ما بعد الهُدنة المؤقَّتة ليس كما قبلها..بقلم/ الشيخ مصلح أبو شعر*
مثّلت زيارةُ الوفد الوطني المفاوض إلى روسيا مؤشراً جديدًا على حنكةِ ونجاحِ الدبلوماسية اليمنية في التعاطي مع العلاقات والمواقف الدولية، وأثبتت قدرتَها على فَرْضِ الاحترام اللائق باليمن الذي دفعت به ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر وأكثر من سبع سنوات من الصمود في مواجهة العدوان إلى واجهة المنطقة كدولة قوية لها احترامها وتأثيرها في الجغرافيا الإقليمية حاضراً ومستقبلاً.
كما أن الموقفَ المبدئي الذي تبنّته اليمن مبكراً والمتمثل باستشعار ومواجهة الخطر الأمريكي، بات اليوم عنواناً مشتركاً لكَثير من القوى الحرة في العالم، بعد أن اتسعت تأثيراتُ هذا الخطر وَتوجّب لمواجهته المزيدُ من العمل المشترك وَتنسيق وتكامل الجهود لمجابهته.
وليس بغريبٍ أَو مفاجئ تلك الإشاراتُ التي أطلقها رئيسُ الوفد الوطني عقبَ الزيارة بالحديث عن تغييراتٍ حقيقيةٍ في الموقف الروسي، والتي جاءت نتيجةَ جُملةٍ من المعطيات التي فرضت نفسَها، والفضلُ يعودُ بعد الله إلى صمودِ وتماسُكِ الجبهةِ الداخلية في مواجهة العدوان، وكذلك إلى المسار السياسي المتوازي مع هذه الانتصارات.
لقد جاءت الزيارةُ في مرحلة حسَّاسة دوليًّا، وفي ظرفٍ يتهيأ فيه العالَمُ لطَيِّ صفحة الهيمنة الأمريكية الأحادية على مقاليد القرار الدولي، وكانت اليمنُ أبرزَ المؤشرات على نهاية هذه الحقبة بصمودها في وجه المحاولاتِ الأمريكية لتطويعِ وتركيع الإرادَة اليمنية، فاستحقت بذلك أن تحفرَ اسمَها رقماً في خارطة القوى التي تصطفُّ في جبهة المواجهة للهيمنة الأمريكية.
تصاعدت الثقةُ في لهجةِ رئيس الوفد الوطني بناءً على هذه التراكمات، في الوقت الذي يتناقَصُ الشعورُ الإقليمي والدولي بجدوى الاحتماء بأمريكا بعد ما حدث لها من انكساراتٍ على أكثرَ من جهة، ولم يفوّتْ أن يوصل رسالةً لتحالف دول العدوان تتعلق بمستقبل الهُدنة، وبأن المزاجَ اليمني لم يعد ينطلي عليه الوعودُ إلَّا بما يلمَسُه على الأرض، وَأن التمديدَ جاء كاختبارٍ أخيرٍ للمواقف، لا انسجاماً مع واقعِ الحصار والنهب المُستمرِّ للثروات اليمنية الذي يريدُ الغزاة والمحتلّون تكريسَه بهذه الهُدن المنقوصة، فلا يمكن القبولُ بالتعايش مع هذا الواقع بعد اليوم، والخياراتُ اليمنية باتت أوسعَ وَأقدرَ على انتزاع ما رفض الأعداءُ منحَه تحت مسمى الهُدنة والسلام.
* عضو مجلس الشورى