في الوقت الذي تزداد فيه التساؤلات حول الاستحقاقات المتأخرة التي تم التعهد بتعويضها.. العدوّ يعرقل أولى الرحلات من مطار صنعاء بعد التمديد: استنساخُ المرحلة السابقة!
المسيرة | خاص
أعلنت الخطوطُ الجوية اليمنية، اليوم الثلاثاء، تأجيلَ الرحلة الجوية التجارية المفترَضِ تسييرُها، يوم الأربعاء، بين صنعاء والقاهرة؛ وذلك بسَببِ رفض تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ منح التصاريح اللازمة للرحلة، في عرقلة جديدة ومتعمدة للهُدنة التي تم تمديدُها على أَسَاس تعويض الرحلات التي تم منعها خلال الشهرين الماضيين، واستكمال تنفيذ بقية بنود الاتّفاق، الأمر الذي يثبت مجدداً إصرار العدوّ على المراوغة والمماطلة واستمرار تواطؤ الأمم المتحدة معه، وهو ما يهدّد بفشل التهدئة.
الرحلةُ التي تم منعُها كانت ستعد الثانية فقط من الرحلات المتفق على تسييرها بين صنعاء والقاهرة، والسابعة فقط من إجمالي الرحلات التي تضمنها الاتّفاق، وبالتالي فهي رحلة متأخرة عن موعدها أصلاً؛ بسَببِ تعنت تحالف العدوان وإصراره على إغلاق مطار صنعاء لأكثر من شهر ونصف من عمر الهُدنة.
وفيما يُفترَضُ أن تمديدَ الهُدنة جاء على أَسَاس تعويض الرحلات والسفن المتأخرة وتنفيذ بقية البنود المتعثرة (وهو ما تعهدت به الأمم المتحدة عندما طلبت التمديد)، فَـإنَّ منع هذه الرحلة يرسل رسالة واضحة وفجة بأن تحالف العدوان والأمم المتحدة لا يكترثان لالتزامات الاتّفاق ولا لتعهدات التمديد، وأن المسألة بالنسبة لهما كانت ولا زالت مسألة “كسب وقت” ومراوغة لا أكثر.
نائبُ وزير الخارجية بحكومة الإنقاذ، حسين العزي، وصف هذه الخطوةَ بأنها “مستفزة للغاية” وأكّـد أن هذا النوع من الرحلات المتوقف على رغبات تحالف العدوان مرفوض، وأنه “يجب جدولة الرحلات وتسييرها بشكل منتظم”.
وأضاف: “إن استمرار هُدنة المزاج والعبث بمعاناة المرضى عمل غير لائق”.
وقال مدير مطار صنعاء الدولي خالد الشايف للمسيرة: إن “تحالف العدوان ليس جاداً في تنظيم الرحلات من وإلى مطار صنعاء” وإنه “يعتمد نفس سلوك المماطلة الذي مارسه في المرحلة الأولى من الهُدنة”.
وكان اتّفاق الهُدنة الذي تم الإعلان عنها مطلع أبريل الفائت، نص على تسيير رحلتين تجاريتين أسبوعياً بين صنعاء والأردن ومصر، لكن تحالف العدوان لم يسمح بذلك إلا بعد انقضاء ثلاثة أرباع المدة المتفق عليها، وعندما سمح بتسيير الرحلات، قصرها على وجهة واحدة (الأردن)، ثم مع نهاية الشهرين سمح برحلة واحدة إلى مصر، ليلغي الرحلة الثانية بعد إعلان التمديد.
وأوضح الشايف، أن الرحلات التي تم تسييرها من مطار صنعاء الدولي منذ إعلان اتّفاق الهُدنة إلى الآن هي 6 رحلات فقط إلى الأردن، ورحلة واحدة إلى القاهرة “من أصل 25 رحلة من المفترض أن تنفذ ضمن مرحلتي الهُدنة”.
