الرئيس المشاط يعلن “ولادةَ مرحلة مؤسّسية جديدة”: زمنُ الوَصاية انهار بدماء شعبنا وسننطلقُ من التنظير إلى العمل والبناء لتلبية طموح كُـلّ اليمنيين
على رأس الاستحقاقات مواجهةُ العدوان والحفاظ على مؤسّسات الدولة وتعزيزُ الصمود والتأسيس لبناء الدولة الحديثة
أعلن الانتقالَ من التاريخ الميلادي إلى التاريخ الهجري كتاريخ رسمي للدولة بجميع أنظمتها من بداية 1444هـ
دشّـن مسارَ وإصلاح وتطوير القوانين وأعلن الخطةَ العامة للدولة لعام 1444هـ وجهوزيتها
المسيرة: خاص
وضع الرئيسُ المشير مهدي محمد المشاط، أمس الاثنين، القاعدةَ العريضةَ التي ستُبنى عليها الدولةُ اليمنيةُ الحديثةُ وفق البناءِ المؤسّسي الوثيق، الذي أسّس مداميكه الشهيدُ الرئيس صالح الصمَّاد، بمشروعه الوطني “يدٌ تبني ويدٌ تحمي”، فيما أوصل الرئيسُ المشاط رسائلَ قويةً للداخل والخارج أوحى من خلالها ببعضِ مستقبلِ مؤسّسات الدولة اليمنية الحديثة الكفيلة بتلبية طموح كُـلّ أبناء الشعب.
وفي كلمة له، أمس، بمجلس النواب في اللقاء الموسَّع لقيادات الدولة لتدشين مرحلة إصلاح وتطوير القوانين واللوائح، أكّـد الرئيسُ المشاط أن المرحلةَ القادمةَ من البناء المؤسّسة لن تكون كما قبلها، منوِّهًا إلى جملةٍ من الإصلاحات الإدارية اللازمة لتقويم مسار الأداء المؤسّسي وتوسيع حلقة البناء واستيعاب طموح وتطلعات اليمنيين.
تدشينُ التاريخ الجديد للجمهورية وخططه
وفيما استهل الرئيسُ المشاط، كلمته بالحديث عن الضرورات الملحة لتقويم مسار أداء الدولة، أعلن بدءَ الانتقال من التاريخ الميلادي إلى التاريخ الهجري كتاريخ رسمي للدولة اليمنية بجميع أنظمتها ومعاملاتها من بداية العام الهجري المقبل 1444هـ، مؤكّـداً الفخر بذلك بما له من دلالة على تمسك شعبنا بهُــوِيَّته الإيمَـانية.
كما أعلن الرئيسُ المشاط تدشينَ الخطة العامة للدولة لعام 1444هـ وجهوزيتها بإذن الله، لبدايةِ التنفيذ مع بداية العام الهجري، معتبراً الاجتماعَ تدشيناً لبدء تنفيذ خطة العام 1444هـ، فيما أعلن الرئيسُ المشاط، تدشينَ مسار وإصلاح وتطوير القوانين من خلال الآلية المعتمدة لذلك، وبهذا يمكن القول إن مؤسّساتِ الدولة مقبلةٌ على نقلة شاملة في الأداء والمسارات كفيلة بإحداث تغير نوعي وملحوظ قد يلبّي جانباً من تطلعات وآمال الشعب المنهَك؛ بفعل السياسات العدوانية الأمريكية السعوديّة الإماراتية.
ولفت الرئيس المشاط، إلى أن إعلانَ بدء الخطط الثلاث المذكورة آنفاً يأتي انطلاقاً من فهم وحجم التحديات المفروضة علينا واستحضار أننا أمام معركة مفصلية تمثِّلُ نتيجتُها استقلاليةً وحريةً وعزة بلدنا وشعبنا.
وعبّر الرئيس المشاط عن تطلُّع اليمن -قيادةً وشعباً- للدور الهام والمحوري لمجلس النواب في تحقيق التوازن المطلوب، بما يضمنُ إنجازَ الاستحقاقات الرئيسية والملحة، وعلى رأسها مواجهة العدوان والحفاظ على مؤسّسات الدولة، والقيام بكلِّ ما يمكن لتعزيز الصمود والتلاحم، والتأسيس لبناء الدولة اليمنية الحديثة التي تلبي طموحَ وتطلعاتِ أبناء شعبنا اليمني المسلم، مؤكّـداً أن الأداءَ الصحيح والعمل الجاد للمجلس بما يضمن حسن الأداء والجودة المرجوة من السلطة التنفيذية.
