الشعارُ ووَحدةُ المسار .. بقلم/ أم الحسن أبو طالب
في عالَمٍ كَثُرَ فيه الجُبنُ وعلت فيه سطوةُ المستكبرين وزاد طغيانُ الظالمين واستقوت شوكةُ المعتدين حتى كاد صوتُ أصحاب الحق أن يُغيَّبَ في غياهب الصمت ويختفيَ في طريق قلّ سالكوه واستُضْعِفوا وتكالبت عليهم الأممُ حتى ضاقت عليهم الأرض بما رَحُبت، فصاروا بين أمرَين: خضوع وخنوع، وانكسار، ليسلموا وتسلم حياتُهم، أم ثورة وصمود وعزة وانتصار ولو دفعوا الدماء وارتقوا شهداء.
في واقعٍ يفرِضُ على الأحرار أن يكونَ لهم موقفُ حَقٍّ وقوة ضد الأعداء يزيلُ عنهم تسلُّطَ الجبارين والطغاة الظالمين، تجلّى حينها موقفُ الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي -سلامُ الله عليه- من منطلق استشعاره للمسؤولية وحرصه على سلامة دينه من مواقف الضعف والوهن التي ترتبت عليها الكثيرُ من الجنايات على هذه الأُمَّــة الإسلامية والمسلمين فيها بل والعالم أجمع؛ باعتبَار الرسالة الإسلامية رسالةً للعالم أجمع، فكان مشروعُ شعار الصرخة الذي أطلقه الشهيد القائد بدايةً لتوحيد المسار نحوَ استعادة الدولة الإسلامية لهيبتِها وتخلُّصِها من تسلط الأعداء عليها لتعودَ كما قال تعالى عنها في محكم آياته: “خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ”.
مشروعٌ تألق كنجمٍ يهدي الحائرين الذين وجدوا في تسلط الأعداء عليهم ظلماتِ القهر والحرمان وفقدوا بتخلِّيهم عن كتابهم الحكيم وتشريعاتِه وأعلام الهدى ومنهجيتهم فقدوا السبيلَ في مقاومة جبروت الشيطان الأكبر أمريكا، بل فقدوا الأملَ حتى في أن بإمْكَانهم مواجهتَها، ناهيك عن تأديبها وإسقاط هيبتها في صراعٍ كان لا يمكن لأحدٍ إلا أن يحكُمَ فيه بانتصار أمريكا وفقاً للمعطيات وتجليات الواقع.
في خضم صراعِ الحق مع الباطل الذي هو قائمٌ حتى قيام الساعة، وإن اختلفت شدته وتباينت قوته وحدَّتُه من آنٍ لآخر، أخذ الشعارُ الذي أطلقه الشهيدُ القائد في هذا الصراع بدايةَ الانطلاقة لإعلان تغيّر المعادلات وإنهاء زمن الخضوع والتبعية والتجرد من الوَصاية الأمريكية بكافة صورها، وكان بمثابة حرب نفسية شديدة على الأعداء وما موقفُ أمريكا وتحَرّكاتها عبر عملائها وأدواتها ضد هذا الشعار إلا دليل واضح عن مدى النهضة والوعي الذي تمثل في مفاهيم هذا الشعار وآثاره والذي باتت أمريكا تخشاه كَثيراً، وَأَيْـضاً انزعاجُها الذي لم تستطع أن تخفيَه ممَّن يطلقونه ويصرخون به ومحاربتهم بكافة الوسائل الممكنة دليلٌ أَيْـضاً على أَثَرِ هذا الشعار الهادِمِ لمشروعها الاستكباري في المنطقة.
الشعار كان ولا يزال وسيظل مشروعَ تحريرٍ للأُمَّـة جمعاءَ من هيمنة الأعداء، ولن يقفَ إلا بتمكُّن السائرين فيه من كسر شوكة أمريكا واقتلاع الغدة السرطانية التي قامت أمريكا بزراعتِها في الأمة متمثلة في الكيان الغاصب في فلسطين وإزاحته من خارطة العالم الإسلامي دون عودة.
هذا هو هدفُ مشروع الشعار والصرخة الذي بدأ بنشر الوعي وتوجيه بُوصلة العداء نحو العدوِّ الحقيقي أمريكا و”إسرائيل”، وسيبقى حتى انتهائهما على أيدي الأحرار في اليمن وأبطال محور المقاومة بإذن الله “وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ”.