وتعكس هذه الحصيلة المتواضعة بوضوح انعدام جدية تحالف العدوان والأمم المتحدة في إنجاح اتّفاق الهُدنة الذي لم تتضمن بنوده سوى نسبة ضئيلة للغاية من استحقاقات الملف الإنساني، وهو ما يطرح تساؤلات حول إمْكَانية التوجّـه نحو اتّفاق شامل يغطي المزيد من الاستحقاقات على ضوء هذه النتائج السلبية.
وكانت صنعاء قد أكّـدت أن عدم تعويض الرحلات المتأخرة من شأنه أن يهدّد فرص بقاء الهُدنة؛ لأَنَّه لا يمكن تحقيق تقدم حقيقي في الملف الإنساني بدون فتح المطار أمام المرضى والعالقين والمسافرين.
وبحسب الشايف، فَـإنَّ صنعاء لديها استعدادٌ كاملٌ لجدولة الرحلات الجوية بما يضمن تنفيذ الاتّفاق كما يجب، “لكن تحالف العدوان هو المتحكم في منح التصاريح، وهو يحدّد مواعيد الرحلات والإعلان عنها بمزاجية”.
وكان تحالف العدوان قد حاول بوضوح منذ بداية الهُدنة الخروج عن نص ومضمون الاتّفاق وتحويله إلى غطاء للمساومة وفقاً لمصالحه ورغباته عندما حاول اختلاق اشتراطات جديدة بخصوص الجوازات، وهو ما يكرّر فعله الآن من خلال عرقلة الرحلات الجوية، وعدم تعويض الرحلات المتأخرة.
وتعتبر الرحلة التي تم منعها هي الأولى منذ إعلان تمديد الهُدنة، وهو ما يعني أن سماح تحالف العدوان بتسيير الرحلات قبل انتهاء المرحلة الأولى لم يكن محاولة لإنقاذ الاتّفاق، بل للالتفاف عليه وتضليل الرأي العام للحصول على التمديد، والعودة إلى التعنت بمُجَـرّد إعلان التمديد يعبر عن حرص على تثبيت أُسلُـوب “المراوغة” كأمر واقع وكأَسَاس لتحويل أية خطوات تهدئة أَو سلام إلى عمليات مساومة لا أكثر.
ويتبنى تحالف العدوان ومرتزِقته خطاباً مضللاً يقايض فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة بمطالب مشبوهة يحاول العدوّ فرضها على الطاولة وخُصُوصاً في ملف فتح الطرق، حَيثُ يسعى لفتح ثغرات في مناطق معينة لتحقيق مكاسب عسكرية على حساب الاتّفاق.
وفي ظل هذه المعطيات فَـإنَّ احتمالات نجاح “التمديد” في إنقاذ الاتّفاق قد بدأت بالفعل بالتقلص منذ الآن، خُصُوصاً وأن الأمم المتحدة التي يفترض بها أن ترعى الاتّفاق وتمارس ضغوطاً لتنفيذ بنوده، لا تبدي أية رغبة في وضع حَــدّ لتعنت تحالف العدوان ومرتزِقته، بل تواصل التواطؤ معهم لإفراغ الاتّفاق من مضمونه، وتكريس رغباتهم ومطامعهم الخَاصَّة كبنود رئيسية.
ومنذ سنوات يحاول تحالف العدوان استخدام مطار صنعاء وميناء الحديدة واستحقاقات إنسانية مشروعة أُخرى كأوراق ضغط ومساومة، لتحقيق ما عجز عن تحقيقه في ميدان المواجهة العسكرية، وهو الأمر الذي أكّـدت صنعاء استحالة القبول به، وقد مثّل اتّفاق الهُدنة -وفقاً لتقييمات المرحلة السابقة- محاولة إضافية من قبل العدوّ لجر صنعاء إلى نفس تلك المساومة تحت غطاء التهدئة والسلام.