مسؤولون وعلماء ومثقفون لصحيفة “المسيرة”: الدورات الصيفية جرعة تحصين للشباب وحصانة ضد حرب العدوّ الناعمة
المسيرة | أيمن قائد
يسعى العدوُّ إلى استخدامِ أشدّ أنواع الحروب وأفتكها على الإطلاق، وهي الحرب الناعمة التي لا يسمع فيها أصوات المدافع ولا أزيز الطائرات، ولا تسفك فيها الدماء، ولا تستعمر الأوطان بالجنود، لكنها أشد الحروب شراسةً وأشدها تأثيراً، فهي تكتسح الشعوب والمجتمعات، وتصيب الكبير والصغير، في المدن والريف، وهي تضرب العقول، وتضرب القيم والمبادئ.
ولأن لكل حرب تصدي ومواجهة فقد جاءت المدارسُ الصيفية لتشكل حصناً منيعاً للشباب والشابات من الوقوع في هذه الحرب الشيطانية.
وللدورات الصيفية دور كبير وهام في مواجهة الحرب الناعمة.. هذه الحرب التي تهدف إلى اختراق عقول الشباب والسيطرة عليها وبث أفكارها الضلالية والظلامية.
ومن المعروف أن الحرب الناعمة تستبدل الهُــوِيَّة الإيمَـانية بهُــوِيَّة استباحة ضلالية تسلب من الإنسان كُـلّ شيء قوي ومفيد وتستبيح الكرامات وتطيح بالقيم والمبادئ والأخلاق وتسيطر على العقول؛ ولهذا فقد دأب العدوّ إلى غزو العقول، وتغيير الثقافات، وبث السموم بين أوساط المجتمعات العربية والإسلامية، تحت عدة مسميات، الحقوق والحريات، الانفتاح، الموضة، التطور، الحداثة، وكلها حرب ناعمة وأفكار مظلة وهدامه تستهدف أبناءنا الشباب حاضر الأُمَّــة ومستقبلها.
وفي خطابه لافتتاح صيف هذا العام، تحدث قائد المسيرة القرآنية السيد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي –يحفظه الله- عن أهميّة الدورات الصيفية بالقول: “ميزة الدورات الصيفية أنها تأتي في إطار التوجّـه التحرّري العملي الشامل لشعبنا الذي يستند إلى كتاب الله والهُــوِيَّة الإيمَـانية”، ويشير كذلك في الخطاب ذاته إلى حرب قوى الشر المستهدفة للناشئة خَاصَّة “الأعداء يُسخّرون مختلف وسائل الإعلام والتواصل لتضليل الأُمَّــة، ولا بد من التحصن بالوعي والبصيرة، الأعداء يستهدفون الجيل الناشئ والشباب لإفسادهم وتضييعهم، حتى لا يتجهوا بشكل صحيح لينهضوا كأمة قوية مستقلة”.
ولهذا وجدنا مستوى الوعي لدى الآباء وأولياء الأمور الذين يدفعون بأبنائهم نحو الدورات الصيفية للاستفادة من برامجها الدينية والثقافية بدلاً من تسكع الشباب في الشوارع ومقاهي الانترنت وبقائهم فريسة للعصابات الإجرامية والأفكار الضالة، لذا انزعج الأعداء تجاه هذه الدورات القيمة بفاعليتها المؤثرة.
ثقافة وارتقاء
ويشهد هذا العام تفاعلاً كَبيراً غير مسبوق، تميز بتنوع الدروس الثقافية المقدمة، من قرآن وتاريخ وسيرة نبوية واهتمام واسعٍ باللغة العربية، كما أن الدورات الصيفية تزخر كذلك بالكثير من الأنشطة الفنية والرياضية، والحرفية والزراعية وغيرها، وبشكل عمليٍ أتاح للطلاب فرصة التجربة والتطبيق، كُـلّ حسب ميوله واهتماماته، وهذا الارتقاء يعكس مدى تفاعل المجتمع بمختلف شرائحه مع هذه الدورات التي يستقي منها الشباب العلم والنور والهدى.
ويرى مستشار المجلس السياسي الأعلى الأمين العام لحزب الأُمَّــة العلامة محمد مفتاح، أن الدورات الصيفية تحمي قطاع واسع من النشء والشباب من الاستهداف، موضحًا أن الدورات ترتقي بالطلاب علمياً وأخلاقياً واجتماعياً وتمنحهم فرصة ثمينة لصقل شخصياتهم وبناء ذواتهم على أسس متينة من العلم والمعرفة والثقافة الرصينة.
وفيما يخص دور الشباب فيما بعد التوعية والتثقيف والتعليم يقول مفتاح أنه وبعد تثقيف وتعليم الشباب بدورهم سيعودون للمجتمع؛ لأجل التوعية والتثقيف ويساهمون في تعليم أقاربهم وزملائهم وأصدقائهم مما ينعكس إيجابيًّا على الوضع العام في المجتمع، وسيساعد ذلك على القضاء على كافة أنواع الفساد والضلال والانحراف ويبني حياة الإنسان بناءً صحيحاً وخالياً من الشوائب.
