رؤيةُ الشهيد القائد لما يتعلَّقُ بالمساجد .. بقلم/ أبو زيد الهلالي
(الاهتمام بالأولويات في إنفاق المال والحد من إنفاقها في بناء المساجد).
مما يهدي إليه القرآن الكريم موضوع الأولويات في أعمال الناس: هذا الموضوع أهم من هذا، وتختلف الأولويات باختلاف الأزمنة باختلاف نوعية الصراع الذي الناس فيه باختلاف وضعية الجيل الذي أنت تعيش فيه، فإذا كانت القضية تتطلب أن يبذُلَ الكل جهوداً كبيرة في مقام نصر الله في مجال مواجهة أعداء الله الذين لديهم وسائل متعددة إذَا لا يوجد هنا أولوية لبناء مسجد، قد يكون بناء المسجد مثلاً يؤدِّي إلى بذل أموال طائلة جِـدًّا، ليست الصلاة في أن تكون مقبولة مرتبطة بالمسجد بل قد يكون مصلون في المسجد ولو كان في المسجد الحرام لا تقبل صلاتهم، الذي يصلي في الصحراء وبتوجّـه صحيح في عمل في سبيل الله تكون صلاته مقبولة.
(عبادة الله والتوجّـه إليه لا تكون من خلال المسجد فقط)، {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ}.
اهتم بالقضايا الأولية الأَسَاسية إذَا هناك مسجد صليت فيه، ليس هناك إمْكَانية لمسجد صلِّ في أي مكان، ووجه عملك، ووجه قدراتك في المجال الهام، بناء المسجد يمكن أن تلحقه متى ما أمكن، متى ما أمكن؛ لأَنَّه ليس التوجّـه لله منحصراً في المسجد، ولا قبول الصلاة منحصراً في المسجد حتى نقول: إذَا نبدأ أول شيء نبني مسجداً؛ مِن أجلِ يمكننا أن نصلي نبدأ نبني مسجداً؛ مِن أجلِ يمكننا أن نتوجّـه إلى الله، نبدأ نبني مسجداً؛ مِن أجلِ يمكننا من داخله أن ندعو الله؛ لأَنَّه من خارج المسجد لا يمكن يسمع، أَو يعرف أين نحن! المساجد ليست عبارةً عن كاميرات تصوير الباري لا يرى إلا من كان داخل المسجد ولا يسمع إلا من كان داخل المسجد!.
(التركيز على بناء الإنسان على أَسَاس القرآن وعدم تركيز الاهتمام في بناء المساجد على الشكليات)، {فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.
رأينا واحداً من المساجد في صنعاء بناه واحد من التجار أصحاب الخير منارة واحدة المنارة التابعة له الصومعة كلفت سبعة ملايين ريال لا أدري كم يمكن أن يكلف المسجد! المنارة وحدها سبعة ملايين ريال السبعة الملايين هذه تعمل عملاً كَبيراً جِـدًّا في هذا المجال، في مجال توجيه الناس نحو دين الله، نحو القرآن الكريم، وتثقيفهم بالقرآن، والعمل في مواجهة العدوّ، وإعداد كثير من وسائل القوة في مواجهة العدوّ، نحن نرى مبالغ زهيدة جِـدًّا تأتي في هذا المجال الذي نعمل فيه وتعمل أعمالاً كبيرة جِـدًّا، مبالغ بسيطة كيف السبعة الملايين، تلك المنارة ماذا ستعمل المنارة؟ ممكن الأمريكي يدخل منها، ويستخدمها القنَّاصة الأمريكيون لضرب المسلمين هنا وهنا، لكن عندما تبني إنساناً على أَسَاس القرآن أليس هو الذي سيقنص الأمريكي؟ هل بإمْكَان المنارة في يوم من الأيّام أن تصبح صاروخاً وتنطلق وتدمّـر مدينة من مدن الكفر؟ لا، منارة مفتوحة ممكن يصعد فيها اليهودي والأمريكي؛ لأَنَّك لم تبن إنساناً، لم تبن منارات، المنارة الحقيقية: هو الإنسان الذي تبنيه على أَسَاس القرآن ويبتني ويبني نفسه بهدى الله وتوفيقه على أَسَاس القرآن.
(دور المساجد الحقيقية وسلبيات تعددها في منطقة واحدة)
تجد كم هي المساجد التي يقوم المسلمون ببنائها في المدينة الواحدة حتى أصبحت في الأخير وسيلة تفرقة! مع أن من الأدوار الهامة للمساجد هي: أن تكون مكان التقاء للناس لأهل القرية الواحدة لأهل المدينة الواحدة، تكون محط التقاء واجتماع تساعد على موضوع التعارف والتآلف فيما بينهم وتبادل المعلومات والتذكير لبعضهم بعض والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، لمَّا اختلفت الرؤية كُـلّ واحد غضب بنى له مسجداً، والآخر قال: صجّة بنى له مسجداً، الثاني قال: يريد عند بيته لأجل يكون عند بيته مسجد نعمة عندما يكون قريباً، بنى مسجداً لا تدري والمدينة الواحدة فيها عشرات المساجد، وهي بالشكل الذي يكفيها مسجد واحد، يكفيها مسجد واحد فقط.
(المهم هو من يقيم المسجد وليس شكليات المسجد)
يوجد أهميّة فيما يتعلق ببناء مسجد في المدينة من أول مرحلة، يبين أهميّة المسجد كمنطلق، وأن المسجد المهم: هو الذي يكون له فاعلية، وانطلاقة منه عملية، ترك المسجد الحرام هذا المسجد الهام جِـدًّا عندما لم يتمكّن أن يجعل لهذا المسجد دوره، ويجعله على أصله لله في أجوائه في العبادات فيه، خرج من هذا المسجد العظيم، وتوجّـه هناك، وبنى هو مسجداً، وأصبح لهذا المسجد أَيْـضاً فضل عظيم، وإن كان دون قيمة المسجد الحرام في الوضعية الصحيحة، أصبح له فضل عظيم ذلك المسجد الذي بني من اللَّبِن وجريد النخل لا يوجد فيه زخرفة، ولا يوجد فيه شيء، هذا المسجد نفسه الآن أصبح واسع البناء، ومزخرف ومنارات ومُنار بالكهرباء، وأجهزة صوتية ضخمة جِـدًّا، ومفروش بفراش راق جِـدًّا، وأشياء كثيرة، كيف دوره الآن؟ لا شيء! المسجد الحرام كيف دوره الآن؟ لا شيء! إذَا فالإنسان نفسه، عندما يبنى الإنسان نفسه هو الذي يجعل للأشياء هذه حيويتها، ويجعل لهذا المسجد قيمته، أَو هو الذي قد يميت المسجد، وإن كان المسجد الحرام نفسه.
[من دروس رمضان الدرس السابع].