لنبنِ دولةً للشعب وليس للمسؤولين
وقال الرئيسُ المشاط: “من دواعي الفخر والاعتزاز والسرورِ أن نجتمعَ في مثل هذه المناسبات التي من خلالها نتطلّع إلى إحداثِ نقلةٍ نوعيةٍ في التنظيم وبرؤية واحدة ومشاركة جماعية للجهات ذات العلاقة، أَيْـضاً وفق المعايير وفق آلية واحدة ودقيقة نركز هنا على موضوع المعايير لهذا المشروع، مشروع تطوير التقنين واللوائح، هذا مهمٌّ جداً”.
وَأَضَـافَ “هذا الموضوع قد تم النقاشُ فيها لفترة طويلة، ووُضعت المعايير حتى لا تبقى المسألةُ رهناً للمزاجيات، أَو أن يأتي المسؤولُ في أية مؤسّسة يبني المؤسّسة وكأنها بَيْتُه، أَو كأنها ملكٌ له، وأن ينطلق كُـلُّ واحد منا يبني دولته، هذا مهمٌّ جِـدًّا أن يكون عنوان هذا المشروع، كُـلّ واحد منا ينتهز الفرصة لبناء المؤسّسة”.
وخاطب الرئيسُ المشاط، مسؤولي الدولة بقوله: “أخي المسؤول: المؤسّسة قد تكون فيها اليوم وغداً غيرك، فاعملْ لتبنيَ دولة، لا لتبنيَ نفسَك؛ لأَنَّه اليوم أنت فيها وغداً نحن زائلون، سواء زائلون من هذه الدنيا أَو من هذا المسؤولية، الذي سيكتبه التاريخُ لك عندما تبني مؤسّسة دولة، أما عندما تنطلق لتبني وضعك الشخصي، فَـإنَّ هذه الجهود ستكون زائلة وستكون نكبة ولعنة على أي مسؤول للأجيال من بعده”، ومن خلال هذه العبارة يتضح للجميع مدى حرص القيادة على التغيير الشامل على مستوى المؤسّسات ورؤسائها ومرؤوسيها.
ونصح الرئيس المشاط بالانطلاقة الجماعية؛ لأَنْ نبنيَ دولتنا، منوِّهًا إلى وجود الآليات الدقيقة والصارمة لضبط الموضوع المذكور آنفاً.
ولفت إلى أن من أكبر النعم هو أن تجتمعَ قيادات الدولة تحت قبة البرلمان، فيما أن فصائل المرتزِقة متناحرون ومتقاتلون، معبراً عن أسفه لما يتعرض له المواطنون في المناطق المحتلّة.
واستدرك “أَحُثُّ من خلالكم الإخوةَ في جميع القطاعات بأن نتحَرّك ونحثَّ الخُطَى والسير إلى أن نصل إلى الخطوات العملية وننطلق من واقع التنظيرِ إلى واقعِ العمل”.
زمنُ التنظير ولّى وجاء زمن العمل
ونوّه إلى أن “الآنَ مرحلة عمل، الخطط جاهزة والأفكار جاهزة والعام القادم قادم علينا بعد أَيَّـام قليلة”، مؤكّـداً أن هذا الاجتماع ومخرجاته تدشيناً لمرحلة التطبيق بدلاً عن مرحلة التنظير والتخطيط”.
وأشَارَ الرئيس المشاط إلى أن “مقتضياتِ المرحلة سواءٌ أكنا في مرحلة حرب أَو مرحلة سلام، تتغير الوضعياتُ في كثير من الدول ونحتاج إلى التحديثِ باستمرار، بالتالي أرجو أن يهدأَ الجميع، وليفهموا بل وكل العالم يعرف أننا أمام مرحلة وأمام وضعية متغيرة في جميع المجالات، وفي جميع المحاور، وفي جميع الأطر في الجمهورية اليمنية”.
ولفت إلى أن “هذه اللجنةَ لا تأتي لتعملَ انقلاباً على كُـلّ ما هو ماضٍ، لا، الذي هو صالحٌ لهذه المرحلة يبقى كائناً ما كان، نحنُ فقط نطوّر ونحدِّث حسب مقتضيات المرحلة والواقع”.
