الإمام زيد ثورةٌ ومنهجٌ..بقلم/ أم الحسن أبو طالب
في صراعٍ باقٍ بين الحق والباطل وبين حزب الله وحزب الشيطان تبقى سُنُنَ الله الكونية ثابتةً بإظهار الحق ونصرة أهله وزهوق الباطل وحزبه مهما علت سطوته وساد أهله وتجبروا وتمكّنوا، فما دام أهل الحق ثائرين وبمنهج الهدى متمسكين فسيمكنهم الله ويستخلفهم في الأرض ولو بعد حين.
الإمام زيد بن علي الإمام حليف القرآن وسيد قومه وأكثرهم علماً ومعرفة بشهادة كُـلّ من عرفه وكان معه فهو حين اعتلى في مقام العارفين وسُلّم المتقين وعرف الله حق معرفته كما فعل آباؤه الأولون وجد نفسه على رأسِ طليعة الثائرين وأمام واجب الدفاع عن دين الله القويم مهما تكالب الأعداء وكَثُرَ عددُهم وعتادُهم وتعاظمت شوكتُهم وتمكُّنُهم من رقاب المسلمين فقد وجد نفسَه بعين البصيرة منطلقاً للجهاد ومقارعة الظالمين قائلاً: “والله ما يدعني كتاب الله أن أسكت”.
ثورة بوركت ببركة من قادها وتوجت انتصاراتها بتأييد الله فانتشرت وعلت ما شاء الله لها ذلك لتكن شعاراً للثائرين ومنهجَ حَقٍّ للتائهين وخُتمت بشهادة الإمام زيد بعد أن حقّقت الكثير من أهدافها وأحدثت نهضةً ووضّحت معالم الدين وثبّتت أركانَه بعد أن كان إلى زوال بفعل سلاطين الجَور وعلماء السوء وسكوتهم وتخاذل المسلمين وخضوعهم لسياسة الجبابرة والظالمين مِمَّن اعتلوا السلطة في دولة الإسلام وتسلطوا على رقاب المسلمين فيها.
لم تنتهِ ثورةُ الإمام زيد باستشهاده بل أشرقت بنور ربها وعلا ذكرها لتصبح درباً وطريقاً للسائرين في مقارعة الظالمين من أعداء الله وأعداء دينه فما قام به الأعداء من محاربة وقتل للإمام زيد وما قاموا به أَيْـضاً بعد استشهاده بجثمانه الطاهر ليس إلا دليل أثرٍ قوي لثائر كالإمام زيد في نفوسهم وخطر كبير أحدثته ثورته على سلطانهم الممتد عبر عقود وعقود، وإلا لكانوا اكتفوا بقتلهم له لإنهاء ثورته ولم يسعوا وراء جثمانه لصلبه والتمثيل به.
حقدٌ دفين ذاك الذي حمله أعداءُ الإمام زيد لشخصِه ولثورته التي زلزلت عروشهم فما لبثوا أن احتفلوا بانتصارهم عليه حتى قوّض فرحتهم وأرعبهم جثمانه الطاهر، وسعوا للبحث عنه، وأجزلوا العطاء لمن يدلهم عليه ليصلوا إلى مرادهم الذي يظنون أنهم به قد وصلوا إلى ذروة الانتصار وحقّقوا أعظمَ إنجاز لهم، فها هو الجسد الطاهر بين أيديهم ليشبعوه تقطيعاً وصلباً ثم حرقاً وذَرًّا لرفاته في نهر الفرات.
مع كُـلّ ما فعلوا كان جثمانُ الإمام زيد يحدّثهم أن مكرَهم إلى زوال وأن صاحب هذا الجسد قد انتصر عليهم وفاضت روحُه إلى حَيثُ النعيم المقيم مع الذين أنعم اللهُ عليهم من الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحَسُنَ أُولئك رفيقاً، وأن ثورتَه باقية مهما تكالبوا عليها وسعوا لإخفائها وطمسِ معالمها وأن اللهَ مُتِمٌّ نورَه ولو كره الكافرون.