(ويسلِّموا تسليماً)..بقلم/ يوسف عبده المقدم
من المسائل المهمة الواجب علينا أن نتمسك بها كأمة إسلامية وكشعبٍ يمني هو التسليمُ المطلق.
عندما نتأمَّلُ في معاني القرآن الكريم ونربطها بالأحداث الحالية نجد أن هناك الشيءَ الكافيَ لأخذ الدروس والعبر.
فهنا يقول الله تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا).
الله عز وجل يخاطب رسوله في هذه الآية: فلا وربك لا يومنون، لقد ربط الله قبولَ الإيمَـان بالتسليم، ولا قبولَ لإيمَـانكم إلا إذَا لم تسلموا تسليماً، فإذا لم نسلّم فنحن لسنا بمؤمنين.
فمهما تجاهلنا التسليم لقادتنا وَسلّمنا للشيطان وهوى أنفسنا فنحن لسنا بمؤمنين وستكونُ عاقبة التسليم للشيطان وأوليائه هي الذل والهوان والخزي وَالانبطاح، وهذا هو المصير المحتوم لمن تجاهل مسألة التسليم.
لقد ذكر اللهُ عاقبةَ بني إسرائيل بقوله: “وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَٰذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ، وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ”.. ماذا كان ردهم هل سلموا لموسى؟
لا بل سلّموا للشيطان فكان عاقبة ذلك هو: “فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِّنَ السَّمَاءِ”.. أنزل الله عليهم هذا الرجز جزاء بما فسقوا ولم يسلموا.
ماذا لو سلّموا لموسى وأطاعوا الله، ما الذي أعده الله لمن سلم أمره لله ولرسوله وأولي الأمر (باستثناءِ المضلين)؟
فكلوا منها حَيثُ شئتم رَغَداً، بل ونغفر لكم ذنوبكم، كُـلُّ هذا جزاء من الله لمن سلم، بل وسنزيد المحسنين، كُلُّ هذا عاقبة من الله لمن سلم.
فالقرآنُ الكريم مليءٌ بالعبر الذي تحُثُّ على التسليم، والتاريخ الإسلامي مليء بالعبر، بل والأحداث اليومية مليئة بالعبر.
ولو نظرنا إلى واقعنا المعاصر عندما نرى جبروتَ النظام السعوديّ والإماراتي يتقهقر ويذل أمام قلة قليلة من المؤمنين الذين سلّموا أمرهم لله وأعلام هداه، أليست هذه عبرة كافية لكي نعرف قيمة ومعنى التسليم.
بفضلٍ من الله أفشلنا كُـلّ مخطّطاتهم الشيطانية وانتصرنا عليهم وأصبحوا عاجزين عن مواجهتنا في الميدان، وسيسعى العدوّ الصهيوني إلى زعزعة نفسية شعبنا المجاهد، فيجب علينا أن ندرك ذلك وأن نعتصم بالله جميعاً ونسلم تسليماً مطلقاً لقيادتنا الحكيمة، وإلا سنكون في حالة يرثى لها: (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ، مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ)، تأملوا جيِّدًا في هذه الآية.