ما بينَ حليف القرآن وبطش تحالف العدوان..بقلم/ بلقيس السلطان
من ظن أن ثورة الإمام الأعظم زيد بن علي هي وليدة لحظتها وثورة قد انطفأت جذوتها فهو واهم ولا يعي أهميتها وامتدادها عبر الأجيال حتى وصلت إلى من تسموا باسمه (زيديين)، ونهجوا نهجه ومضوا على خطى ثورته ضد الطغاة والمتجبرين، آخذين من مقولاته المنهج القويم والهدف العظيم.
(والله ما كره الناس حر السيوف إلا ذلوا) وما بين ضربات السيوف ورمي البنادق ينتج النصر والعزة، وبين إدخَال السيوف في أغمادها ووضع البنادق في صناديقها ينتج الذل والخضوع والخنوع، فمن اختار الاستسلام ولم يقف مع ثورة الإمام زيد حق لهم الذلة في الدنيا والآخرة، وكذلك الحال مع من وقف مع تحالف العدوان أذلهم تحالف العدوان فمنهم من قتلوه بغارات صديقة، ومنهم من اقتادوهم إلى السجون للتعذيب والاغتصاب، ومنهم مَن صفع على وجهه ودِيسَ تحت الأقدام، وما يحدث لمرتزِقة الإصلاح من قصف وتقتيل، لهُ أصدق موقف لعبارة الإمام زيد (من أحب الحياة عاش ذليلاً)، فهم لم يحبوا الحياة فقط بل دمّـروا حياة الآخرين؛ مِن أجلِ نزواتهم ورغباتهم الدنيوية، فانقلبت عليهم بذل وخنوع واستكانة.
(البصيرة البصيرة ثم الجهاد) لقد صاح الإمام الشهيد زيد بن علي، بضرورة البصيرة قبل الجهاد والتي تستمد من القرآن الذي هو بصائر للناس، فمن وعى القرآن جيِّدًا واستبصر به سيعلم علم اليقين الحق من الباطل، فيقف مع الحق ويذود عنه ويتصدى للباطل ويزهقه، فلا ينخدع بالعناوين الكاذبة والخطابات المضللة، فالطغاة يحتمون تحت عناوين براقة كإحلال السلام وإعادة الشرعية، والهُدنة… وغيرها، كي يظهروا بمظهر الحمل الوديع بينما حقيقتهم ذئب شرس يقتل وينهب وينتهك الأعراض، فقد انخدع الكثير بعناوين التحالف البراقة التي تخفي حقيقة أهدافهم فسلبوا الثروات واحتلوا الأراضي اليمنية وجندوا الكثير من أبناء اليمن تحت قيادتهم وبمسمى الجهاد متناسين وصية الإمام الأعظم بضرورة البصيرة قبل الجهاد!
(والله ما يدعني كتابُ الله أن أسكُتَ) من يعي مسؤوليته في الحياة التي وجهه الله إليها في معظم آياته: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّـة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْـمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْـمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ) من يعي هذه الآيات والتوجيهات سيعلم موقف الإمام زيد الذي هو حليف القرآن، فقد خلا مع القرآن آيةً آية وكلمةً كلمة حتى وعاها وخرج يعمل بمقتضاها، فكيف له أن يسكت على طغيان هشام بن عبد الملك الذي أكثر في الأرض الفساد؟
وكيف لشعبٍ يمني ينتهج مسيرة قرآنية ممتدة من حليف القرآن ويقودها علم من أعلام آل بيت رسول الله كيف له أن يسكت على الطغيان الأمريكي والإسرائيلي الذي تنفذه السعوديّة والإمارات؟
كيف للشعب اليمني الذي يتنفس الحرية والعزة أن يرضى بالوصاية والذل؟
فواللهِ ما يدعُهم كتابُ الله أن يسكتوا على الظلم والجور والاضطهاد.
(واعلموا أن فريضة الله تعالى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذَا أقيمت له استقامت الفرائض بأسرها هينها وشديدها)، فالسكوت على الطغاة ولد الفجور، وهذا ما تمثل ببني سعود وحكام الخليج الذين سكت شعبهم عن فجورهم وعصيانهم وانحرافهم عن الدين، فأحلوا المحرمات واستباحوا الحرمات، حتى وصل طغيانهم إلى استرخاص أرواح البشر؛ مِن أجلِ مطامعهم وأهدافهم الخبيثة، والتي هي امتداد للطغيان الأموي الذي عاصره الإمام زيد فخرج ناهياً عن منكرهم وآمرًا لهم بالمعروف، وهذا ما فعله أبناء اليمن الثوار في ثورتهم ضد النظام السابق الذي رضخ للأجندات الأجنبية التي تهدف للانحلال الأخلاقي والانسلاخ عن الهُــوِيَّة الإيمَـانية والتنصل عن المبادئ والقيم الدينية العظيمة.
(لوددت لو أن يدي ملصقةً بالثريا فأقع على الأرض، حَيثُ أقع على أن يصلح الله أُمَّـة جدي لفعلت) مضى الإمام الشهيد زيد بن علي -عليهما السلام- في ثورة الإصلاح في أُمَّـة جده وسطر دروسًا من التضحية والفداء والشجاعة والإقدام، فقُتِل وصُلب وحُرق جسده وذر رماده في النهر كي يُمحى أثره وتطمس ثورته، لكن هيهات هيهات فقد زادت ثورته اتقاداً ووصل نورها وحرارتها إلى أوليَّ البأس الشديد في اليمن، فسطّروا أروعَ الملاحم البطولية ضد تحالف الشر، فمنهم من دفن حياً، ومنهم من رُمي من أعالي الجبال الشواهق، ومنهم من حُرق جسده وسط نيران الغارات وتقطعت أشلاؤه وهو يزمجر كالأسد الغاضب، ومنهم من أُسر وعُذب حتى ارتقى شهيدًا، ومنهم من لا يزال يلبي الحسين وزيد في الجبهات ويحقّقوا الانتصارات العظيمة ويمرغوا أنف المعتدين في التراب.
(الحمد لله الذي أكمل لي ديني) لقد اعتبر الإمام الشهيد زيد بن علي -عليهما السلام- ثورته دين، فأي دين يقام في أوساط الظالمين دون ردع أَو زجر؟
وأية صلاة في مساجد يُدعى فيها للطغاة بدوام الملك ورغد العيش في أوساط الفقراء والجوعى؟
فالثورة هي درع الدين وحصنه، ورفض الظلم والاستكبار هو حفاظ على الدين، والجهاد ضد المعتدين هو أَسَاس الدين والله ولي المؤمنين ولبيك يا إمام الثائرين.. والعاقبةُ للمتقين.