وقال: “لدينا فرصة أن نتجّه لبناء دولتنا الوطنية بفكرٍ وطنيٍّ وبتوجّـه وطني بعيدًا عن الوَصاية وبكلِّ شموخ وبكلِّ اعتزاز بعيدًا عن الوصاية وفي صميم الاستقلال، هذه نعمة جدًّا”.
وَأَضَـافَ “لا يتبقى لدينا هاجسٌ إلا التفكيرِ الضيّق لدى المسؤولين الذين يعينونا في هذا المشروع، أما الوصاية هذا راح زمانُها، أنهار من الدماء راحت وتحقّق لبلدنا -إن شاء الله- حريتها واستقلالها، لكن التفكيرَ الضيّق لأيِّ مسؤول هذا هاجس لدينا ولدينا الآليات الضابطة له، ولكن أطرح هذه النقطة لكم لتعينونا على ذلك، كُـلّ بواقع مسؤوليته”.
وتابع في كلمته: “نحن متوجّـهون للبناء المؤسّسي بدلَ البناء الذي يقال “الشللي” مع أنه غير موجود، سنتوجّـه إلى البناءِ المؤسّسي إن شاءَ الله، بغضِّ النظر عمَّن هو السببُ في وصول المرحلة إلى بناءات شللية، لا، البناءُ المؤسّسي هو الذي سنعملُ عليه إن شاء الله، في المستقبل، ونبني دولتنا على أَسَاسه بإذن الله سبحانه وتعالى”، فيما نوّه إلى ضرورة الاستفادة من تجارب الدول الناجحة وتطبيقها في واقعنا المؤسّسي.
ونوّه الرئيس المشاط إلى أن هناك مجموعةَ برامج أعمال ستخرج -إن شاء الله- إلى النور في الأيّام القادمة؛ باعتبَار المرحلةِ القادمة مرحلة التطبيق، مكرّراً عبارته “أن مرحلة التنظير قد انتهت، ولنا فترة كثيرة، وخرجنا بمخرجات وبعصب أفكار كثيرة”.
دروسُ قائد الثورة كضرورة والمرحلة مفصلية ولا مكان للسطحيين
وفي سياق متصل، اعتبر الرئيسُ المشاط دروسَ قائد الثورة حول عهد الإمام علي لمالك الأشتر “دستوراً للمسؤول المسلم”، مؤكّـداً أن المسؤولَ المسلمَ يجب أن يتحلى بتلك الصفات وتلك التوصيات التي أدلى بها الإمام عليّ -عليه السلام- إلى مالك الأشتر.
وقال: إن “هذا دستورٌ ينبغي أن يكون أمامَ أعين كُـلّ مسؤول منا، أدعو الجميعَ، وأحثُّ الجميع، بل وألزم الجميع إلى الاستماع لهذه الدروس فهي مهمة؛ لأَنَّه إذَا صلحت النفسُ صلح الواقعُ العملي، إذَا صلحت نفس المسؤول أصلح واقعَه وأصلح محيطه”.
ولفت إلى أنه وجّه رسالةً لدولة الأخ رئيس الوزراء ليلزم الإخوة الوزراء الذين لم يقدّموا الإقرار بالذمة المالية أن يقدموه في أقرب وقت ممكن”.
وَأَضَـافَ “قلت فيها إنني متأسف أنني شخصيًّا لم أقدمها لحد الآن، لكن لماذا؟!؛ لأَنَّني لا أملك شيئاً”.
واستدرك “أنا كنتُ في خطاب مع الإخوة في الأجهزة الرقابية، قلت لهم بأني لا أملك إلا منزلاً مدمّـراً على أرض لا تساوي إلا عشرين متراً، لم يتغير شيء من ذلك اليوم لحد الآن، فقط نسيت واحدة وهي السيارة، كان لدي سيارة واحدة احتاج إليها الشهيدُ الصماد -رحمة الله تغشاه- وفي أيامه الأخيرة، وقال لي بأنه يريدها في عمل ولا يملك سيارة فاعطني إياها وسأشتري لك سيارة بدلها، لاحقاً أعطيته تلك السيارة وراح شهيداً بعد شهر من ذلك اليوم، هذه السيارة الوحيدة التي أمتلكها، البقية لا يوجد لدي شيء”.
