تعز التي نعرفُها .. بقلم/ سند الصيادي
لطالما كانت تعز ونُخَبُها وَأبناؤها الأحرارُ هاجسًا مزعجًا للمشاريع التآمرية عبر المراحل، فهذه المحافظةُ احتضنت الأفكارَ القوميةَ والثوريةَ المناهِضةَ للرجعية والوَصاية السعوديّة وَالمنتفِضة دومًا لمفهوم السيادة والاستقلال، والمنتصِرة للقضايا العربية المصيرية.
ولطالما كانت تعز وموقعُها الاستراتيجي الهامُّ حاضِرةً في مطامع السيطرة على تخومِ البحر الأحمر وباب المندب، كما هي حاضرةٌ كنقطة مؤثِّرة في مخطّطات ومؤامرات التقسيم الديموغرافي لليمن الذي تسعى إليه المنظومةُ الصهيوأمريكية وأدواتُها في المنطقة.
من هذه المعطيات يمكنُ للمتابع أن يفسِّرَ ما تعرضت له تعز وَلا تزال تتعرَّضُ له، بدايةً من جَرِّ تحالف العدوان أبناءَها وجغرافيتها إلى الحرب رغم تنبُّهِ القيادة الوطنية في صنعاء مبكرًا وتحذيرِها وسعيها الكبيرِ لتجنيب المحافظة وتفويت المؤامرة، ومن يعود بالذاكرة إلى بدايات العدوان لن يغيبَ عنه الكَمُّ الكبيرُ من التنازُلات والحرصُ الذي أبداه الجانبُ الوطني، وكيف انصدمت تلك المساعي الوطنيةُ المسؤولةُ برفضٍ صريح وعلني من الأدوات التي زرعها العدوُّ في المحافظة وهيَّأها للقيام بهذا الدور!
ورغم نجاحِ العدوّ عبر أدواته في التغريرِ بالكثير من شباب المحافظة بدوافعَ متعددةٍ وجَرِّهم إلى حروبه العبثية داخلها، وكذلك إرسالهم إلى الحدود لحماية جنودِه من محارق الجيش واللجان الشعبيّة، إلَّا أن كُـلَّ تلك الخدمات والتضحيات التي قُدِّمت في سبيله لم تلقَّ الامتنانَ وَلم تَمْحِ حجمَ الكراهية والحقد، ولم تُلْغِ حقيقةَ المؤامرة التي لا يزالُ يحضِّرُها للمحافظة وأهلها، وكان الجزاء تعميق وتعقيد المعاناة المتعددة الأشكال وإدارة التناقضات في الجزءِ المحتلِّ من المحافظة أمنيًّا وعسكريًّا واقتصاديًّا.
وَمؤخّراً جاء رفضُ العدوّ وأدواته للمبادرة الوطنية لفتحِ المعابر وَإنهاء الواقع الإنساني المأساوي الحادث ليكرِّسَ هذه الحقائقَ وَليفضحَ كُـلَّ التباكي على تعز وأهلها، ويدحضَ كُـلَّ المزاعم التي ظل يسوِّقُها العدوان ضد الطرف الوطني، وبات جميعُ أحرار تعز أمامَ براهينَ ميدانية جديدة تشيرُ بوضوح إلى العدوّ الحقيقي لتعز واليمن عُمُـومًا، وتضيفُ دليلًا جديدًا على مصداقية الرواية الوطنية ومسؤولية القيادة الثورية والسياسية وانحيازها إلى تعز وَأبنائها.
وفيما لا يزالُ العدوُّ يراهنُ على أدواتِه الرخيصةِ في المحافظة؛ لإبقائها ورقةً رابحةً ومضمونةً في متناوله، فَإنَّ الردَّ التعزي المفترَضَ والمطلوبَ بعد أن تجلت الحقائقُ يتمثلُ في الضغطِ على ما بقي من حاضنة لهذه المشاريع وَإعادةِ المغرر بهم من شبابها إلى الحاضنة الوطنية؛ للمشاركة في تحريرِ ما تبقى من المدينة والانتصار لتعز التي كانت ولا زالت وستظلُّ روحَ الوطن وأُنشودتَه الخالدةَ التي يترنَّمُ بها كُـلُّ أحراره، أَلَّا ترى الدنيا على أرضي وصيا.