من يوم عاشوراء نستلهمُ الدروسَ الإيمَـانية..بقلم/ مرتضى الجرموزي
ونحن إذ نعيش ذكرى عاشوراء الذكرى الأليمة والموجعة حريٌّ بنا أن نستلهم منها الدرس والعبر، نستلهم منها الآيات والدرر الحسينية والإيمَـان الصادق الذي تجلى واضحًا في مواقف الإمَام الحُسَين وأهل بيته أبناء الإمام علي وفاطمة الزهراء وأحفاد رسول الله (صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين).
لنستفهم من هذه الذكرى والتي تتزامن مع ذكرى الهجرة النبوية وذكرى نجاة نبي الله موسى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- من جبروت وطغيان الفراعنة الذين نراهم يتجددون في كُـلّ زمن بنفس الأساليب وإن اختلفت الأشكالُ والمسمياتُ فأهدافُ الطاغوت والفراعنة والأمويين هي ذاتها اليوم والأمس وحاضر العدوان السعوديّ الأمريكي على اليمن.
لقد كان خروج الإمَام الحُسَين والعقيلة زينب ومن معهم من المؤمنين الصادقين إلى كربلاء العراق لإحياء دين الله والدفاع عن تعاليم وتقاليد الدين الإسلامي بعد أن أماته الطغاة، ونصرة للمستضعفين في مواجهة الشجرة الأموية الخبيثة والملعونة والمتمثلة بيزيد وحاشيته ومن سبقه واتبعه بمكرٍ وخبث ضد عامة المسلمين.
لكن الإمَام الحُسَين وهو من تربى بحضن جده المصطفى -عليه وعلى آله أزكى التحية والإكرام- لم يرُقْ له العبث الأموي ولم تسكته الجرائم والتعدي على حرمات الله من قبل الدعي ابن الدعي ذلك الخبيث يزيد وعبيد الله بن زياد وابن الجوشن ومن معهم في سفينة الهلاك الشيطاني.
خرج عَلَيْهِ السَّلَامُ ناصراً لدين الله خرج بأهله متوعداً الطغيان اليزيدي الأموي وكان أن قدم هو وأتباعه مواقفَ بطولية وملاحم أُسطورية جعلت الطغاة يسرفون في القتل والسحل وقطع الرؤوس لما لاقوه من جهاد وبسالة حسينية ذات إيمَـان صادق استسقاه من مدينة العلم النبوي ومن محيّا ونور بابها الإمام علي -عَلَيْهِ السَّلَامُ- رافعاً شعار “ما كره قومٌ قط حر السيوف إلّا ذلوا”.
وبعد أن خيّره الطغاة بين الحياة وبين الموت بين السلة والذلة قالها متوكلاً على الله واثقاً بنصره وفوزه بإحدى الحُسنيين (النصر أَو الشهادة)، أَلَا وإن الدعي ابن الدعي قد رَكَزَ بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهاتَ منا الذلةُ يأبى اللهُ لنا ذلك ورسوله والمؤمنين.
ومع اشتداد المواجهة وعبث الطغاة والمنافقين بالحسين وأصحابه وأهل بيته وحرمانهم من أبسط الحقوق ومنعهم من الماء حتى عن الأطفال الصغار والنساء، يقول الإمَام الحُسَين عَلَيْهِ السَّلَامُ: (إذا كان هناك ذنبٌ للكبار فما هو ذنب الصغار؟!) رافعاً ولده عبد الله الرضيع بعد أن جف اللبن من ثدي أمه يطلب منهم أن يسقوه فبادروا إلى استهدافه بالسهام ليُقتل عطشان بين أحضان أبيه بعد أن تجرد المنافقين عن قيم الدين وأسلاف العروبة والإنسانية.
استشهد معظم أصحاب الحسين وإخوانه وحوصر الحسين والنساء حتى سقط الحسين شهيداً مضرجاً بدمه الطاهر والزكي ليروي بذلك تراب كربلاء العراق.
ومع السقوط المدويّ القيمي والأخلاقي لجيوش يزيد تم إرسال بنات رسول الله إلى الشام سبايا يتفرج عليهن عوام الناس، وما إن وصل الموكب إلى قصر يزيد بالشام أراد قرين القردة وجليس السكارى أن ينال من زينب توبيخاً فكان أَو وقفت كجبل كبير يناطح السحاب لتصدح بالحق غير آبهة أَو خائفة من البطش الأموي لتسمع يزيد ومن في مجلسه خطبة أركسته وقزّمته بين الحضور وأسقطت مكانتَه وهيبتَه.. إلى أن وصلت في مطلع خطابها ليزيد: “كِـدْ كيدك واسْعَ سعيَك وناصِبْ جُهدَك، فو اللهِ لا تمحو ذكرَنا ولا تُميت وحيَنا وهل رأيُك إلَّا فَنَد وأيَّامُك إلَّا عدد وجمعُك إلَّا بَدَد”.
فضج يزيدُ بالصراخ والعويل قَزَماً صغيراً تحت نعال امرأة هي ابنة الزهراء وحفيدة المصطفى.
الحديثُ عن عاشوراء هو حديثٌ عن الخير في مواجهة الشر، حديث عن الحق في مواجهة الباطل، حديث عن الإيمَـان في مواجهة النفاق، حديث عن بيت النبوة في مواجهة الشجرة الأموية الخبيثة.
والحديث عن عاشوراء ومآسيها حديث طويل ولا يسعنا المقام لذكره ولكن علينا أن نجدد العهد والولاء لله ولرسوله وللإمام علي وفاطمة الزهراء والحسن والحسين وزينب وأعلام الهدى وقادة الثورة الإسلامية اليمنية تولياً صادقاً لا نحنث فيه.
ويجب علينا أن نتأسى بالحسين وأصحابه وزينب الطاهرة ونسير سيرتهم الجهادية قولاً وعملاً في مواجهة الطغيان اليزيدي والأمريكي في كُـلّ العصور والأزمنة ونكون مع المؤمنين الأبطال المجاهدين لدفع الشر ورفع الحصار ومواجهة العدوان السعوديّ الإسرائيلي على شعبنا اليمني العظيم لنرفد الجبهات بالرجال بفلذات الأكباد وبالأموال وبكل غالٍ ونفيس حتى يظهر الله دينه وينتصر لمن ظُلموا.