الخليجي.. وَأَيْـضاً الصمود لا يكفي بإعلانه فقط وإنما يتطلب الخطوات العملية المتمثلة في الصبر على العزة والكرامة قبل أن يكون الصبر على الذلة والمهانة.. وهذا فضلا عن الاختلاف الكبير والأفضلية الدائمة لصنعاء على كُـلّ المستويات.. من الأمن إلى الاستقرار السياسي والاقتصادي إلى الوعي المجتمعي وغيره.
حتى على مستوى المشتقات النفطية فسعر البترول في صنعاء أقل منه في عدن وشبوة وحضرموت.. وإن زايد البعض وقال هو في مأرب النفطية أرخص فنقول له سعر الديزل في مأرب الأكثر بين كُـلّ المحافظات.. بينما هو الأرخص في صنعاء على مستوى كُـلّ المحافظات.
وتجاوزا لكل هذا إلى قضية المرتبات التي انقطعت حتى على المواطنين في مناطق سيطرة العدوّ.. إلى درجة خروج وقفات وتظاهرات لمجندين مرتزِقة داخل معسكراتهم للمطالبة بصرف رواتبهم.
والكثير الكثير من المفارقات التي يفترض بها أن تُسكِت من يتحدث عن الفساد في صنعاء بطريقة فيها تهويل وتضخيم.
إلا أن التحَرُّكَ الجاد في محاربة الفساد على الرغم من استمرار العدوان والحصار لا يمنعنا من الإقرار بوجوده وضرورة ردعه وادانته.. مع الحرص أَيْـضاً على استكمال شروط الإدانة والإثبات وعدم رمي التهم جزافاً.. هذا كُـلّ ما في الأمر.. وهذا كُـلّ ما نريده؛ لأَنَّ الإنصافَ من سمات المسلم والعربي.. والإثبات ليس إلا لنتخذ موقفاً من شخص الفاسد على الأقل.. بعيدًا عن ظلم الأغلبية بتعميم التهمة.