إعادة نشر التنظيمات الإجرامية في المحافظات المحتلّة.. أغطيةٌ جديدة لاستمرار الاحتلال الأمريكي البريطاني
المسيرة: عباس القاعدي
تشهدُ المحافظاتُ الجنوبيةُ المحتلّةُ تحَرّكاتٍ جديدةً لعناصر التنظيمات الإجرامية “القاعدة وداعش”، وبصورة متسارعة، تكشف حجم المؤامرة الأمريكية والكثير من الدلالات بالغة الخطورة خُصُوصاً أن ذلك الظهور المفاجئ لتنظيمات تزامن مع عودة ما يُسمى “المجلس الرئاسي” الذي شكّلته دولُ العدوان الأمريكي بقيادة المرتزِق رشاد العليمي، إلى محافظة عدن المحتلّة، ليمنحَ أمريكا وأدواتها عواملَ الاستمرارية المباشرة في الاحتلال والسيطرة على المواقع الاستراتيجية في البر والبحر والجزر اليمنية، وتوفير الغطاء على عمليات نهب ثروات اليمن، بذريعة “مكافحة الإرهاب”، التي حذر منها الشهيد القائد السيد حسين -رضوان الله عليه-.
وتأتي تحَرّكاتُ التنظيمات الإجرامية وانتشارها في المحافظات الجنوبية بعد أَيَّـام قليلة من اجتماع قيادات العدوان في الرياض.
وفي هذا الشأن، يقول الدكتور محمد سادة -نائب رئيس دائرة المنظمات والمؤتمرات الدولية بوزارة الخارجية-: لم يعُد سراً عودةُ انتشار عناصر التنظيمات الإجرامية إلى المحافظات النفطية المحتلّة؛ لأَنَّ تلك التنظيمات صناعة أجهزة الاستخبارات الأمريكية وباعترافات العديد من المسؤولين في الدول الغربية، حَيثُ ظهرت عناصر التنظيمات الإجرامية منذ بداية العدوان علناً وهي تقاتل جنباً إلى جنب مع قوات دول العدوان ومرتزِقتها، بقيادة السعوديّة التي قامت بدعمها وبتسليحها بالأسلحة الأمريكية الحديثة، كما تم إرسال المئات من العناصر الإجرامية من مختلف الجنسيات إلى الجنوب وقامت بإنشاء معسكرات تدريب في محافظات حضرموت وشبوة وأبين وتجنيد الآلاف من أبناء الجنوب للقيام بالعمليات الإرهابية.
العدوان والتكفيريون.. ارتباط وثيق وعلاقة علانية
وبخصوصِ توقيت عودة ظهور تنظيم القاعدة في المحافظات الجنوبية المحتلّة، يتحدث الدكتور السادة في تصريح صحفي لصحيفة “المسيرة” بأن ذلك يؤكّـد حقيقة الارتباط الوثيق والعلاقة العلنية الكاملة بين التنظيمات الإجرامية وقيادة دول العدوان الأمريكي التي ما زالت مُستمرّة في دعم التنظيمات حتى الآن، كما يعكس هذا الظهور الغياب الكلي لمظاهر الدولة في محافظات الجنوب، لا سِـيَّـما الفراغ الأمني الذي يُسهل الأنشطة الإجرامية لعناصر تنظيم القاعدة التي لديها ارتباطات ببعض المسؤولين فيما يُسمى المجلس الرئاسي المشكل في الرياض، موضحًا أن حوادث الاغتيالات والاختطافات المتكرّرة للموظفين الدوليين العاملين في المجال الإنساني دليل على حجم الفراغ الأمني الكبير الذي تُعاني منه محافظات الجنوب، كما أن تنظيم القاعدة الذي سيطر على حضرموت في يوم وليلة غادرها بأوامر إماراتية في يوم وليلة أَيْـضاً.
