العدوان على قطاع غزة.. تهورٌ ومغامرة صهيونية
عثمان: العدوّ الصهيوني يعاني عمليًّا من نقاط ضعف قاتلة لا يمكن لأية منظومة حمايته
أبو طالب: الصهاينة يعيشون في الملاجئ والخوف يسيطر على جبهتهم الداخلية
القاضي: العدوانُ على غزة يكشف الأزمة التي يعيشها العدوّ ومحاولة لتصدير مشاكلة الداخلية
باحثون وعسكريون يصفون ما حدث بأنه سقوطٌ للوهم وأزمات داخلية يعيشها الصهاينة:
المسيرة- محمد الكامل
يتكرّرُ العدوانُ الصهيوني على قطاع غزة، مستهدفاً الأحياءَ السكنية، والمدنيين الأبرياء، في مشهدٍ لا يختلفُ عن جرائمه وتوحشه السابق، لكن الجديدَ في الموضوع أن الكيان المؤقت جاء هذه المرة بخطة جديدة، مدعياً أنه يستهدف فقط حركة الجهاد الإسلامي وجناحه العسكري سرايا القدس فقط.
ويرى قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي “أن التصعيد الصهيوني الأخير الذي تصدت له حركة الجهاد الإسلامي رسالة تذكرنا بأن العدوّ مُستمرّ في جرائمه”، معتبرًا أن تكتيك إسرائيل باستهداف فصيل مقاوم والقول إنها لا تستهدف الفصائل الأُخرى أُسلُـوب مخادع هدفه التفريق بين الفصائل، مؤكّـداً أن “عداء الأنظمة المطبعة الشديد للمجاهدين في فلسطين واضح وجلي، لدرجة سجن النظام السعوديّ عاملين في المجال الإنساني”.
ودعا السيد القائد فصائل المقاومة الفلسطينية إلى عدم السماح لهذا التكتيك الإسرائيلي بالنجاح، والشعب الفلسطيني إلى البقاء في حالة استعداد دائم وجهوزية للتصدي للأعداء عند أية محاولة غادرة خلال الهُدنة الموقتة.
ويثبت الشعب اليمني أنه الأول في المشهد، والحاضر في الميدان، لمساندة الشعب الفلسطيني المظلوم، ولهذا كان خروجه يوم الاثنين، 8 أغسطُس 2022م، في مسيرات حاشدة في معظم محافظات الجمهورية؛ إحياءً لذكرى عاشوراء ودعماً للشعب الفلسطيني، ورفضاً للعدوان الصهيوني على قطاع غزة.
قلق يكتسح العدو
ويقول الباحث في الشؤون العسكرية زين العابدين عثمان: إن مسار التصعيد العدواني الذي يمارسه كيان العدوّ الإسرائيلي على قطاع غزة وما يحمله من أبعاد وتداعيات أولها أن هذا العدوان الهمجي وغير المحسوب يأتي من واقع التخبط والقلق الذي بات يكتسح كيان العدوّ إزاء التحولات والتحديات الاستراتيجية التي تحصل في المنطقة خُصُوصاً التي فرضتها إيران وحزب الله في الآونة الأخيرة.
ويوضح عثمان في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن العدوان على قطاع غزة في هذا التوقيت وعمليات الاغتيال التي تطال قادة حركة الجهاد الإسلامي إنما تعكس محاولة كيان العدوّ للهروب من واقع الهزيمة والفشل أمام إيران وتهديدات حزب الله، بالأخص التهديدات التي صدرت مؤخّراً بخصوص حقل كاريش والحدود البحرية مع لبنان، مؤكّـداً أن الكيان يحاول تغطية عورة هزيمته وتخبطه بالاعتداء على غزة وصنع بعض الإنجازات للاستفزاز والاستعراض فقط.
ويضيف أن الفشل والتخبط والخوف من إيران وحزب الله هي بالفعل العوامل التي دفعت كيان العدوّ الإسرائيلي اليوم ليفتح نيرانه على غزة ويغتال قيادات الجهاد كخطة بديلة عن تصعيد المواجهة مع حزب الله، لافتاً إلى أنه يحاول الاستفراد بحركة الجهاد واستهدافها بطريقة سريعة وخاطفة عبر حملات جوية مركزة على غزة، مؤكّـداً أن المسألة مبنية على حسابات خاطئة تهدف فقط لإشباع غريزة الصهاينة الاستفزازية والحاقدة، أما عسكريًّا تعتبر تهوراً ومغامرةً غير محسوبة التداعيات، ولا شك أن نتائجها سترتد عكسياً وستذهب بالكيان نحو المجهول ونحو معركة لا تتقيد بقيود أَو حدود لا سِـيَّـما وأن حركة الجهاد سبق وأعلنت رسميًّا أنها وضعت استراتيجية بعيدة المدى للرد وسيناريوهات عسكرية مفتوحة لا تتوقف عند الرد الصاروخي فكل التشكيلات العسكرية البرية والبحرية قد تدخل خط المعركة.
ويستطرد عثمان: “صحيح أن كيان العدوّ الإسرائيلي نجح في تصفية بعض قادة الجهاد بادئ الأمر لكنه لم ينجح ولن يُكتب له النجاح في أن يحتوي ردة فعل المقاومة أَو أن يوقف عجلة المعركة الصاروخية التي أخذت في التصاعد والتي بدأت تشعل عمقه الاستراتيجي وتسحق أهم مستوطناته ومدنه الصناعية”.
