صنعاء تحذّر من انهيار الاتّفاق: سننتزع حقوقنا المشروعة
المسيرة | خاص
مع انقضاءِ ثُلُثِ فترة التمديد للهُدنة الإنسانية والعسكرية بدون تقدُّمٍ يُذْكَرُ على الأرض، جَدَّدَت صنعاءُ تحذيرَ تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي ورُعاتِه من عواقبَ نكث الاتّفاق والمماطلة في تنفيذ الالتزامات والتعهدات؛ لأَنَّ استمرار معاناة الشعب اليمني يجعل الهُدنة بلا أي معنى، وهو أمرٌ لن تقفَ صنعاءُ مكتوفةَ الأيدي أمامَه.
الشعبُ اليمني مُصِرٌّ على انتزاع حقوقه
ووجّه نائبُ رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن، الفريق الركن جلال الرويشان، رسالةً جديدةً لدول العدوان: جاء فيها أنه “إذا استمرت الخروقاتُ ولم يتم الالتزام بالاتّفاق، فالشعبُ اليمني ليس لديه ما يخسرُه ولن يقبَلَ بهُدنة منتقصة ومخترقة”.
وكان وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر العاطفي، أكّـد قبل يومين أن على دول العدوان أن تتحمل مسؤولية تنصلها عن اتّفاق الهُدنة، وأنذر بأن القدرات العسكرية اليمنية قد وصلت إلى مستوى كبير من التطور.
ويأتي ذلك في ظل إصرار دول العدوان على التعنت والمماطلة في تنفيذ الالتزامات، واستمرارها باستخدام الملف الإنساني كورقة تفاوضية لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية خلف غطاء التهدئة.
وقال الفريق الرويشان للمسيرة: “نحن نبرئ ذمتنا أمام شعبنا أن هذا العدوان لا عهد له ولا يلتزم بأية مواثيق واتّفاقات”، مؤكّـداً أن الشعب اليمني وقيادته يدركون جيِّدًا أن العدوّ لا يفي بتعهداته بالشكل المطلوب.
وَأَضَـافَ أنه “إذا استمرت الهُدنة دون فتح الموانئ وصرف المرتبات وفتح المطار فكأن هذه الهُدنة لا أَسَاس لها”، وأن “الشعب اليمني مُصِرٌّ على أخذ حقوقه”.
ويواصلُ تحالُفُ العدوان احتجازَ سفن الوقود ومنعها من الوصول إلى ميناء الحديدة واعتماد سياسة “تقطير” تحافظ على بقاء الأزمة وارتفاع أسعار المشتقات النفطية، برغم أن اتّفاق الهُدنة ينص على عدم اعتراض السفن، كما يواصلُ عرقلةَ تسيير الرحلات الجوية المتفَق عليها من وإلى مطار صنعاء، ويرفُضُ تعويض الرحلات المتأخرة، فيما تتواصلُ خروقاتِه العسكرية في الميدان، وسط صمت أممي فاضح.
وقال نائبُ وزير الخارجية بحكومة الإنقاذ حسين العزي قبل أَيَّـام إنه: “تم القبولُ بتمديد الهُدنة بناءً على وعود جدية بتوسيع عدد الرحلات وإحراز تقدم في موضوع المرتبات، لكن للأسف إلى حَــدِّ الآن لم يتم الوفاءُ حتى بعدد الرحلات السابقة (أي رحلات ما قبل تمديد الهُدنة)، وهذا إخلال واضح وجسيم بالاتّفاق”.
وَأَضَـافَ العزي: “أعتقد أن عدمَ المسارعة لتصحيح هذا الخلل سيعطي لصنعاء كامل الحق في مراجعة موقفها”.
تنصُّلٌ مُستمرّ عن الالتزامات وخداع أممي
وأوضح الفريق الرويشان أن صنعاءَ ركّزت في قبولها للهُدنة على أولويةِ رفعِ المعاناة عن الشعب اليمني، لكن كُـلّ المؤشراتِ والشواهدِ منذ الإعلان عن الهُدنة تؤكّـدُ عدمَ وجود نوايا للالتزام ببنود الاتّفاق من جانب تحالف العدوان، مُشيراً إلى أن “ما تحقّق حتى الآن لا يساوي 10 % مما أعلن عنه في بنود الهُدنة”.
ولفت إلى أن “كل العالم يشهد بأن المسافرين من مطار صنعاء هم المرضى وكبار السن والنساء والأطفال، وهذا دليل على مصداقية مطالب الجانب الوطني”.