وبحسب محمد السادة، فَـإنَّ إعادة ظهور عناصر القاعدة في عدد من مديريات أبين وشبوة ووادي حضرموت يوفر غطاءً لشرعنة تواجد المزيد من قوات الاحتلال الأجنبية الأمريكية في موانئ وجزر محافظات الجنوب، كما من شأنه خلط الأوراق من خلال الاستخدام المزدوج لورقة التنظيمات الإجرامية لصالح أَو ضد ما يُسمى مجلس القيادة الرئاسي، إما من خلال تلميعه والادِّعاء بتحقيق نجاحات أمنية ضد تلك التنظيمات الإجرامية لا سِـيَّـما تنظيم القاعدة الذي أوكل إليه رفض أية جهود سياسية لإحلال السلام في اليمن عبر اتّفاق مع صنعاء، وبالمثل يُمكن استخدام تنظيم القاعدة في تبرير بعض نواحي فشل المجلس وتصفية الحسابات مع بعض الأطراف ممن يُعتبرون خصوم سواء كانوا في حكومة الخائن هادي، أَو قد تطال أعضاء مجلس المرتزِقة المزعوم.
وحول طبيعة الأهداف التي يسعى تحالف العدوان الأمريكي ومرتزِقته وأدواته لتحقيقها عبر توظيف التنظيمات الإجرامية وانتشارها في الجنوب، يؤكّـد نائب رئيس دائرة المنظمات والمؤتمرات الدولية بوزارة الخارجية محمد السادة، أن تواجد التنظيمات الإجرامية في المحافظات المحتلّة، يُقدم صورة واضحة للمجتمع الدولي لحجم الفشل للعدوان ومرتزِقته، كما يُثبت نجاح حكومة الإنقاذ الوطني بصنعاء في إدارة الدولة ومؤسّساتها لا سِـيَّـما أمنيًّا، حَيثُ ينعم المواطنين في كُـلّ المحافظات المحرّرة بالأمن، فيما يُعاني أبناء المناطق المحتلّة من تداعيات غياب الدولة والأمن.
مشاريع جديدة
ولأن دول العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي أعادت تدوير قيادة المرتزِقة وشكلت ما يسمى المجلس الرئاسي بقيادة الأمريكي والمرتزِق العليمي، وقامت بتحريك ورقة تنظيم القاعدة الإجرامي في المحافظات الجنوبية، يقول المحلل والباحث في الشأن العسكري زين العابدين عثمان في تصريح خاص للمسيرة: إن التغييرات الأخيرة في مجريات العدوان ومرتزِقته وتحريك وانتشار العناصر الإجرامية في الجنوب، أظهرت جليًّا نوعية ومعطيات المخطّطات والمشاريع الجديدة التي تحاول أمريكا تمريرها وتنفيذها تحت مظلة هذه التشكيلة من المرتزِقة، وتحديداً في ما يخص ملف إدارة المحافظات الجنوبية، موضحًا أن من أهم المخطّطات الأمريكية هي عودة انتشار التنظيمات الإجرامية “داعش والقاعدة” في المحافظات النفطية الجنوبية المحتلّة، منها شبوة وأبين وحضرموت التي تحتل موقعاً استراتيجياً شرق اليمن، وتطل على 500 كيلومتر من الساحل الشرقي على البحر العربي وتقع على شمال السعوديّة وجنوب البحر العربي، والتي ما زالت حتى اللحظة محل أطماع العدوان السعوديّ الأمريكي، وكذلك منطقة الرويك شمال مأرب.