ويتابع حديثه: “فلم تقدم له منظوماته الدفاعية (القبة الحديدة أو مقلاع داود أَو السهم) التي راهن عليها في حساباته الاحتوائية أي فارق، مُشيراً إلى أن التقدير التقني لهذه المنظومات تؤكّـد أنها فشلت بشكل فظيع في عمليات الاعتراض والتي كان الرهان أن تصل إلى 95 % نجاحاً، بدلاً من 40 % التي كانت النتيجة الفعلية والعملية من إجمالي عمليات الاعتراض التي تحقّقت”.
ويشدّد بقوله: “لذلك 60 % من الصواريخ التي تقصفها المقاومة تصل أهدافها في عمق الكيان وتضرب بقوة تدميرية عالية المدن والمستوطنات الصهيونية في تل أبيب وأشدود وغيرها من المدن الرئيسية كما أن هناك استخدام فعلي لطرازات مختلفة من الصواريخ منها صواريخ متوسطة مدى تستطيع حمل رؤوس حربية كبيرة وعالية التدمير”، مُشيراً إلى أنه مما لا شك فيه كيان العدوّ الصهيوني بعمقه الجغرافي المحدب والضيق، وقربه من قطاع غزة فَـإنَّه يعاني عمليًّا من نقاط ضعف قاتلة لا يمكن لأية منظومة حمايته في أي ظرف، فميزة قرب المسافة وضيق فسحة المناورة الجغرافية والعملياتية يعطي صواريخ المقاومة فاعلية أكبر في تجاوز كُـلّ المنظومات الدفاعية وقصف الأهداف داخل العمق بعمليات حاسمة ودقيقة خُصُوصاً إذَا ما طبقت سياسة استخدام الصليات والموجات الصاروخية في وقت واحد.
ويضيف: “وبالتالي فكيان العدوّ الصهيوني ذاهب نحو الهزيمة إذَا ما طالت أمد المعركة أَو توسعت، فاستراتيجيته اليوم لا تخول له الدخول في مواجهة مفتوحة طويلة المدى مع المقاومة فالخطة مرسومة لتصفية قادات الجهاد بعملية خاطفة ثم العودة السريعة للتهدئة؛ بهَدفِ الاستفزاز فقط، لذلك نرى محاولات من أطراف عربية بدفع صهيوني واضح للدخول في وساطات في مقدمتها مصر التي تحاول التدخل لإنجاح التهدئة”.
ويؤكّـد أن الالتحام مع قوات العدوّ على الأرض وتحقيق القتل الذريع في صفوف جنوده بفتح جبهات واسعة هي أهم معادلة يمكن فرضها فكل صهيوني يقتل يحسب له ألف حساب من قبل حكومة العدوّ لذا عمليات التنكيل المباشرة سيكون لها واقعٌ استراتيجيٌّ سيغير من قواعد الردع وستقطم ظهر كيان العدوّ الصهيوني -بعون الله تعالى-.
سقوطُ الوهم
من جانبه يرى المدير التنفيذي لمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية اليمن عبدالعزيز أبو طالب “أن العدوان الصهيوني على غزة يأتي مدفوعاً بحالة الأمان التي يشعر بها الكيان الصهيوني بعد توقيعه ما يسمى علاقات التطبيع “الخائنة” مع بعض الدول العربية وعلاقات غير معلَنة مع دول أُخرى”.
ويضيف أبو طالب في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة”: كما يعتقد الكيان الصهيوني أن العالم المنشغل بأزمته الاقتصادية والحرب الروسية الأوكرانية وحالة التشظي التي تمر بها الأمتين العربية والإسلامية أن بإمْكَانه أن ينفردَ بالشعب الفلسطيني ليقتل ويغتال ويدمّـر المباني على رؤوس ساكنيها ويشدّد في حصاره، مؤكّـداً بقوله: ولكن هذا الوهم يسقط دائماً أمام الرد الفلسطيني الشجاع والحاسم.
ويشير إلى أن الكيان الصهيوني يعيش أزمةً داخلية وأزمة سياسية تساقطت؛ بسَببِها حكومات متتالية، مُضيفاً: ويعتقد العدوّ الصهيوني أنه باغتياله لقائد عسكري كبير في حركة الجهاد الإسلامي أن ذلك سيعزز فرصه في الفوز في الانتخابات، ولكن الرد القوي والواسع من كُـلّ الفصائل الفلسطينية سينعكس سلباً وتهدم أمنياته، مؤكّـداً أن الصهاينة اليوم يعيشون في الملاجئ والخوف يسيطر على الجبهة الداخلية التي لا تحتمل صفارات الإنذار ولا صواريخ المقاومة بما ضرب الله عليهم من الذلة والمسكنة.
وينهي حديثه الشعب الفلسطيني في طريقه لإنجاز عسكري تاريخي يفوق انتصار سيف القدس -بإذن الله تعالى- وبوحدة الشعب الفلسطيني والتفافه حول مقاومته وبالدعم والمؤازرة من سائر محور المقاومة والله مع الصابرين.
ويتفق الكاتب والباحث أنس القاضي، مع أبو طالب في أن الكيان الصهيوني يعاني من أزمة سياسية معقدة، وأن العدوان على غزة في هذا الوقت يهدف بصورة أَسَاسية إلى تصدير الكيان الصهيوني لمشاكله الداخلية.
ويواصل القاضي في تصريح مقتضَبٍ خَصَّ به صحيفة “المسيرة” بالقول: يُفترَضُ أن الدخولَ في معركة مع المقاومة الفلسطينية أن من شأن ذلك أن يوحد الجبهة الداخلية الصهيونية، مُضيفاً لهذا نجد أنه منذ الـ 24 ساعة الأولى للعدوان يدفع بمصر وقطر إلى الوساطة، فهو لا يتحمل تداعيات إطالة الحرب.