وتابع حديثه “نحن لا نزال يا إخوتي لأهلنا نقتني البيوت كما أصغر مواطن، أنا أقتني لأسرتي بيتاً وأتعرّضُ للإشكالات التي يتعرض لها أي مقتنٍ، أحياناً يأتون يطالبوننا بخروج هذه الأسرة؛ لأَنَّهم يريدون أن يسكّنوا أقارب، نفس القصة التي يتعرّض لها أي مواطن، لا أزال في بيت إيجار ولا أملك بيتاً ولا أملك سيارة، وكل ما أملك هو ملك عام، لا أملك ملكاً شخصيًّا، عندما أسمع شكاوى مواطنين وهي تجري عليَّ من المؤجرين، الذين يأتون يحاولون إخراج واحد من بيته؛ لأَنَّ فيه أقارب سيسكنون في هذا البيت، فنحن نعاني ما يعانيه المواطن، ونعيش ببساطة كما يعيش أي مواطن يمني، أي مواطن يمني أَو أي مسؤول يمني يملك أية معلومات غير ما أدليت به إليكم فليتقدم بها إلى هيئة الفساد وتصادر للدولة”.
وفي هذا السياق، لفت الرئيس المشاط إلى أن “هناك فوضى إعلامية أنا أسميها في شريحة واسعة من الإخوة الإعلاميين ومن الإخوة السياسيين، لكن نحن نبني معهم على حُسن النية، وكثيرٌ منهم لدينا بهم علاقة ودية كبيرة”.
وأردف بالقول: “لكنَّ هذا الصنف عادة ما يكون سطحياً حتى أني أذكر قصة في هذا المقام، أحد الإخوة المنتقدين بشكل مُستمرّ كان أول ما وقعت الضربة علينا التي أعلنت دولُ العدوان أنها استهدفتني شخصيًّا كان هو أول من يتصل ويسأل عني، قبل أن تعلن دولُ العدوان، أنا أقول له إذَا سمع كلامي: يا أخي أنت تحبني والعدوُّ يعرف أنك تحبني، لكنه يعرف أنك سطحي، يريد أن يتأكّـد هل هو استهدفني من خلال سطحيتك وعلى هذا قيسوا”.
ونوّه إلى أن “هناك آليةً لدى العدوّ يستغلُ الكثيرَ من الذين نبني معهم على حسن النية، نحن لدينا سقف عالٍ للتعبير عن الرأي لكن أن تصل المرحلة إلى الإضرار بالمصلحة العامة بالبلد هنا سنقول (اسطب) توقف، هنا خيانة”.
وأشَارَ إلى أن النوعية الأُخرى “التهمنجيين”، هؤلاء” التهمنجيين”، مؤكّـداً أنهم “لا يملكون أية أدلة بل ينبحون نباحاً بدون أية أدلة، هؤلاء مجموعة حاقدين ولا يريدون الإصلاح بل ومزايدين، لا يريدون إصلاحاً ولا يوجد لديهم رؤية”.
وجدّد دعوتَه لكل أبناء الشعب من لديه أفكار أَو رؤى أَو أحاديث بنّاءة إلى أن يقدمها، مؤكّـداً حرصَه على فتح كُـلّ الأبواب أمام جميع أبناء الشعب ممن يريدون بناء دولتهم.
وفي ختام كلمته، قال الرئيس المشاط: “هناك وضعيات نحن نطمحُ أن نصلَ إليها لكن هناك عوائق، بالتالي هناك جهود كثيرة تُبذل، هناك جهود كثيرة تُبذل، لا نجلد أنفسنا؛ لأَنَّنا لم نصل إلى الوضع المثالي الذي نتمناه ونطمح إليه ويتمناه سيّدُنا القائد، نعمل بكل جِدٍّ واجتهاد وبكل إخلاص وسنصل إن شاء الله مع إرادَة الصادقين وحرص الحريصين سنصل إن شاء الله إلى أحسنِ وضعية”، مُضيفاً “لا تفتوا في عضدكم، القيل والقال والتهمنجيون والمنظماتيون أَيْـضاً، المنظماتيون أبناء المنظمات لهم دور في الدعايات، لكن شعبنا محصن بالوعي، ولن تصل ولن تقدروا أن تخترقوا وعي شعبنا، شعبنا بهُــوِيَّته وبحضارته وبإيمَـانه محصن بإذن الله سبحانه وتعالى، فأنا أقول وأكرّر: لا نجلد أنفسنا كَثيراً، نسمع نستفيد ما هو حق، نحن باذلون للحق وفق العدل والإنصاف، ما يمكن أن نستفيد منه، لا نستنكر نستفيدُ من أي واحد مهما كان كَبيراً أَو صغيراً”.