الطلابُ اليمنيون في الخارج.. إهمالُ حكومة المرتزقة يقودُهم إلى الانتحار
يلجؤون إلى بيع أثاثهم المنزلي لتسديد إيجارات السكن ويتعرضون للطرد من الشقق السكنية والجامعات
المسيرة – إبراهيم العنسي
يتجاوزُ عددُ الطلاب اليمنيين المبتعثين للدراسة في الخارج، 9 آلافِ طالبٍ وطالبة، يتوزَّعون على 38 بلداً حول العالم.
وبصورة متكرّرة، تشهدُ عددٌ من دول الابتعاث كـ: مصر والأردن والهند والجزائر وألمانيا وروسيا وماليزيا والمغرب وبولندا وبلدان أُخرى، احتجاجاتٍ للطلاب اليمنيين واعتصامات في السفارات اليمنية المدارة من مجلس العار وحكومة الارتزاق، للمطالبة بصرف مستحقاتهم المالية المتأخرة، والإسراع بسداد أقساط الدراسة لحساب الجامعات التي يدرسون فيها حتى لا يكون مصيرهم كمصير من سبقوهم.
كَثيراً ما نفَّذ طلاب اليمن في مصر والهند وروسيا وألمانيا، وقفات احتجاجية أمام مبنى سفارات حكومة مرتزِقة التحالف مع غياب طويل ثم متكرّر لمستحقاتهم المالية المتأخرة منذ منتصف ٢٠٢١.
يستمرون في تحَرّكاتهم ووقفاتهم وحملاتهم الإلكترونية الاحتجاجية للمطالبة بحقوقهم وإعلام العالم بأن هناك لصوصاً في اليمن هم مرتزِقة تحالف العدوان السعوديّ الإماراتي لم يكتفوا بتجريع شعبهم في الداخل الجوع والإذلال، بل اعتادت أيديهم الآثمة أن تطال حقوق ومستحقات طلاب اليمن المبتعثين للدراسة.
ويشير طلاب اليمن المبتعثين خارج البلاد إلى ما يقاسونه من أوضاع مأساوية في بلاد المهجر، وأعطوا نماذج لما يعانيه الطلاب في مصر والهند وماليزيا كجزء من معاناة اليمنيين المبتعثين في الخارج جراء فساد وانتهاكات سلطات حكومة مجلس العار.
في 13 مارس 2022، لجأ الكثير من الطلاب اليمنيين في الهند إلى بيع أثاثهم المنزلي وتسديد إيجارات السكن بعد أن هدّدهم مالكو الشقق بالطرد، وسط رفض حكومة هادي آنذاك دفع مستحقاتهم المالية، أشاروا إلى أنهم أصبحوا معرَّضين للطرد من الجامعات؛ بسَببِ عدم تسديد رسومهم الدراسية.
يتعرض الطلاب اليمنيون في الخارج للطرد من الشقق السكنية والجامعات؛ لعدم دفع حكومة المرتزِقة إيجارات المساكن ورسوم الجامعات، ورغم تظاهرات واحتجاجات الطلاب التي نُفَّذت أمام سفارات اليمن المغتصَبة في الأردن وروسيا والهند وباكستان ومصر، إلا أن حكومةَ المرتزِق معين عبدالملك تجاهلت معاناتهم، الأمر الذي أثر على حياتهم المعيشية وتحصيلهم العلمي.
مراقبون لوضعِ الطلاب اليمنيين في الخارج يشيرون إلى أن مسؤولي السفارات التابعة لمجلس العار يقومون باستثمار معاناة الطلاب ونهب مستحقاتهم ومنحهم المالية والدراسية وبيعها من أبناء التجار.
بياناتٌ طلابية سابقة أكّـدت أن الطلبة اليمنيين في الخارج كانوا وما زالوا عرضة لفيروس كورونا COVID-19، والسبب تراكم المشاكل والقضايا وتأخر صرف مستحقاتهم المالية، الأمر الذي جعل الكثير من الطلاب يتركون منازلهم -برغم إعلان حالة الطوارئ في أغلب دول العالم- والخروج للبحث عن مصدر دخل ينقذون به أنفسهم وأسرهم مع انقطاع مستحقاتهم الدراسية.
