عروضٌ عسكرية تغيظ العدوان.. الجيشُ في أبهى قوة
شمسان: هذه الدُّفَعُ تضاعفُ عُنصرَ القوة في مواجهة مطامع قوى الغزو والاحتلال
الجفري: القوةُ العسكرية ستجبر الأعداء على وقف العدوان والحصار إذَا لم يجنحوا للسلام
المسيرة – منصور البكالي
عكست العروضُ العسكرية للقوات المسلحة “أبطال الجيش واللجان الشعبيّة” في الأيّام الأخيرة من انتهاء الهُدنة الثانية صورةً قويةً عن الجيش اليمني، وبناءَه المتصاعد في ظل قيادة واحدة، بصورة ترعب الأعداء الذين بذلوا جهوداً كبيرة في سنوات ما قبل ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر 2014 على تمزيق الجيش اليمني وهيكلته وتفتيته.
وأظهرت العروضُ العسكرية في صنعاء وغيرها جيشاً قوياً موحداً، يمتلك رصيدا كافيا من الخبرات والقدرات والمعنويات المرتفعة، وهو رصيد اكتسبه خلال 8 سنوات من المواجهة المسلحة مع العدوان الأمريكي السعوديّ الذي هزم وعجز في تحقيق أي انتصار عسكري على هؤلاء الأبطال الأحرار.
وخلال 4 أشهر فقط، تخرّجت العديدُ من الدفعات العسكرية، التي أظهرت مهارة قتالية فائقة، وجاهزية عالية لخوض أية مواجهات عسكرية قادمة مع الأعداء، وهي دفع ستكون رافداً كَبيراً لجبهات القتال، وقد أرهبت العدوان والمرتزِقة، في رسالة عسكرية مفادها أن حقوق شعبنا اليمني ستنتزع بالقوة.
ومنذ بدء العدوان الأمريكي السعوديّ على بلادنا في 26 مارس 2015، كان الهدفُ الاستراتيجي هو تدمير القدرات العسكرية للجيش اليمني، وتدمير مخزون الأسلحة، كي تتمكّن جحافل الغزو من احتلال اليمن بكل سهولة، وإخضاعه بعد ذلك وإجباره على الاستسلام، لكن ما حدث اليوم وبعد مرور أكثر من سبع سنوات مغاير تماماً، فقد تمكّنت قيادة الثورة ممثلة بالسيد القائد العلم عبد الملك بدر الدين الحوثي من بناء جيش ولجان شعبيّة خلال فترة وجيزة، ليكون هؤلاء هم طليعة المجاهدين، والمدافعين عن الثورة ومكتسباتها، وهم الحصن الحصين ضد هجمات الأعداء ومخطّطاتهم المتعددة.
ويظهر من خلال العروض العسكرية قدرة اليمن الكبيرة في صناعة الأسلحة، وفي مقدمة ذلك الطائرات المسيَّرة التي شاركت في قصف دول العدوان، وبعضها لم يشارك حتى الآن، كما تظهر الأسلحة الأُخرى المتنوعة، والتي سبق أن تم التأكيد في مناسبات سابقة بأنها من صناعة يمنية، ولذا تظهر القوات المسلحة اليمنية في أبهى قوة، وهي تؤكّـد كلام قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي بأننا قادمون في العام الثامن بجحافل جيشينا، وهي رسالة يبدو أن العدوّ بات يستوعبها جيِّدًا ويعمل لها ألف حساب.
ويُفهَمُ من رسائل العروض العسكرية أن صنعاءَ التي وافقت على الهُدنة الأولى والثانية، لم تكن تغفل ما يحاك ضدها من مؤامرات، ولذا كانت عناوين الدفع واضحة للعدو ومنها “إن عدتم عدنا”.
ويؤكّـد الخبير والمحلل العسكري العقيد نجيب شمسان أن “من أبرز الدلالات للعروض العسكرية وتخرج الدفعات من مختلف المناطق العسكرية في الوقت الذي قاربت فيه الهُدنة الثانية على الانتهاء، أنها توصل رسالة إلى تحالف العدوان، بأن عليهم أن يخضعوا للسلم، ما لم فَـإنَّ القوات المسلحة اليمنية بما لديها من إمْكَانات وقدرات كبدت العدوّ خسائر فادحة قادرة على انتزاع حقوق اليمنيين، كذلك كانت رسالة واضحة مفادها أن أيادينا التي مدت للسلام إلى الطرف الآخر قادرة على انتزاع الحقوق في حال لم يستجب تحالف العدوان لمطالب اليمنيين المحقة والعادلة، ولا لإيقاف العدوان ورفع الحصار”.