جرعة تحصين
وفيما يتعلق بدور المدارس الصيفية في الحد من انتشار الإدمان على التواصل الاجتماعي والقنوات وما شابه ذلك يقول نائب وزير الإرشاد الأُستاذ فؤاد ناجي: إن للدورات الصيفية أهميّةً كبيرة للطلاب في مرحلة النشء، وبالأخص في هذه المرحلة الخطيرة التي فيها التلفونات والألواح الذكية وشبكات التواصل الاجتماعي وحالات الإدمان المفرطة على الأطفال في متابعة التطبيقات التي إما تعزز حالة العنف والتوحش وتقضي على براءة الطفولة وعلى الرحمة والفطرة التي يولد الإنسان عليها، أَو من خلال أفلام الكرتون التي تعزز حالة الخيال وتبعد الأطفال عن الواقعية والمنطقية والواقع، أَو من خلال تلك الأفلام الكرتونية التي تظهر حالات الجنس لدى الأطفال منذ نعومة أظفارهم وتلفت أنظارهم إلى ما ليس لهم به انتباه ولا اهتمام.
ويشير ناجي إلى أن المراكز الصيفية تأتي لتمثل جرعة تحصين لشبابنا الناشئ وتمثل حصانة في مواجهة هذه الحرب الناعمة تعزز لديهم حالة الثقة بالله والارتباط بالله وتصنع فيهم ملامح الشخصية الإيمَـانية وتشكل لديهم الأسس الهامة الدينية التي يجب أن ينطلق منها في مسيرة حياتهم واهتمامهم، مُضيفاً أن الدورات الصيفية لو لم تكن إلا تحافظ على أبنائنا من قرناء السوء وأبناء الشوارع والفراغ القاتل أَو من خلال أنها تشغل فراغ أوقات أبنائنا وتعطيهم جرعة مهمة في مواجهة الحرب الناعمة التي تبث عبر التطبيقات الإلكترونية والشبكة العنكبوتية وما شابه ذلك.
معرفة وإدراك
من جهته، يضيف الكاتب السلفي محمد عز الدين الحميري -وكيل مساعد وزارة الإرشاد لقطاع القرآن الكريم-، أن المراكز الصيفية موسم من مواسم الطاعات التي يصنع فيها الأجيال وتنهل من منهل القرآن ومعارفه، والقرآن الكريم هو مصدر كُـلّ العلوم وأشرفها وأكرمها وأعظمها، مُشيراً إلى أن ما يتعلمه الطلاب الملتحقين من شأنه أن يمنحهم الجرعة الكافية في جانب المعرفة وفي جانب الأخلاق، الأمر الذي يترتب عليه تلقي الوعي والبصيرة الذي يؤهل أبناء المجتمع لمعرفة مختلف الحقائق، (من يقف وراء الحرب الناعمة – ما أهدافها – مَـا هِي مخطّطاتهم – مَـا هِي وسائلهم – مَـا هِي الطرق السليمة للحذر منها – والإسهام الفاعل في التصدي لها).
ومن زاوية أُخرى، يقول الحميري: إن الدورات الصيفية من الأماكن التي يشغل فيها طلابنا أوقاتهم، فيعمروها بالنافع والمفيد، وعندما يتركهم الآباء وأولياء الأمور يعيشون أوقاتهم بلا هدف، ولا عمل مثمر، ما يعني أنهم سيكونون عرضة للتخطف، مُشيراً إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع على شبكة العنكبوت ما يساعدهم على إيقاع أنفسهم في كُـلّ خطيئة وبالأخص أننا في اليمن نواجه اليوم حرباً عدوانية على كُـلّ المستويات والحرب الناعمة من أهم الحروب التي يستخدمها قوى العدوان.
ويرى أن التصدي للحرب الناعمة يكون بوعي المجتمع ويقظته بكل فئاته ومكوناته، وأن المراكز الصيفية من أهم الوسائل المساعدة على الارتقاء بوعي هذا المجتمع وتحصينه والمحافظة عليه بإشغال النشء والشباب بالخير وما ينفعهم في بناء حياتهم وصناعة النجاح وجعلهم عناصر إيجابية على خلق عظيم وسلوك قويم تسهم في خدمة البلد، وتنتصر لقضاياه وقضايا الأُمَّــة العادلة، إلى جانب دخولهم تحت رحمة الله، ومغفرته، ونيل رضاه ودخول جنته يوم القيامة.
وستظل الدورات الصيفية هي الحصن الحصين والملاذ الوحيد للشباب الناشئ من الوقوع في المستنقعات ومكر الأعداء، والسبيل المقصود في بناء حضارة قوية ووطن كريم واعٍ مستقل يحمل في طياته عنوان الحرية والبناء والنهضة وقطع الوصاية والاستعباد والتبعية.