الإسلامُ.. محمديُّ الوجود حسينيُّ البقاء..بقلم/ خلود الشرفي
وتأتي ذكرى عاشوراء، من كُـلّ عام، أجواء توحي بالعزة والطموح إلى التغيير، أَيَّـام حزينة تبتسم على مضض، لتخفي آثار الحزن على محياها الوسيم، ها هو شهر محرم الحرام في يومه العاشر، آيات من وحي عاشوراء، ذكريات لا تُنسى من تلك الجرائم المنقطعة النظير، ولم يشهد لها التاريخ مثيلاً، تلك التي تبنَّاها الطاغية المجرم يزيد بن معاوية، ذلك السكير العربيد الذي استحل كُـلّ حرمة، وصادر كُـلّ ذمة، وانتهك كُـلّ محرم، ولم يسلم منه حتى البيت الحرام.
أية جريمة ارتكبها ذلك الوحش البشري بحق أُمَّـة محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-؟ وأي جُرم أقدم عليه ذلك المسخ حينما قتل سبط النبوة الوحيد على وجه الأرض، أي ذنب عظيم تحمَّله، وحملَّ أوزاره للناس، ذلك الوغد الأثيم، ثأراً لأجداده الكفار الذين قتلهم رسول الله -صلى الله عليه وآله- في بدر، ونكايةً بالأمة المسلمة التي يدعي أنه ينتمي إليها، بعد أن دخل الناس في دين الله أفواجاً، وتخلَّوا عن (صنم) أبي سفيان وأزلامه وأوثانه.
أي حقد توارثته هذه الأسرة الأموية الجاهلة على نبي الإسلام وأهل بيته خَاصَّة وجميع المسلمين عامة؟؟ وهل هي إلاَّ تربية آكلة الأكباد، وَسليقة أهل الكفر والنفاق!!
وهل هناك جرم أكبر من سفك دماء العترة الطاهرة وفي الشهر الحرام؟! فقد كان الطاغية يزيد رمز الشر والكفر والطغيان، وما زال، وهو القائل فرحاً وطرباً بقتل سبط رسول الله -صلوات الله عليه وآله-، وسبي ذراريه ونسائه:
ليت أشياخي ببَدَرٍ شهدوا
جَزَعَ الخزرج من وَقْعِ الأَسَلْ
إذا لأهلَّوا واستهلَّوا فرحاً
وقالوا يا يزيدُ لا تُشل
لستُ من خندف إن لم
انتقم من أحمد ما كان فعل
تلاعبت بنو هاشم بالملك
فلا دين جاء ولا وحي نزل
هكذا يعبر العربيد السكير، عَما في نفسه، ويُظهر شدة عداوته للآل وبغضه، في حين يتربع على رقاب المسلمين، ويتسمى زوراً أمير المؤمنين، ظناً منه بدوام ملكه، وغروراً بقوته وَسلطانه، ولكن بالعكس من ذلك، فبعد ارتكابه هذه الجريمة النكراء بحق الإمَـام الحُسَين -عليه السلام- بتر الله عمره، واجتث أصله وفرعه..
فكانت مدة ملكه ثلاث سنوات لا غير، مات بعدها شرَّ ميتة، في عز شبابة وذروة بطشه وجبروته، وقد كان له ستة عشر ولداً وبنتاً، ثمانية ذكور، وثمانية إناث، أين هم اليوم؟! لقد تلاشوا بأجمعهم، وانقطع نسلهم من على وجه الأرض، وبالمقابل لننظر إلى الحسين -سلام الله عليه-، فقد استشهد أبناؤه كلهم ما عدا الإمام علي زين العابدين -عليه السلام-، فبالرغم من أنه كان مريضاً جِـدًّا يوم عاشوراء، فلم يقدر على المشاركة في الحرب، ولكنها حكمة الله، التي اقتضت أن يستمر نسل الحسين -عليه السلام- من هذا الولد الطاهر البار، وهكذا كان، فها هي ذرية الإمَـام الحُسَين قد ملأت الأرض، إلى يومنا هذا، وكذلك ذرية الإمام الحسن -عليه السلام-، رغم عمليات القتل والإبادة التي تعرض لها أهل البيت الطاهر، وعلى مدى التاريخ، وكما قيل فَإنَّ الإسلام محمدي الوجود، حسيني البقاء.
ويأبى الله إلا أن يُتم نوره ولو كره المشركون.. والعاقبة للمتقين..