ويضيف العقيد شمسان في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن “العروض العسكرية تعكس مدى القدرة على التحشيد ورفد الجبهات خلال فترة الهُدنة الماضية، وتضاعف عناصر القوة في مواجهة مطامع قوى الغزو والاحتلال، والمستوى الذي وصلت إليه القوات اليمنية، والجسر الذي عبرته القيادة في صنعاء بأنه موصل إلى السلام، فكانت رسالة واضحة تؤكّـد للطرف الآخر أن الفرصة لا زالت سانحة أمامهم للعبور نحو السلام والتعامل الصادق مع الهُدنة والوفاء باشتراطاتها لتكون جسر موصل إلى السلام الحقيقي الذي ينهي العدوان ويرفع الحصار، ما لم فَـإنَّ قواتنا اليوم قادرة على كسر العدوان وعلى كسر الحصار وفرض معادلة مختلفة تنتزع من خلاله الحقوق والسيادة اليمنية الكاملة وغير المنقوصة لكل التراب اليمني وتحرّر كافة أراضيها كما هو الحال في كُـلّ العمليات السابقة”.
ويشير شمسان إلى أن “توقيت هذه الرسائل في ظل الأزمة الخانقة التي يشهدها العالم في الطاقة وما تمثله خطورة العمليات اليمنية في حال استمر العدوان على شعبنا اليمني”، لافتاً إلى أن “أدوات العدوان الإقليمية والأُورُوبية لن تكن في منأى عن آثار العمليات اليمنية الرادعة وتبعاتها على منابع الطاقة في المنطقة”.
ويقول شمسان: “هنا تكمن الرسائل من صنعاء إلى تحالف العدوان تقول للأمريكيين والبريطانيين والسعوديّين والإماراتيين وكل من يشارك في العدوان على اليمن بأن يكونوا جادين في تعاملهم مع مطالب اليمنيين والوفاء بما تم الالتزام به لتمديد الهُدنة، ما لم فَـإنَّ خيراتنا حاضرة عليهم تحمل نتائج تصعيدهم وعدم وفائهم بما تم الاتّفاق عليه”.
تحضيرٌ وتكتيكٌ وتخطيطٌ للمعركة
من جانبه، يقول الخبير العسكري والمحلل الاستراتيجي، اللواء الركن عبدالله الجفري: “إن دلالات العروض العسكرية، وهي بتلك الأعداد الكبيرة جِـدًّا وبتلك المعدات والآليات والأسلحة، بمثابة رسالة واضحة جِـدًّا لدول التحالف، وتأتي في سياق انتهاء مدة الهُدنة للمرحلة الثانية، وكذلك مع بداية العام الهجري، وهي دلالة دينية وعسكرية عن هجرة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وكانت هجرته لإعادة ترتيب وتجهيز المقاتلين من الأوس والخزرج ومن المهاجرين، كذلك لمواجهة كفار قريش، واليوم هذه المناسبة التي تم فيها العرض العسكري وبذلك السلاح في سياق رسالة عسكرية واضحة لتحالف العدوان للوفاء بما تم الاتّفاق عليه في المرحلة الماضية، وعندها سيكون الجيش واللجان الشعبيّة في حالة جهوزية وعلى أتم الاستعداد، وهي وحدات عسكرية متدربة ومؤهلة ولديها الخبرات في استخدام الأسلحة التي تم عرضها”.
ويضيف الجفري في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن “الأعداد الضخمة للأسلحة والمعدات والآليات التي تم عرضها في العروض العسكرية، وحدات متكاملة للمعركة العسكرية الحديثة والمتطورة، وفي كافة المناطق والمناخات المختلفة”، لافتاً إلى أنه عندما نشاهد وحدات القنص وكذلك وحدات مضادة للدفاع الجوي ووحدات مضادة للدروع من خلال صواريخ “الكورنيت”، والمضادة 37 و14.5 وَ12.7 هذه في سياق القتال على مستوى القوات البرية، وَكذلك من خلال الآليات الصاروخية كالكاتيوشا والمدفعية بما فيها عيار 130 وعيار 76، وكانت هذه المدفعية التي تستخدم لضرب ودك مواقع وتحصينات العدوّ، ومن خلالها يتم التقدم تجاه تلك المناطق المحتلّة باستخدام الأسلحة المتوسطة في أية جبهة، وكذلك حضور الدفاعات الجوية ومضاداتها في حالة كان هناك تواجد لطيران العدوان”.
ويتابع الخبير الاستراتيجي الجفري “شاهُدنا على متن تلك الأطقم والآليات من الطائرات المسيّرة وخَاصَّة طائرات رجوم التي لم تدخل أرض المعركة حتى الآن، وتم إزاحةُ الستار عنها العام الماضي في مَعرِض الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي –رضوان الله عليه- ولها من الخصائص القتالية العالية، كما شاهُدنا طائرات قاصف، وهذه الطائرات المحمولة فوق تلك الآليات تؤكّـد أنها ستشارك في أية معركة قادمة، وتم التجهيز والتحضير والإعداد والتكتيك والتخطيط للمعركة القادمة من خلال هذا العرض العسكري المهيب، وبهذه القوة البشرية الهائلة والكبيرة، لدفعات جديدة لم تشارك من قبل وستكون رافداً أَسَاسياً للجبهات، وستكون هي دماء جديدة بالمقدمة، وبما امتلكته من خبرات عملية وتدريب قتالي عالي، ومن دراسة عليمة مبنية على تلك الأسلحة التي تم عرضها”.