طلاب اليمن بماليزيا وألمانيا نشروا مراراً بياناتٍ ومراسلاتٍ عبر مواقع التواصل الاجتماعي مفادها أن الديون والإيجارات والرسوم الدراسية تراكمت عليهم نتيجة تأخير مستحقاتهم المالية، ويقولون إنهم يأسفون أن وزارةَ التعليم العالي أَو ما يحبون أن يطلقوا عليها اسم وزارة “التعذيب العالي” التي قالوا إنها تمارسُ أُسلُـوبَ الإذلال لهم ولأسرهم وأنها تستثمر معاناتهم، وتتعمد زيادة الفجوة بين موعد الاستحقاق وزمن الصرف، حَيثُ قد تجاوزوا عاماً كاملاً فيما كان الطلاب يأملون أن تقوم الوزارة بصرف مستحقاتهم للأرباع المتأخرة لتقليل الفجوة حسب وعود وتصريحات الوزير المرتزِق.
مستحقات الطلاب اليمنيين المبتعثين كانت تشمل (الربع الثاني والثالث والرابع لعام 2021، والأول والثاني لعام 2022)، لم يسلم منها سوى مستحقات ربع واحد فقط “الربع الثاني 2021″ فيما كان مفترض أن يكونوا قد استلموا مستحقات الربع الثاني 2022م، ما يعني تأخر مستحقات عام كامل على طلاب اليمن في بلاد المهجر!؟، فيما تستمر المعاناة مع تراكم الديون، الإيجارات، مصاريف الكتب،… إلخ.
وبنفس درجة السوء في تعامل السفارات اليمنية الخاضعة للمرتزِقة وحكومتهم الفاسدة مر طلاب اليمن في الخارج بأوضاع قاسية جِـدًّا في مختلف دول الابتعاث، إثر تفشي جائحة كورونا 2019 في كافة دول الابتعاث، حَيثُ عاش فيها طلاب اليمن في حالة حجر صحي بالغ التعقيد إزاء إعلان حالة الطوارئ وتقييد الحركة وتوقف كافة المؤسّسات والشركات، إضافة إلى شحة المواد الغذائية والصحية الاحتياطية التي يمتلكونها لمواجهة الفيروس والالتزام بالحجر الصحي، ناهيك عن إغلاق جميع المطاعم والبقالات التي كانوا يعتمدون عليها كليًّا في مأكلهم ومشربهم، وذلك لعدم وجود أي عائد مالي، وتأخر المستحقات المالية لثلاثة أرباع كاملة.
إلى جانب أن بعضَ الدول أخرجت الطلابَ من مساكنها الجامعية وقت تحويلها إلى مراكز حجر صحي للمرضى.
مصر الأسوأ
طلاب اليمن المبتعثون للدراسة بجمهورية مصر العربية مارس ٢٠٢٢ نظموا وقفة احتجاجية أمام مبنى الملحقية الثقافية اليمنية في العاصمة المصرية القاهرة؛ تنديداً بتجاهل حكومة المرتزِقة المُستمرّ لقضية الطلاب المبتعثين في الخارج وعدم إيجادهم حلولاً جذرية لملف المبتعثين للدراسة في الخارج لسنوات عديدة.
بيانُ الطلاب تحدث عن معاناة مُستمرّة للعام السادس على التوالي ولم يتم إيجاد حَـلٍّ لها، في ظل التجاهل لحكومة المرتزِق معين عبدالملك والصمت غير المسبوق بالرغم من المناشدات الطلابية المُستمرّة للمطالبة بمستحقاتهم المالية.
وطالبوا بصرف كامل مستحقاتهم المتأخرة التي تتجاوز 12 شهراً، وضمان صرفها بموعدها بداية أول شهر من كُـلّ ربع، وكذا صرف الرسوم الدراسية للعام 2021/2022، ورسوم من لم يتم الصرف لهم للأعوام الماضية والعديد من المطالب التي تضمنها البيان الصادر عن الوقفة الاحتجاجية.
لم تكترث حكومةُ لصوص وساكني فنادق الرياض لمعاناة وأوضاع الطلاب المبتعثين، فذكر المحتجون أنهم صاموا رمضان الفائت دون أن تُصرف لهم أية مستحقات مالية.