ولا زال تحالف العدوان يمنع تسيير الرحلات المتفق عليها إلى القاهرة، ولم يسمح إلا برحلة واحدة منذ إعلان الهُدنة، فيما لم يتجاوز عدد الرحلات التي تم تسييرها إلى الأردن ثمان رحلات فقط، حَيثُ تقوم دول العدوان بتحديد مواعيد الرحلات والتحكم بها بشكل مزاجي، وتقوم بمنعها بصورة مفاجئة.
وبخصوص المرتبات، قال الفريق الرويشان: إن “صرفها من الوعود الكاذبة التي يطلقها تحالف العدوان والمرتزِقة باستمرار”.
وكان صنعاء قد شدّدت على أهميّة معالجة هذا الملف بالعودة إلى اتّفاق صرف المرتبات من إيرادات ميناء الحديدة وإيرادات النفط والغاز التي ينهبها العدوّ، لكن الأخير يسعى للتنصل من التزامه في هذا الاتّفاق.
وقال الرويشان: إن “ما يتم تحصيله من إيرادات من دخول المشتقات النفطية يتم توريده إلى حساب خاص ولا يوجد لدينا ما نخفيه في هذا الشأن”.
ويسعى العدوّ للتغطية على نهب إيرادات النفط والغاز، وتسليط الضوء فقط على إيرادات ميناء الحديدة التي تقوم صنعاء بالفعل باستخدامها لصرف نصف راتب بشكل متقطع؛ لأَنَّها لا تكفي لتغطية ميزانية المرتبات التي تعتمد في الأصل على عائدات النفط والغاز.
وحول الدور الأممي السلبي، أكّـد الفريق الرويشان أن “الأمم المتحدة تحاول إظهار نجاحها في الهُدنة في اليمن فيما معاناة شعبنا مُستمرّة جراء انقطاع الرواتب والمشتقات النفطية”.
ومثّلت الهُدنة اختباراً رئيسياً لجدية الأمم المتحدة و”حياديتها” فيما يتعلق باليمن، لكنها سقطت سريعاً في هذا الاختبار، إذ التزمت منذ البداية وبشكل فاضح بالانحياز لقوى العدوان ومرتزِقتها وفتح المجال أمامهم للتنصل عن الالتزامات والالتفاف على بنود الاتّفاق.
وأكّـد الرويشان أن “الشعبَ اليمني وقواتِه المسلحة لا يعتمدون على الهُدنة ولا يعولون على مصداقية قوى العدوان”.
وكان المبعوث الأممي بعث برسالة إلى رئيس المجلس السياسي، مهدي المشاط، تعهّد فيها بالعمل على تعويض الاستحقاقات المتأخرة للاتّفاق والوصول إلى اتّفاق إنساني شامل إذَا وافقت صنعاء على تمديد الهُدنة، لكن حتى الآن لا توجد أية مؤشرات على اعتزام الوفاء بهذه التعهدات.
ولا يزال تحالف العدوان وأدواته يعرقلون التقدم في ملف فتح الطرق في محافظة تعز وبقية المحافظات، حَيثُ رفض فريقُهم مبادرةَ صنعاء لفتح عدة طرق في تعز ومأرب والضالع، وركز على مناطق تماسٍّ يسعى لتحقيق مكاسبَ عسكرية فيها، في محاولة فاضحة لاستغلال الاتّفاق.
وكانت صنعاءُ أعلنت أنها ستقومُ بفتح الطرق التي تضمنتها المبادرةُ في محافظة تعز من جانب واحد إذَا استمر الطرف الآخر بالتعنت، وهو ما عارضه الأخيرُ، كاشفاً بذلك عن حرصه على استمرار معاناة أبناء المحافظة.
وكانت صنعاء قد طالبت الأمم المتحدة أَيْـضاً بالاستفادةِ من فُرصةِ التمديد لإنجاح اتّفاق تبادل الأسرى المتعثر؛ بسَببِ تعنت تحالف العدوان ومرتزِقته، لكن لا مؤشرات إيجابية في هذا الجانب أَيْـضاً.
وإجمالاً، لم يحقّقْ تمديدُ الهُدنة حتى الآن أيَّ تقدم في تنفيذ بنود الاتّفاق على أرض الواقع، وهو الأمرُ الذي قد يقودُ إلى انهيار الاتّفاق مع نهاية هذه المرحلة، خُصُوصاً وأن التمديدَ كان “فرصة أُخرى” منحتها صنعاءُ لدول العدوان والأمم المتحدة بعد اتصالات ووساطات إقليمية ودولية، في حين كان التقييم الرئيسي للهُدنة سلبياً “وغير مشجِّعٍ” للاستمرار فيها.