وعدُ الآخرة.. وما بعدَها..بقلم/ عبد القوي السباعي
ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، ظهور الجيش اليمني، بتلك الصورة المرعبة والقاسية، وبذلك الزخم والعنفوان، فأعداء الإنسان والتاريخ والأرض والحضارة اليمنية، بذلوا جهوداً كبيرة وجبارة في سنوات ما قبل ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م، لتمزيق هذا الجيش وهيكلته وتفتيته.
ومنذ بدء العدوان الأمريكي السعوديّ على بلادنا في 26 مارس 2015م، كان الهدف الاستراتيجي هو تدمير القدرات العسكرية للجيش اليمني، وتدمير مخزون الأسلحة؛ كي تتمكّنَ جحافلُ الغزو من احتلال اليمن بكل سهولة، وإخضاعه بعد ذلك وإجباره على الاستسلام، وذلك بشهادة ناطق تحالف العدوان الذي قال: “تم تدمير 95 % من قوة الجيش اليمني”.
لكن ما حدث ويحدث اليوم وبعد مرور أكثر من سبع سنوات من ذلك التصريح عكسَ صورةً مغايرة تماماً، فقد تمكّنت قيادة الثورة ممثلة بالسيد القائد العلَم عبد الملك بدر الدين الحوثي من إعادة بناء وتنظيم جيش يمني عملاق، أدهش العالم خلال فترة وجيزة.
ما شاهدناه من هذا الجيش في تخرج الدفعات من كافة المناطق والمحاور والتشكيلات، إنما هم رافد لطلائع المقاتلين المجاهدين، والمتواجدين في كافة المواقع وفي مختلف مسارح العمليات المنتشرة على طول وعرض الخارطة اليمنية الحرة، والمدافعين عن الثورة ومكتسباتها، ليشكّلوا في مجموعهم الدرعَ الأمين والحصن الحصين ضد هجمات الأعداء، ومخطّطاتهم المتعددة.
لقد عكست هذه العروض العسكرية مدى القدرة اليمنية على مضاعفة عناصر القوة والاقتدار في مواجهة الأعداء في كُـلّ المستويات وكافة الأحوال ومختلف الظروف، وبما وصلت إليه قواتُنا المسلحة الفتية من تطور وتحديث ومواكبة، ومدى رسوخ ومتانة الجسر الذي أرادت القيادة اليمنية الحرة العبور عليه كأدَاة وغاية توصل إلى السلام.
إذ كانت رسالةُ وعد الآخرة واضحةً، تؤكّـد للطرف الآخر أن الفرصة لا زالت سانحة أمامهم للعبور نحو السلام والتعامل الصادق مع الهُــدنة والوفاء باشتراطاتها لتكونَ جسراً موصلاً إلى السلام الحقيقي الذي ينهي العدوان ويرفع الحصار، ما لم فَـإنَّ قواتنا اليوم قادرة على كسر العدوان وعلى كسر الحصار وفرض معادلة مختلفة تماماً عما كان قبل الهُــدنة.
في دلالةٍ أكيدة أن هذه الجحافل وبما تمتلكه من الإيمَـان الراسخ والثقة المطلقة بالله وبالقيادة، ومن الإعداد والقوة والبأس الشديد، قادرة على انتزاع كامل الحقوق والسيادة اليمنية غير المنقوصة، لكل التراب اليمني وتحرّر كافة أراضيها.
وفي رسالةٍ واضحة يمكن أن يقرأها العدوّ من أي اتّجاه، مفادها أن القيادة اليمنية اليوم هي من ستحدّد أرض المعركة القادمة، وهي من ستفرض قواعد الاشتباك فيها، على اعتبار أن التجهيز والتحضير والتكتيك والتكنيك والإعداد والتخطيط الحاصل، لن يأتيَ إلا لرسم واقع جديد وخارطة جيوسياسية جديدة، وبما تمتلكه قواتنا من خبرات عملية وتدريب قتالي عالٍ، ومن دراسة علمية دقيقة مبنية على ترجمة العلاقة بين هذه القوى البشرية مع تلك الأسلحة التي تم عرضها، أَو تلك التي تأجل عرضها لتحقيق عنصر المفاجأة والصدمة.
وفيما كان لتلك العروض العسكرية وقعٌ شديد على قوى العدوان ومرتزِقته واغاضهم وماتوا بغيضهم، لدرجة أنهم فقدوا توازنهم وباتوا من هول الصدمة يدعون عبر إعلامهم وفي قنواتهم، قوى العالم للاحتشاد لمواجهة ما أسموه بالخطر “الحوثي”.
ليس أمامنا بعد انقضاءِ فترة الهُــدنة أي خيار آخر إلا المواجهة حتى رفع العدوان وفك الحصار والانتصار على الأعداء، فاليوم لا مجال لاختلاق الأعذار بعد أن سئمنا أعذارَهم وحججهم، سئمنا مكرَهم ونقضهم، وأضحينا بقوة الله وبما لدينا من قوات عسكرية مؤهلة قادرين على الحفاظ على اليمن أرضاً وإنساناً، وإعادة بُوصلة التاريخ إلى مسارها الصحيح، وما على قوى تحالف العدوان ومرتزِقتهم إلا الرحيلُ صاغرين من كُـلّ شبر من التراب اليمني.