ولخمس سنوات ماضية لم تُصرف للطلاب الموفدين من الجامعات ما يُعرَفُ بمستحقات قيمة الكتب الدراسية والبحثية، حَيثُ أنها متراكمة وموقوفة من حكومة المرتزِقة بما يخالف القانون منذ العام 2017.
صرفُ مستحقات الطلاب المنزلين وإعادتهم للكشوفات، واعتماد التمديد القانوني والاستثنائي للطلبة في هذه الظروف التي لم تراعَ فيها ظروف الوباء العالمي كورونا ولا تعطيل الدراسة بالجامعات السودانية لعام كامل.
وفي كوبا عانى الطلاب اليمنيون المبتعثون للدراسة في جمهورية كوبا من الموجة الثانية من وباء كورونا والتي عاشها الطلاب في حالة حجر صحي بالغ التعقيد؛ بسَببِ تفشي الوباء بشكل هائل والتوقف شبه الكلي في الحركة الاقتصادية والتعليمية، إضافة إلى الحصار الاقتصادي المفروض على دولة كوبا، كُـلّ هذا أَدَّى إلى تضاعف معاناة الطالب اليمني الذي صار حاله أصعب من أية فترة سابقة.
وفي ظل الوعود الزائفة التي قدمتها حكومة المرتزِقة ووزارتها المختصة ووزيرها المرتزِق خالد الوصابي، لم تكن هناك حلول ملموسة لمشاكل الطلاب المتراكمة.
فسادٌ دبلوماسي
حالاتُ الفساد الكبير في سفارات اليمن المدارة عبر شلل مرتزِقة تحالف العدوان، فاقمت من معاناة الطلاب اليمنيين في الخارج، الذين يواجهون عدداً من المشاكل في بلدان المهجر، أبرزها يتعلق بتجديد الإقامة، في ظل تقاعس السفارات والقنصليات اليمنية، عن حَـلّ مشاكلهم التي يواجهونها مع الأمن ومكاتب الهجرة والإقامة في تلك الدول.
وتكرّرت حوادثُ انتحار الطلاب اليمنيين المبتعثين للدارسة في الخارج في أكثر من دولة، كالهند وألمانيا والجزائر وماليزيا، نتيجة للأوضاع المأساوية والظروف الصعبة والمعاناة الإنسانية التي تعرض لها الطلاب اليمنيون مع انقطاع المنح المالية وتأخرها بصفة مُستمرّة لأشهر طوال، إلى جانب حالات الفساد الدبلوماسي الكبير في سفارات اليمن بالخارج التي تخلت عنهم في أحلك الظروف.
وأثارت حادثة انتحار الطالب اليمني المبتعث للدراسة في الهند محمد عثمان علي دجيرة (24 عاماً)، سخطاً شعبيًّا واسعاً في الشارع اليمني وعلى منصات التواصل الاجتماعي، التي تناولت مأساة الشاب العشريني الذي كان يدرس إدارة أعمال بالجامعة العثمانية بمدينة حيدر أباد الهندية، والذي أقدم على الانتحار شنقاً في شقته بمنطقة أندرا براديش بولاية حيدر أباد، نهاية مايو العام الماضي، بعد أن وجد نفسه ملاحقاً من قبل الشرطة؛ بسَببِ انتهاء إقامته، وَتجاهل سفارة اليمن في الهند له بعد أن لجأ إليها مستغيثاً، تداول ناشطونَ صوراً لرسائل من الطالب دجيرة لكل من السفير والقنصل اليمني لدى الهند، عبر تطبيق «واتساب»، ناشدهما فيها حَـلّ قضيته، لم يتم الرد عليه، وتم تجاهل كُـلّ توسلاته ورسائله، ووجه الطلاب اليمنيون في الهند أصابع الاتّهام للسفارة اليمنية في الهند بقتل دجيرة.
حادثة انتحار دجيرة هي ثالث حالة مأساوية لطالب يمني في الهند.
في فبراير 2018، أقدم طالب الدراسات العليا خالد عثمان نايف، على الانتحار شنقاً في مسكنه الواقع بولاية شينتور الهندية، بعد أن عجز عن تحمل تكاليف المعيشة؛ بسَببِ انقطاع مستحقاته المالية لأكثر من عام.
ولنفس الأسباب، في ماليزيا، أقدم إبراهيم صلاح العيسائي الطالب في جامعة «آبت» الماليزية، على الانتحار، بإلقاء نفسه من أعلى برج سكني مطلع فبراير 2017م.
