رفض سياق التنمية المستوردة .. بقلم/ إبراهيم محمد الهمداني
في سياق التنمية الغربية المقدمة لمجتمعاتنا، يقدم السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله-، تشخيصاً دقيقاً لهذه الحالة من الخضوع والاستلاب، ليس فقط على مستوى اليمن خَاصَّة، بل يمكن تعميمها على الحالة العربية، وما تسمى بالدول النامية عامة، حَيثُ يقول: “هذا ما تريده أمريكا، أن نكون بلداً بدون اقتصاد، بدون مقومات اقتصادية. بلداً فقيراً ضعيفاً يعتمد على طلب المنح من الآخرين ويخضع لشروطهم كيف ما كانت ويعتمد على القروض من الآخرين، قروض ربوية مجحفة ثم يخضع لشروطهم كيفما كانت، شروط تطال حتى الجانب السياسي ولها تأثير حتى على استقلال البلد أَيْـضاً السيطرة على القرار السياسي، أمريكا حقّقت تقدماً كَبيراً في السيطرة على القرار السياسي في البلد وأفسدت العملية السياسية في البلد وما نلاحظه الآن من علل كثيرة في الواقع السياسي في كثيرٍ منه ورائه أمريكا، الاستهداف للقيم والأخلاق ونشر الفساد الأخلاقي والتحلل الأخلاقي، هذه حالة قائمة وهذه حالة حصلت وتحقّقت في الواقع نتيجةً طبيعية لمحاولة الكثير أن يتهربوا من المسؤولية؛ لأَنَّه للأسف الشديد الواقع الرسمي في البلد وواقع الكثير من القوى السياسية والقوى الشعبيّة لا هي تبنت مشروعاً ولاهي تحملت مسؤولية فيما يدفع هذا الشر عن بلدنا عن أمتنا وعن ما يحمينا، كان للتنصّل عن المسؤولية، ولانعدام الموقف، عدم التحَرّك ما هناك مشروع لدى الكثير من القوى ولدى الجهات الرسمية ما هناك مشروع بنّاء هذا فعلاً ساعد على أن تصل الأمور إلى ما وصلت”.
(السيد القائد/ عبدالملك بدرالدين الحوثي – خطابات المناسبات – ذكرى الشهيد القائد رضوان الله عليه – ١٤٣٥هـ).
كانت الشعوب تحلم بالحرية والتطور والازدهار، من خلال تبني مشاريع التنمية، لكنها حصلت على العبوديّة وعلى مزيد من التخلف والاستلاب، نتيجة لتآمر حكامها مع أعدائها عليها، ومشاركتها إياهم في إيقاع الظلم عليها، من خلال تقاعسها عن القيام بواجبها الديني والأخلاقي – كمؤسّسات وأفراد وقوى سياسية وغيرها – في مواجهة قوى الشر، وعدم الانطلاق من واقع المسئولية، وعدم النظر إلى العدوّ كعدو، وكشف مؤامراته، وتحذير الناس من أخطاره، وتحصين المجتمع ضد تضليله وتزييفه، ورفض التراجع عن هذا الموقف الديني والإنساني، مهما كان الثمن، ومهما كانت التضحيات؛ لأَنَّ ثمن التماهي مع العدوّ، والانسياق ضمن مشاريعه وأنشطته، والصمت إزاء مؤامراته ومخطّطاته، سيكون أكبر كلفة، وأعظم خطراً وأثراً على حياة الأجيال المتعاقبة، وهذا يتطلب قدراً كَبيراً من الوعي، والثقة بالله والتوكل عليه، والسير حسب توجيهاته، والتحلي بالشعور بالمسئولية الكاملة، في مواجهة أعداء الله.
استطاعت ثورة ال ٢١ من سبتمبر ٢٠١٤م، تجاوز خطر الانحراف الفكري، الذي أصاب ما سمي ثورات الربيع العربي، وانحراف الثورات العربية، في عشرينيات القرن العشرين وما بعدها، والنجاة من تبعات الاحتواء السياسي، الذي أصاب ثورات الربيع العربي ٢٠١١م، لتنطلق في نيل استحقاقاتها، من طبيعتها الشعبيّة، ومرجعيتها الثورية، وقيمها ومبادئها القرآنية، رافضة الخضوع، ومتمردة على التدجين، ومحبطة كُـلّ المؤامرات والمخطّطات الاستعمارية، ومسقطة أقنعة التآمر المحلي والإقليمي والدولي، راسمة مسارها الفعلي، وخطواتها الأولية الهامة، في مسار تجاوز سلبيات الماضي، وصنع المستقبل المشرق، وُصُـولاً إلى تحقيق أهدافها المشروعة، ونيل استحقاقاتها الكاملة، من خلال إقامة العدل، ومحاربة الفساد المتراكم لعقود مضت، وهنا يقدم السيد القائد العناوين الرئيسية للرؤية التنموية المستقبلية، بقوله: «إن شعبنا اليمني ينشد إقامة العدل. حتى يتحقّق العدل في واقعه يصبح حقيقة ملموسة، وليس مُجَـرّد كلام، وليس مُجَـرّد مهاترات بين القوى السياسية. إن شعبنا اليمني العظيم ينشد أن يتخلص من الحالة البئيسة التي يعاني منها نتيجة الفساد المتغول والمتجذر في مؤسّسات الدولة والذي أوصل واقع البلاد على المستوى الاقتصادي إلى أسوأ حال، وأفقد البلد قيمة الاستفادة من كُـلّ موارده وخيراته وثرواته، وُصُـولاً بالبلد إلى أن يعتمد بشكل أَسَاسي على التسول! وهو ينشد المنح والقروض الربوية المرهقة من الدول الأُخرى! بينما هو شعب له خيرات، له ثورة سمكية، له نفط، له مخزون هائل من الغاز، له مخزون ضخم جِـدًّا من المعادن والمواد الخام، ومتقدم حتى عالميًّا على هذا الأَسَاس”. (السيد القائد/ عبدالملك بدرالدين الحوثي – متفرقات – مستجدات – أثناء استقبال قبائل خولان الطيال – 15/ 12/ 2014م).