رسائلُ العروض العسكرية..بقلم/ عبدالرحمن مراد
من المفارقات الأكثر غرابة في واقعنا اليمني أنك تجدُ الكثيرَ من الذين ألفوا الهوانَ ينالون من كُـلّ شيء يذكرهم بالعزة والكرامة، ولذلك تنتابهم نوبات هستيرية مع كُـلّ عرض عسكري تنفذه صنعاء، ويحاولون التبرير لأنفسهم بمصطلحات لا تمت إلى الحقيقة بصلة، فالجيش الذي يعلن عن استعادة نفسه من بين مشاريع الموت والدمار والاستهداف ومن بين نوايا العصابات التي حولت الكثير منه في المحافظات الجنوبية إلى مقاولين ينوبون المستعمر لليمن في حروبه وتنفيذ أجنداته.
قد نختلف مع الأفكار ومع الكثير من الممارسات والسلوكيات ذلك أمر طبيعي، لكن من المنطق أن نتفق حول اليمن، فالقضايا الوطنية يفترض أن نقف منها موقفاً متسقاً مع القيم الوطنية الكبرى، فالسيادة الوطنية قضية لا يمكن لعاقل أن يساوم عليها، وحين تكونُ السيادةُ معرضة للخطر، وتنتهك أمام أعيننا ونحن نقفُ بصف العدوّ رافعين عقائرَنا بالتبرير له، حين ذلك تصبح القضية قضية وعي، وقضية عداوات، وقضية كون نفسي مشوش، لا يتسق والفطرة السليمة للإنسان السوي في عالم أصبح تتناوشه العولمة فتسقط من مبادئه كُـلّ خير، وتعلي من شأن كُـلّ شر في سلوكياته.
بعد ثمانية أعوام من العدوان والقصف والتدمير، ومن نهب الثروات، وسرقة الآثار وتعطيل الدولة الوطنية، ومصادرة قرارها، والسطو على مقدراتها، وانتهاك سيادتها على كامل أراضيها يصبح من المعيب في حق كُـلّ بوق يقتات على موائد الغزاة أن ينال من شرف بلاده، ويحط من قدرها بكلماته البذيئة، فاليمن اليوم تقتل في نفوس الخونة الخيانة وتجعلهم يهربون إلى التبرير والى قيم التعويض حتى لا يقاسوا عذاب المذنبين، ومن كانت بنفسه بقايا كرامة فقد شعر اليوم بالخزي والعار وخرج شاجباً ونادماً ولاتْ حينَ نَدَمٍ.
ما تقوم به صنعاء هو استعادة الدولة واستعادة المؤسّسة العسكرية من بين أنياب القوى التي تستهدف اليمن حتى تحافظ على شرف اليمن وكرامة اليمن وعزة اليمن وسيادة اليمن، وعلى الذين يتشدقون بالكلام ويلوون السنتهم مراجعة منظومة القيم والمبادئ في أنفسهم فقد أصابها مرض عضال لا تكاد تبرأ منه، والكثير منهم نعرف ماضيه والعامل التاريخي الذي قاده للوقوع في مهاوي الرذيلة، ولذلك من الصعب عليه مراجعة مواقفه الوطنية؛ لأَنَّ العامل التاريخي يضع حاجزا فاصلا بينه وبين حقائق موقفه من القضايا وسيظل على هذا الحال ما شاء له الهوى، فالقضية لديه ذات عمق تاريخي لا يمكنه تجاوزها.
صنعاء اليوم تبني جيشاً وطنياً قادراً على حماية اليمن كُـلّ اليمن وليس جيشا تابعا لشركات أمنية أَو عسكرية يتاجر بقضايا اليمن ويقوم بتنفيذ مهام أمنية أَو عسكرية لطرف خارجي، وقد دلت سنوات الحرب من يقاتل على كرامة اليمن وشرف اليمن وعزة اليمن وسيادة اليمن واستقلال اليمن، ومن يتاجر؛ مِن أجلِ تنفيذ مهام أمنية وعسكرية واتضح أنه عبارة عن شركة عسكرية أَو أمنية تتلقى الأموال؛ مِن أجلِ القيام بمهام بعينها، الأمر أصبح واضحًا وجليًّا لكل ذي رأي حر وبصيرة ولم يعد ملتبسا على الذين كابروا تحت عناوين التضليل ثم لما وجدوا دول العدوان تنال منهم أَو تحد من هيمنتهم عادوا إلى الصواب وبشكل حذر كحال الخطاب الإعلامي لتيار “الإخوان”.
الموضوع الذي ظهر به الجيش اليمني في استعراض المنطقة الخامسة كان مثلجاً لصدور الأحرار الذين يأبون الذلة والهوان وشعارهم نعيش كراماً أَو نموت أحرَاراً وليس مستغرباً موقفُ الكثير من أرباب الهوان والذل فالنفوس التي تعتاد الهوان لا تشعر بالجروح، ولذلك ما يحدث في المحافظات الجنوبية لا يحرك في مشاعرهم كرامة والا عزة ولا نخوة وليس في بالهم من مروءة الكرامة وغيرتها شيء، وَإذَا حاصرتهم الرذائل هربوا إلى تبريرات غير لائقة يجدون فيها تعويضا عن مشاعر النقص والذلة والهوان وبئس الحال الذي هم عليه.
تظل صنعاء ستظل رمز عزة وكرامة وشرف اليمن وسيظل جيشها قويا حرا مجاهدا، ولن يجد أعداء صنعاء إلا الذل والهوان وكفاهم ما هم فيه من الهوان، أما رسائل العروض فَواضحة تقول: لن نساوم على حرية وسيادة واستقلال اليمن.