ويشير الجفري إلى أن أبطال الجيش واللجان الشعبيّة اليوم يمتلكون بهذه الأسلحة وبهذه القوة البشرية الهائلة المنتظمة في العرض العسكري عقيدة قتالية إيمَـانية وتدريب عسكري يعطيهم من اليقظة العسكرية والجاهزية القتالية، وهنا تتوفر كافة المسارات في الجندي المقاتل، من حَيثُ العقيدة والتدريب الذي شاهُدناه في هذا العرض وكذلك من حَيثُ اليقظة، في عرض هذه الأسلحة وعرض تلك القوة وفي ظل حصار وهُدنة هشة بإمْكَان المرتزِقة وقوات تحالف العدوان أن يستأنفوا تلك الضربات العسكرية خَاصَّة وهم يراقبون عبر الأقمار الصناعية المدعومة من أمريكا وبريطانيا، ولذلك العرض العسكري وبهذه القوة خلال 4 أشهر إنجاز متطور على مختلف المستويات.
ويتابع الجفري “من أهم الرسائل لقوى العدوان مفادها: إن كنتم تحاولون الاستفادة من الهُدنة لتمرير بعض المؤامرات والأساليب التي لم تعد تنطلي على أحد، وتريدون من خلال الهُدنة أن تكون استراحة محارب لترتيب صفوفهم وأوراقهم وإعادة تمركز قواتهم وبناء المتارس والتحصينات والمواقع العسكرية، كما أرادوا على المستوى الاقتصادي نهب ثروات اليمن التي شاهُدناها بشكل مُستمرّ من خلال إدخَال ناقلات النفط العملاقة لنهب الثروة النفطية اليمنية، وكذا على مستوى المسار السياسي والإعلامي، وتلميع صورة أمريكا القبيحة على اعتبار على أنها دعاة سلام، وأنها تريد السلام ولكن يريدون من خلال ذلك إرسال رسالة بأن من يسمونهم “الحوثيين” لا يريدون السلام، وأنهم دائماً ضد أية مساع تدعو للسلام كما يريدونه هم استسلام وليس السلام الذي يتطلع إليه أبناء الشعب اليمني”.
ويقول الجفري: “كما أن العدوّ يريد من خلال الهُدنة استغلال عامل الوقت وربطة بالصراع القائم بين روسيا وأوكرانيا وانقطاع صادرات الغاز إلى دول أُورُوبا والبحث عن منابعَ أُخرى، وهذا ما شاهُدناه وسمعناه عن المندوب الأمريكي السابق الذي قدم إلى شبوة في شهر مارس من العام الجاري، وتم تغيير محافظ محافظة شبوة السابق وتعيين شخص آخر من قبل قوات الإمارات للسيطرة على ميناء بلحاف الغازي حتى يتم تصدير ذلك الغاز، وتفعيل هذه المنشأة لتعويض بعض من الغاز الروسي المصدر إليهم”.
وينوّه الجفري إلى أن تمديدَ الهُدنة للمرة الثالثة يعتبر فرصةً أخيرة في وجهة قوى العدوان ومرتزِقتهم ما لم فَـإنَّ هذه القوة وكثير منها التي تم عرضها في العرض العسكري جاهزة لدك كافة المواقع العسكرية التي يتمركز فيها العدوان الأمريكي السعوديّ ومرتزِقته، فكانت الرسالة واضحة بأننا لا نقبل مثل تلك الهُدن إلا لإقامة الحجّـة، ولنقول للعالم بأننا دعاة سلام، ولسنا دعاة حرب، ونريد سلاماً مشرفاً فإن جنحوا له ما لم فلدينا هذه القوة العسكرية وخياراتها المتصاعدة التي ستجبركم على وقف العدوان والحصار المفروض على شعبنا اليمني منذ 8 أعوام.
ويؤكّـد الجفري أن “وَقْعَ العروض العسكرية على العدوان ومرتزِقته كبيرة جِـدًّا وتغيظهم ويجعلهم متخبطين عبر إعلامهم وفي قنواتهم، وهذا يؤكّـد أنه كلما استمر شعبنا اليمني في مواجهة العدوان زاد إصراراً وقوة وصموداً، وزاد في تطوير وتصنيع وتحديث قواته العسكرية حتى آخر نَفَسٍ”، موضحًا أنه “ليس أمامنا أي خيار آخر إلا المواجهة حتى رفع العدوان وفك الحصار والانتصار على الأعداء، واليوم لا يوجد أي خوف لا أي قلق ولدينا قوات عسكرية قادرة على حفظ اليمن وتجرب قوى تحالف العدوان ومرتزِقتهم على الرحيل مهزومين من كُـلّ شبر من التراب اليمني”.