وتعد هذه الحادثة هي الثانية التي يقدم فيها طالب يمني على الانتحار في ماليزيا خلال أقل من عام، وفي منتصف مايو من العام 2016م أقدم طالب يمني يُدْعى هزام الرداعي على الانتحار، بإلقاء نفسه من الطابق العاشر من برج سكني في العاصمة كوالالمبور.
وبعد أسبوع من انتحار الطالب العيسائي في ماليزيا، أقدم طالب يمني آخر على الانتحار، وبنفس الطريقة، لكن في الجزائر في فبراير من العام 2017م انتحر الطالب اليمني محمد الذمراني (21 عاماً) بعد أن رمى نفسه من الطابق الثالث لمبنى السكن الجامعي التابع لجامعة قسنطينة في الجزائر؛ بسَببِ الأوضاع الصعبة التي عاشها وانقطاع السبل به نتيجة تأخر صرف مستحقاته المالية.
وسبق أن شهدت الجزائر حادثة انتحار طالب يمني في العام نفسه، لنفس الأسباب، حَيثُ أقدم الطالب أحمد مثنى على الانتحار شنقاً، في مارس 2017م.
وفي ألمانيا انتحر الطالب في جامعة HTW berlin” ” الألمانية هشام العامري أغسطُس2017م بمقر سكنه بمدينة برلين؛ بسَببِ وضعه المالي وعجزه عن دفع تكاليف الدراسة، وقال مصدر في الجالية اليمنية ببرلين: إن الطالب العامري أقدم على الانتحار في سكنه بعد تركه رسالةً تفيد بأنه سينتحر.
ومع كُـلّ شهر يمر تزداد معاناة الطلاب المبتعثين آخرها ما حصل الأربعاء الماضي، حين استدعت السفارة اليمنية للمرتزِقة في موسكو الشرطة الروسية ليس لشيء، سوى طرد الطلاب اليمنيين المحتجين على عدم صرف مستحقاتهم المتأخرة، ليعبروا عن استيائهم من هذا التصرف الهزيل ببيان قالوا فيه: “إنهم فوجئوا باستدعاء مسبق للشرطة الروسية من قبل سفير المرتزِقة “الوحيشي” لاستقبال الطلبة!؟ بدلاً عن استقباله لهم في حرم السفارة أَو من يمثله والاستماع لمطالبهم المتعلقة بصرف مستحقاتهم المتأخرة”، حَيثُ هم طلاب في المهجر كُـلّ اعتمادهم على ما يصرف لهم من مستحقات دراسية.
والمعلوم أن هذه ليست المرة الأولى التي يلجأ إليها سفير “مجلس الفنادق” لدى موسكو لطرد الطلاب اليمنيين من أمام مقر السفارة، كما أنه ليس السفير الوحيد الذي يتعامل مع طلاب بلاده باستخدام عناصر قوة أمنية أجنبية لمحاولة إسكات أصواتهم المطالبة بحقوقهم ومستحقاتهم.
هذه النماذج للسفراء وما دونهم التي تزعم تمثيل اليمن في الخارج سفارات وقنصليات وملحقيات… لا تشرف أحداً بمحاولاتها الرخيصة إهانة طلابنا مهما برّرت الأسباب حالها حال من أتى بها من سلطة وحكومة عرف عنها السطو والنهب وإبرام صفقات بيع البلاد، فلا غرابة أن تتعاملَ مع طلاب اليمن بهذا الأُسلُـوب الرخيص انسجاماً مع المحتلّ السعوديّ الإماراتي الذي جُلُّ سعادته إذلالُ وإهانة كُـلّ مَـا هو يمني بما فيه إهانة وإذلال مرتزِقة مجلس العار وقبله سلطة هادي الفارّ وحكومة الهامور معين.
وتبقى مطالبُ طلاب اليمن المشروعة والحقة هي الأَسَاس اللازم الوقوف معها؛ إعلاءً لشأن كُـلّ ما هو يمني، كما نطالب ونصر اليوم على صرف مرتبات موظفي اليمن، فَـإنَّ مستحقات طلابنا المبتعثين ذخيرة الوطن العلمية جزء لا يتجزأ من مطالبنا وَهكذا يجب أن تكون.