يوم الولاية حديث غيّبته الأساطير الواهية .. بقلم/ أيوب أحمد الهادي
نستلهم من ذكرى يوم الغدير العديد من الدروس والعبر فهو يوم إكمال الدين وإتمام النعمة على المسلمين والمؤمنين بتنصيب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وهو يوم عظيم يحتفل فيه المؤمنون، ويفرحون فيه، وذلك للأدلّة التي وردت في فضله وعظمته وأهميّته فإذا رجعنا قليلًا إلى ما قبل خمسين عاماً فسنجد أن آباءنا وأجدادنا كانوا يتخذون من يوم الولاية عيداً يحتفون فيه بذكر مناقب ومآثر أمير المؤمنين علي -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، إلى أنْ جاء عصر التحريف والتدوين بحسب رغبات السلطة الحاقدة المبغضة لعليّ وأهل بيته عليهم السلام، ولا يعني إنكارهم لفضيلة هذا اليوم شيئاً، فالأحاديث الواردة في هذا اليوم والآيات النازلة فيه تدلل على فضله.
حَيثُ أخذ النبيّ -صلوات الله عليه وعلى آله- بيد عليّ بن أبي طالب -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فقال: ألست وليّ المؤمنين؟ قالوا: بلى، يا رسول الله، قال: من كنت مولاه فعليّ مولاه، فقال عمر بن الخطّاب: بخٍ بخٍ لك يا ابن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كُـلّ مسلم، فأنزل الله (اليَوْمَ أَكْمَلتُ لَكُمْ دِينَكُمْ… ) (۱). ورواه ابن عساكر وابن المغازلي (۲).
قال تعالى في سورة المائدة: (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَل فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي القَوْمَ الكافِرِينَ).
هذه الآية الشريفة نزلت في أواخر عهد رسول الله -صلّى الله عليه وآله- عند عودته من حجّـة الوداع بين مكّة والمدينة عند غدير خمّ، وقد مضى من دعوته -صلّى الله عليه وآله- أكثر من عشرين عاماً، كان فيها رسول الله قد بلّغ كُـلّ أمور الشريعة وعرّفها للمسلمين من صلاة وصوم وحجّ وأحكام الزكاة وغيرها من أحكام الشريعة، ولم يبق شيء إلّا وبلغه، فماذا يعني هذا الأمر الإلهي بتبليغ ما أنزل إليه؟ وما هو الأمر الذي أمر بتبليغه للناس وأمام عشرات الألوف من المسلمين.
قال السيوطيّ في الدرّ المنثور: أخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن عساكر، عن أبي سعيد الخدريّ قال: نزلت هذه الآية: (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) على رسول الله صلّى الله عليه وآله يوم غدير خمّ، في عليّ بن أبي طالب (٤).
وقال السيوطي: أخرج ابن مردويه، عن ابن مسعود قال: كنّا نقرأ على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) إنّ عليّاً مولى المؤمنين (وَإِنْ لَمْ تَفْعَل فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (٥).
وبعد أنْ أعلن رسول الله -صلّى الله عليه وآله- تنصيب أمير المؤمنين -عَلَيْهِ السَّلَامُ- أمام كُـلّ تلك الحشود في غدير خمّ، وبذلك تمّت النعمة، وكمل الدين بولاية سيّدنا ومولانا أمير المؤمنين -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، نزلت بعد ذلك آية إكمال الدين وتمام النعمة، لتعلن ذلك اليوم عيداً للولاية.
قال تعالى في سورة المائدة: (اليَوْمَ أَكْمَلتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً) (٦).
فبالرغم من وضوح أهميّة ذلك اليوم، والآيات النازلة فيه، والأحاديث الواردة بخصوصه، فَـإنَّ العامّة يشنّعون على أحباب أهل البيت وشيعتهم احتفالهم بذلك اليوم، غافلين عن كُـلّ ما ورد بخصوص ذلك اليوم من آيات وأحاديث، ويأخذون بتعليمات من حرف وحظر عليهم معرفة فضيلة هذا اليوم، حتّى صار ذلك العيد نسياً منسيّاً، إلا ما كان من المؤمنين الصادقين في توليهم ونصرتهم لأمير المؤمنين علي -عَلَيْهِ السَّلَامُ- الذين حافظوا على الاحتفاء به، لأهميّته وعظيم قدره.