توقّفوا.. هُنا خيانة.. بقلم /علي يحيى عبدالمغني*
لا شك أن العدوانَ الغاشمَ على اليمن قد فشل منذ عامه الأول بشهادة الخبراء والمحللين السياسيين والعسكريين حول العالم، إلا أن النظام السعوديّ المجرم الذي اغتر بعُدته وعتادِه وأصدقائه وحلفائه لم يستوعب هذه الحقيقة؛ لخلل في بنيته العقلية، وأخذ يراهن على أدواته من العملاء والخونة في الداخل والخارج الذين وعدوه بانقسام القيادة في صنعاء كما حدث في سوريا والعراق وليبيا، إلا أن ذلك لم يحدث رغم مرور سنوات من العدوان والحصار ارتكب خلالها آلاف المجازر الوحشية وأحدث في اليمن أسوأ كارثة إنسانية، فما كان منه إلا أن أخذ ينكِّلُ بأدواته التي ظلت تَعِدُه وتمنِّيه حتى وصلت النارُ التي أشعلها في اليمن إلى جوفه وباتت مدنه وقراه ومصانعه ومنشآته ومطاراته وموانئه في مرمى القوة الصاروخية والطيران المسيَّر للجيش اليمني واللجان الشعبيّة.
وبعد ثماني سنوات من العدوان الغاشم والحصار الظالم للشعب اليمني لم يجد خياراً أمامه سوى الاستجابة لمطالب اليمنيين والجلوس معهم على طاولة واحدة لتوقيع اتّفاق الهُدنة والتهدئة؛ تمهيداً للحل الشامل والعادل.
وللأسف أن نسمع -وقد شاهدنا العملاء مشردين في كُـلّ دولة ومتناحرين في كُـلّ جبهة ورأينا تحالف المعتدين يتوسل بالعدوّ والصديق لإقناع صنعاء بتجديد الهُدنة وتمديدها- أصواتاً من العاصمة صنعاء ومن شخصيات محسوبة على صنعاء ومن قنوات محسوبة على صنعاء لتقول للعُمَلاءِ والخونة: لا تختلفوا، نحن من سنختلف. ولتحالف الشر والإجرام: تمهل لا تستعجل فالمعركة لم تُحسم بعدُ حتى نصفّيَ حساباتنا مع بعضنا.
والحقيقة أن رسائل هؤلاء موجهة للداخل قبل الخارج وللصديق قبل العدوّ؛ لكي يقولوا له: نحن هنا فأين حصتنا من الكعكة، وما حديثهم عن الفساد وحكومة الإنقاذ والمجلس السياسي إلَّا لذر الرماد على العيون، لعلهم يصلون إلى حَيثُ يريدون، ومزايدة منهم على القيادة السياسية التي واجهت الظلم والفساد، كما قال الرئيس المشاط في حديثه بمجلس النواب، صحيح أن لهم مواقفَ إعلامية في مواجهة العدوان ولا نشكك في ذلك إلَّا أننا لن نسمح لهم أن يحتكروا مواجهة العدوان أَو ينسبوا النصر لأنفسهم وهم لم يقفوا يوماً في أية جبهة ولم يطلقوا طلقة باتّجاه العدوان ولم يكونوا يوماً أصحاب القرار وليسوا ممن يشار إليهم بالبنان حتى يقال إن القيادة في صنعاء انقسمت وعما قريب ستتناحر فيما بينها، وهذا ما يجب أن يفهمه العدوّ جيِّدًا حتى لا يراهن على سراب ويخطئ تقديراته في الحساب ويقع فيما وقع فيه طيلة السنوات الماضية، ومع ذلك لا يمكن للقيادة السياسية أن تترك مصير البلد وأمنه واستقراره بيد هؤلاء الذين يسعون لاستهدافه بقصد أَو بدون قصد عبر وسائل الإعلام لتحقيق مصالحهم الشخصية، كما تحدث الرئيس المشاط وقال: (حينما يصل الأمر إلى الوطن سنقول لهؤلاء: توقّفوا هُنا خيانة).
نتمنى من الجميع أن يعوا هذه الرسالةَ جيِّدًا وأن يدركوا أن انفعالاتِهم وعواطفَهم الشخصيةَ على وسائل الإعلام لا يستفيدُ منها إلَّا العدوانُ وتعرّض أمن الوطن والمواطن للخطر، لا سِـيَّـما أن العدوان والحصار لا يزالان مُستمرَّين والمتربصين ما زالوا كُثَراً في الداخل والخارج، وأن والنصر بات قاب قوسين أَو أدنى فلا يستعجلوا نصيبهم حتى لا يُحرَموا منه عملاً بالقاعدة الفقهية: (من استعجل شيئاً عُوقب بحرمانه)، فالوطن يتسع لجميع أبنائه إلَّا من أبى.
* أمين عام مجلس الشورى