وحول عودة انتشار تنظيم القاعدة في مناطق الجنوب، يوضح المحلل والباحث في الشأن العسكري زين العابدين عثمان، أن ذلك الانتشار تحت غطاءِ ما يسمى المجلس الرئاسي، يؤكّـد أن أمريكا وأدواتِها تنوي تمريرَ مخطّطاتٍ إجرامية جديدة وتنفيذ برتوكولات سيكون وَقْعُها دموياً وضحيتُها الأولى المواطنون الجنوبيون في المناطق المستهدفة وهذا ما قد يحصل في الأيّام القادمة، كما هو حاصل في عدن وشبوة وغيرها من المناطق وعمليات اغتيالات وتصفيات واسعة للشخصيات الجنوبية وقيادات المرتزِقة وسطو ونهب لممتلكات المواطنين، وَأَيْـضاً قد لا يحيد أن من أهداف انتشارها هو إحكام السيطرة المباشرة على محطات ومنشئات النفط في شبوة ومأرب وحضرموت ونهب ثروتها؛ لذا لا يستبعد أن تكون لها أنشطة واسعة في هذه الاتّجاهات؛ ولتحقيق ذلك فَـإنَّ دول العدوان الأمريكي تريد بقاء الأوضاع في المحافظات الجنوبية مفككة وغير مستقرة كي تُبقي أدوات أمريكا الرياض وأبوظبي على سيطرتها وهيمنتها في هذا الجزء من اليمن أطول فترة ممكنة حتى وإن توقفت الحرب مع صنعاء.
مصالحُ مشتركة
ولأن تحَرُّكَ وانتشار التنظيمات التكفيرية مدفوعاً برغبة أمريكية؛ مِن أجلِ البقاء في المحافظات الجنوبية المحتلّة، وفي ظلّ تصاعُدِ مطالب صنعاء بإنهاء وجودها هناك كشرطٍ من شروط السلام، يؤكّـد المحلل والباحث في الشأن العسكري عثمان، أن أمريكا هي من تديرُ إيقاعاتِ هذه التنظيمات وهي من تحَرّكها بشكل مباشر عبر جنرالاتها وستوفرُ لها كاملَ الدعم اللوجستي والعسكري والأمني، موضحًا أن المرحلةَ المقبلةَ ستشهدُ متغيراتٍ جديدةً في المناطق الجنوبية وستكشف معها الهُــوِيَّة العدوانية للمخطّط الأمريكي السعوديّ الإماراتي الذي يتم تمريرُه عبر هذه التنظيمات الإجرامية وتحت مظلة مرتزِقتها في ما يسمى بالمجلس الرئاسي الذي يرأسه المرتزِق العليمي وغيره من عملاء أمريكا الذين لهم تاريخٌ إجرامي كبير، وتربطهم مصالح مشتركة بالجماعات الإجرامية التي تحقِّقُ الأهدافَ المطلوبة.
وكـدليلٍ على ذلك، أطلق مرتزِقةُ “الإصلاح” عناصرَ تنظيم القاعدة الإجرامي من سجون حضرموت، الأمرُ الذي أَدَّى إلى ظهور تلك العناصر في أبين، ثم تنفيذ عمليات إرهابية في الضالع، وتفجير انتحاري لنفسه في أحد المساجد بوادي حضرموت، وُصُـولاً إلى ظهورِ عناصر للتنظيم في محافظة شبوة النفطية، بالتزامن مع حالة الصراع المحتدمة بين مرتزِقة الإمارات التي تسعى إلى السيطرة على حقول النفط والغاز في شبوة.
وفي خطوة مماثلة تم تهريب عدد من عناصر التنظيمات الإجرامية من سجن المكلا المركزي قبل ساعات من إعلان العدوان على اليمن حَيثُ تمكّنت تلك العناصر من السيطرة على المنشآت النفطية بعد ثمانية أَيَّـام من العدوان.
عسكريًّا، يؤكّـد الباحث في الشأن العسكري زين العابدين عثمان، أن عودةَ انتشار عناصر التنظيم الإجرامي بتوجيهِ الولايات المتحدة الأمريكية التي تستخدمُ التنظيم ذريعةً لتواجدها جنوبي اليمن ولفرض وجودها العسكري البحري داخل المياه اليمنية الإقليمية الجنوبية والشرقية، بدعوى محاربة التنظيم الإجرامي وحماية الملاحة البحرية، بالإضافة إلى أن الهدف الآخر الذي رسمته واشنطن من هذا التواجُد هو اصطناع توتر أمني في هذه المنطقة؛ لإعاقة الصين ومشروعِها الذي يُعرف بـ “طريق الحرير”.