الصرخةُ التي أغضبت أمريكا .. بقلم د/ فؤاد عبد الوهَّـاب الشامي
عندما خرجت الصرخةُ من خميس مَرَّان، وبدأت بالتوسع في مناطقَ عديدة من محافظة صعدة، حاولت السلطةُ آنذاك -بالتنسيق مع السفارة الأمريكية- إقناعَ السيد حسين بدرالدين الحوثي –رضوانُ الله عليه- بالتخلي عن الصرخة التي أصبحت تتردَّدُ في مسجد الإمام الهادي بصعدة وفي الجامع الكبير بصنعاء، وعندما رأت أمريكا عدمَ التجاوب مع ذلك الطلب دفعت في اتّجاه المواجهةِ العسكرية؛ بهَدفِ القضاءِ على الحركة الوليدة في مهدها؛ لمعرفتها بخطورة ما تدعو إليه من خلال مضمون الصرخة التي أصبحت شعاراً لها والتي توضّح للأُمَّـة عدوَّها الحقيقيَّ أمريكا و”إسرائيل”.
كانت أمريكا في العلَنِ تحاولُ أن تظهرُ بمظهر غير المهتم بما يحدُثُ ولكن في الحقيقة كانت تتلهَّفُ للقضاء على الأنصار في أقرب وقت، وقد اتضح ذلك من خلال برقيات التهاني التي أرسلت إلى الرئيس الأسبق بعد أن استشهد الشهيد القائد حسين بدرالدين، ومن خلال دعمها الواضحِ أثناء الحروب الست، ولكن بعد كُـلِّ حرب كان يسمعُ دوي الصرخة في مناطقَ جديدة، وهذا كان يزيد من غضب أمريكا وحَنَقِها على السلطة، مما كان يدفعُها لإشعال حرب جديدة، وبرغم الجهود الكبيرة التي بذلتها السلطةُ بتوجيه ودعم من أمريكا إلَّا أن الصرخة واصلت الانتشارَ حتى وصلت عام 2011م إلى ساحات ثورة الشباب في عدد من المحافظات، وهذا دفع أمريكا إلى إصدارِ توجيهاتها إلى السعوديّة والإمارات لاحتواء أنصار الله وشبابِ الثورة من خلال المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وبرغم رفض الأنصارِ للمبادرة إلَّا أن الدولَ الراعية، وعلى رأسِها أمريكا حرصت على إشراكِ الأنصار في الحوار الوطني، في محاولة أُخرى للاحتواء.
وعندما شارف الحوارُ على الانتهاء والأنصار ثابتون على موقفِهم بدأت بعض القوى بافتعال حروب هنا وهناك؛ بهَدفِ الضغط عليهم، ولكن فشلت تلك المحاولاتُ وتمكّن أنصار الله من الاقتراب من العاصمة صنعاء.
وبعدَ محاولاتٍ عديدةٍ من أنصار الله لإقناع السلطة بالتخلي عن مواقفها السلبية تجاهَ الشعب بالاستقواء بأمريكا وأدواتها في المنطقة، اضطروا لإعلان الثورة ودخول مدينة صنعاء؛ استجابةً لمطالب الشعب في 21 سبتمبر 2014م، وشكّل نجاح الثورة صدمة كبيرة لأمريكا وأدواتها؛ لأَنَّ الصرخة التي كانت محاصَرةً في جبال مران أصبح يُسمَعُ دويُّها في مختلف أنحاء اليمن، وهذا ما دفع أمريكا لتشكيلِ تحالف دولي للعدوان على البلاد وتم إعلانُه من واشنطن، وبعد أكثرَ من سبع سنوات حرب لم يتم إسكاتُ الصرخة واستمر غضبُ أمريكا لكنها أصبحت تستجدي السلامَ من أنصار الله.