نيــــرانٌ لــــم تُخمد بعــدُ: الذكرى الـ 53 لحريق المسجد الأقصى المبارك
المسيرة | متابعة خَاصَّة
يصادف اليومُ الأحدُ، الذكرى الـ53 لإحراق المسجد الأقصى المبارك في أغسطُس 1969م، ذلك الحريقُ الذي التهمت نيرانُه كاملَ محتويات الجناح الشرقي مع أضرار أُخرى، بينما يواصل العدوّ وجماعات المستوطنين المتطرفة سياسة التهويد والسيطرة على المسجد في إطار هدمه لبناء ما يسمى بـ” الهيكل المزعوم” وكل هذا يمر وسط غياب الدور العربي والإسلامي اتّجاه مسؤولياته في حماية المقدسات الإسلامية.
حيث أقدم اليهودي الأسترالي الجنسية “مايكل دينيس” على إشعال النار عمداً في الجناح الشرقي للمسجد الأقصى المبارك، وأتت النيران على كامل محتويات الجناح بما في ذلك منبره التاريخي المعروف بمنبر صلاح الدين، كما هدّد الحريق قبة المسجد الأثرية المصنوعة من الفضة الخالصة.
وجاءت النيرانُ على واجهات المسجد وسقفه وسجاده وزخارفه النادرة وكل محتوياته من المصاحف والأثاث، وتضرر البناء ومحتوياته بشكل كبير، ما تطلب سنوات لإعادة ترميمها وزخرفتها كما كانت.
ومن ضمن المعالم التي أتت عليها النيران، المسجد القبلي الذي كان سقفه من الطين والجسور الخشبية، إضافة إلى تخريب محراب زكريا المجاور، ومقام الأربعين المجاور لمحراب زكريا، وثلاثة أروقة من أصل سبعة ممتدة من الجنوب إلى الشمال مع الأعمدة والأقواس والزخرفة، وجزء من السقف الذي سقط على الأرض خلال الحريق، وعمود مع القوس الحجري الكبير بينهما تحت قبة المسجد، و74 نافذة خشبية وغيرها.
وتضررت أجزاء من القبة الداخلية المزخرفة والجدران الجنوبية، وتحطمت 48 نافدة في المسجد مصنوعة من الجص والزجاج الملون، واحترقت الكثير من الزخارف والآيات القرآنية.
واستطاع الفلسطينيون آنذاك إنقاذَ ما تبقى في المسجد الأقصى قبل أن تجهز عليه النيران، بعد أن هرعت مركبات الإطفاء من مدن الخليل، وبيت لحم ومناطق مختلفة من الضفة والبلديات العربية لإنقاذ الأقصى، رغم محاولات سلطات الاحتلال “الإسرائيلي” منعها من ذلك، وقطعها المياه عن المنطقة المحيطة بالمسجد في يوم الحريق، كما تعمَّدت مركبات الإطفاء التابعة لبلدية الاحتلال بالقدس التأخر، حتى لا تشارك في إطفاء الحريق.
وأثار إحراقُ المسجد الأقصى من قبل المتطرف مايكل، ردودَ فعل كبيرةً عند العرب والمسلمين وقتها، حَيثُ أَدَّى في اليوم التالي للحريق آلاف المسلمين صلاة الجمعة، في الساحة الخارجية للمسجد الأقصى، واشتعلت التظاهرات بالمدينة المقدسة، وكان من تداعيات الحريق عقد أول مؤتمر قمة إسلامي في الرباط بالمغرب، وإنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي التي تضم في عضويتها جميع الدول الإسلامية.
ومن بين ردود الفعل، قرار مجلس الأمن الدولي رقم 271 لعام 1969م بتاريخ 15 سبتمبر الذي أدان “إسرائيل” لحرق المسجد الأقصى في يوم 21 أغسطُس عام 1969م، ودعا إلى إلغاء جميع الإجراءات التي من شأنها تغيير وضع القدس، والتقيد بنصوص اتّفاقيات جنيف والقانون الدولي الذي ينظِّمُ الاحتلال العسكري.
“إسرائيل” وبعد إلقائها القبضَ على الجاني، زعمت أن الجاني “مجنون”، لتطلقَ سراحَه بعد أن مكث فترة قصيرة في مستشفى للأمراض النفسية قرب عكا، ليعود بعد ذلك إلى مسقط رأسه أستراليا.
وتولت لجنة إعمار المسجد الأقصى التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية إزالة آثار الحريق التي تعرض لها المسجد الأقصى وترميمه وإعادة صنع منبر صلاح الدين الأيوبي، من خلال فريقها الفني المتكامل الذي بدأ عمله مطلع 1970م.
ولم تتوقف اعتداءات الاحتلال والمستوطنين على المسجد، من إغلاقه أمام المصلين والتضييق عليهم، واقتحامه وتدنيسه من قبل المستوطنين، وتنفيذ أعمال تخريب فيه، ومنع عمليات ترميمه، وتنفيذ أعمال حفريات للأنفاق أسفله، وإجراء أعمال مسح وأخذ قياسات في باحات المسجد الأقصى وفي صحن قبة الصخرة.