العامُ الدراسي «الثامن» في زمن العدوان والحصار .. بقلم/ طاهر الشلفي*
يأتي إعلانُ وزيرِ التربية والتعليم السيد يحيى بدرالدين الحوثي، ببدء العام الدراسي 2022/2023م، والجميــع يترقب، الطلبة، المعلمون والمعلمات، أولياء الأمور إدارات المدارس، الموجهون وكافة العاملين في السلك التربوي، لما يحمل هذا العام الثامن من زمن العدوان والحصار، في طياته من حرص واجتهاد لإنجاح العملية التعلمية والتربوية إسوة ببقية الأعوام الماضية التي راهن العدوّ على إفشالها، ولكنه هو من فشل في ذلك.
ولا يخفى على الجميع أن الواقع فرض حالات الترقب من زوايا مختلفة بحسب منـظـور كُلٍّ منهم، فالطلبــة الذين لم يلتحقوا بالمراكز الصيفية هذا العام واجتازوا عطلتهم الصيفية بلا فائدة ولا أية برامج ترفيهية أَو أيٍّ من الدورات التعليمية في المعاهد والمنتديات كالمعتاد في السابق، كلٌّ حسب رغبته وميوله، حتى ينتظرون أول يوم دراسي تفتح لهم مدارسهم أبوابها لمواصلة مسيرتهم التعليمية وُصُـولاً إلى مستقبل أفضل، من جانب آخر يترقب أولياء الأمور بداية العام الدراسي ما بين همـــوم الرسـوم والحقائب المدرسية لأبنائهم والزي المدرسي والمصاريف اليومية وغيرها من الالتزامات الضرورية التي أصبحت عبئاً يثقل كواهلهم، وفوق ذلك كيفية توفير الكتب التعليمية «المنهاج التعليمي» وبين آمال وسعي؛ مِن أجلِ تأمين مستقبل أبنائهم من خلال التعليم، وما بين تلك الهموم والآمال هناك واقع مرير يعيشه الجميع متمثلاً بالحرب والعدوان المُستمرّ لكافة جوانب الحياة وأهمها الاقتصادية والتعليمية التي ترتب على إثرها توقف مرتبات المعلمين منـذ القرار الجائر بنقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن في أغسطُس ٢٠١٦م.
المعلمون والمعلمات الذي صابروا وناضلوا سنوات متتالية يعملون بانضباط مُستمرّ لتأدية مهنتهم التعليمية بلا مصدر رزق يعيلون به أنفسهم وأهاليهم بكل ما فيها من متطلبات الحياة، الجانب الحكــومي بالطبع يحمل هموماً لا حصـرَ لها بدءًا بمرتبات المعلمين وكذا توفير الكتاب المدرسي وما إلى ذلك من نفقات تشغيلية ترافق العملية التعليمية على مستوى كافة الجوانب الضرورية لديمومة واستمرار العملية التعليمية.
وهنــا لا بُـدَّ من استشعار المسؤولية الدينية والأخلاقية من الجميـــــع، فأولياء الأمور ينبغي عليهم التحلي بالمسؤولية وتوفير المستطاع لأبنائهم للدفع بهم إلى المدرسة تحت كُـلّ الظروف؛ لأَنَّ التهاون بتوجيههم إلى المدارس قد يعني حرمانهم من التعليم والاستفادة ولو في حدودها الدنيا في ظل الواقع المفروض علينا قسراً جراء الحرب والعدوان والحصار الجائر على البلد بشكل عام.
إدارات المدارس هي أَيْـضاً ينبغي عليها التخلي عن الروتين المتبع والمعتاد في السابق، والتعامل بروح التعاون والمسؤولية في استقبال الطلبة بأعلى مراتب المرونة في كافة الجوانب، وتسجيل الطلاب بدون فرض أية رسوم دراسية زائدة والتغاضي عن الزي المدرسي، كما ينبغي على المدارس أن تتهيأ مسبقًا وتعقد اجتماعات قبلية للمختصين والمعلمين لإكسابهم المرونة فوق المعتادة لكيفية استقبال الطلبة والتعامل معهم وتذليل الصعوبات تجاههم والعمل بكل السبل لخلق أجواء نفسية تعمل من المدرسة ومن الفصل الدراسي عامل جذب للمتعلمين.
ولا ننسى هنا أن نشير إلى أهميّة استمرار جانب المرونة المهنية بين الإدارات المدرسية والمعلمين بضرورة النظر في جدول الحصص والمواءمة بين الإلزام والترخيص للمساعدة على تمكين المعلم من القدرة على خلق أجواء عمل خارج المدرسة قد تخفف من حجم التزاماته ولو في أبسط الحدود.
ونشدّد هنا على الجانب الحكومي الذي بلا شك ملزم وطنياً ودستورياً ومهنياً وأخلاقياً للعمل بكل السبل لمعالجة كُـلّ الالتزامات القانونية ولعل أهمها المعلم والكتاب المدرسي، بمعالجة الأوضاع المالية للمعلمين والنظر في توفير راتب شهري للمعلمين، بتفعيل مشروع صندوق دعم المعلم والتعليم الذي قدمته وزارة التربية والتعليم للحكومة وأقره مجلس النواب، وهذا لا يعني الاعتماد على الصندوق فقط بل المجال ما زال مفتوحاً لإيجاد معالجات أُخرى.
ولا ننسى الأدوار المنوطة على كافة المنظمات المحلية والدولية في مساندة التوجّـهات الحكومية في استمرار العملية التعليمية لحماية خمسة ملايين طالب وطالبة من التسرب عن التعليم ومآلاتها المستقبلية على الفرد والمجتمع.
* مستشار المنظمة العربية للتربية