الحديدةُ حارسُ البحر الأحمر.. التسميةُ المرعبةُ للعدوان
المسيرة – أيمن قائد
أطلق رئيسُ المجلس السياسي الأعلى بصنعاء المشير الركن مهدي المشاط، تسميةً جديدةً على محافظة الحديدة “حارس البحر الأحمر”، إلى جانب التسمية القديمة “عروس البحر الأحمر”، لكن التسمية جاءت في ظل حدث عسكري عظيم، تمثل بالعرض العسكري المهيب في “وعدة الآخرة”.
وتأتي هذه التسمية في ظل مرحلة مفصلية تمر بها بلادنا، ومتغيرات على كافة الأصعدة، لعل من أبرزها تنامي القدرات العسكرية اليمنية في جميع جوانبها على الرغم من مرور 7 سنوات من العدوان الأمريكي السعوديّ الغاشم الذين دمّـر الحجر والبشر وادّعى مراراً وتكرّراً تدمير البنية العسكرية لليمن والقضاء عليها، واليوم الحديدة لم تعد كما في السابق في مستوى ضعيف، وتنقاد لقوى النفوذ والسيطرة؛ بل أصبحت تمتلك قوة ضاربة ستلقن كُـلّ غاز ومحتلّ دروساً جديدة لا يمكن أن يستوعبها.
لقد كانت الحديدة تعاني من نقطة ضعف وحيدة وهي عدم تمكّنها من صد الأطماع الخارجية التي مثلت خطورة حقيقية عليها نتيجة للوهن الموجود آنذاك في نظام الخائن عفاش القامع تحت سقف الوصاية والتبعية؛ لكنها اليوم وبفضل القوات المسلحة بمختلف تشكيلاتها أصبحت رقماً قياسياً يحسب له الأعداء ألف حساب، حَيثُ لا يخفى على الجميع ما كان يقوم به العدوّ من تصعيدٍ مكثّـف سبقه مؤامرة ضد أبناء تهامة في ظل العدوان الشامل على البلاد.
وإلى جانب دلالة التسمية، فقد كان لافتاً اهتمام القيادة الثورية والسياسية بالرئيس الشهيد صالح الصماد، والذي كان له بصمات واضحة في الانتقال بالحديدة من مربع الوصاية والخنوع إلى العزة والكرامة، حتى لقي ربه شهيداً محتسباً، في عملية جبانة لطيران العدوان الأمريكي السعوديّ، كما أن العرض العسكري المهيب للقوات المسلحة اليمنية بكافة تشكيلاتها وفروعها ولا سيَّما البحرية منها، قد أقيم في المكان الذي خرجت فيه المسيرات الحاشدة عقب اغتيال الرئيس الصماد وسميت حينها بمسيرة “البنادق”.
إن كُـلّ تلك المخطّطات التآمرية لم تزد الأحرارَ من أبناء الشعب اليمني وبالأخص أبناء تهامة ومن حولها إلَّا قوة وصلابة وعنفواناً لأن يكونوا حمماً بركانية وصخوراً صلبة تحطمت عليها كُـلّ آمال ورغبات الطامعين، وابتدأت الشرارات الأولى في بناء القوة الضاربة حتى اكتملت الصورة التي ظهرت خلال العرض المهيب.
وفي كلمته قال المشير الركن مهدي المشاط: “إنه وبعد أن أصبحت الحديدة من الآن حارس البحر الأحمر؛ حتماً فَـإنَّ مطامع قوى العدوان تجاه البلد ستمزقهم وتحولهم إلى جحيم وركام يرمى في قاع البحر”، في مؤشرٍ إلى أن العدوّ لن يسكت على مثل هذا العرض والتسمية، وأنه سيصعد في كُـلّ الاتّجاهات، محاولاً ضرب الإرادَة اليمنية، وإعادة العجلة إلى الوراء، لكن ما هو معلوم أن القوات المسلحة ما كان لها أن تختار هذا المكان، وهذا العرض، والتباهي بالأسلحة إلا وهي تدرك جيِّدًا مدى إمْكَانياتها في مواجهة العدوان بل وهزيمته وتركيعه.
أمانةُ الشهيد الصماد
وفي هذا السياق يشير الكاتب والباحث السياسي الدكتور يوسف الحاضري، إلى أن الحديدة لم تعد عروساً للأمريكي والصهيوني والبريطاني كما كانت عليه في النظام السابق بل هي حارس البحر الأحمر من هؤلاء القراصنة المجرمين.
ويقول الحاضري في تصريح لصحيفة “المسيرة”: إن كلمة الرئيس المشاط فيما يتعلق بتسمية الحديدة حارس البحر الأحمر لها دلالاتها النفسية والفكرية والعملية من منطلق أن المسميات لها دور خَاصَّة عندما تأتي في أوقات مفصلية من التاريخ فهي ستحمل للأجيال معارف كثيرة يفتخرون بها عندما يعلمون أن من الحديدة جاءت انطلاقة حماية البحر الأحمر من قراصنة الأرض المتمثل في أمريكا والصهاينة وأدواتهما السعوديّة والإمارات وحاميتها الأمم المتحدة بعد أن قامت الحديدة بفك حصار اليمن واليمنيين الذي استمر لثمانية أعوام ومنها جاء تحرير بقية مناطق اليمن الغربية والجنوبية خَاصَّة البحرية منها.
ويواصل الحاضري: “ومن تلك اللحظة حمت الحديدة العالم أجمع من أطماع وجشع الطغاة والمستكبرين، كما أن الحديدة هي أمانة الشهيد الصماد الذي قدم روحه ودمه؛ مِن أجلِ اقتلاع كافة أشكال الوصاية والعمالة والاحتلال، وتعتبر قلعة من القلاع، بل وحامية للجمهورية اليمنية بعد امتلاكها قوة عسكرية مهولة وجيشاً عظيم يمتلك خبرة قتالية بارعة ويتميز بجهوزية عالية، إضافة إلى أن امتلاك سلاح الوعي بخطورة المرحلة لدى القوات المدربة يعزز من جانب القوة المعنوية والأَسَاسية في البناء والتأهيل والتدريب والاستعداد لصد أية محاولة اختراق أَو مؤامرة جديدة.
ولهذا فَـإنَّ تهامة التضحية ستبقى عصية برجالها الأبطال الأوفياء الذين رفضوا الاستسلام والذل والخنوع للغزاة والطامعين وأدركوا عواقب الاستعمار وتحَرّكوا مدافعين ومقاتلين أشداء، متسلحين بسلاح الوعي والإيمَـان الراسخ الذي يصنع الانتصارات ويقلب الموازين والمعادلات كما يقول الدكتور الحاضري.
ويوضح الدكتور الحاضري أن الأمريكيين اعتقدوا أن استباحت الحديدة أسهل من شرب الماء لكن سرعان ما تحول جبروتهم إلى هزيمة وانكسار، وهذا ما جعل كافة تشكيلات القوات المسلحة اليمنية من الولاء للخارج إلى حماية الداخل، ومن الخضوع الأمريكي إلى كسرها، وهو تحول استراتيجي يقول الخبراء والمحللون العسكريون نابع من خضم حرب كونية وحصارٍ خانق، جعل اليمن قوة ليس محلية بحتة بل ينظر إليه اليوم كقوة ذات تأثير إقليمي ودولي.
ويمكن القول إن ما كشفته القوات خلال العروض العسكرية ما هو إلَّا غيض من فيض وعلى دول العدوان أن تصحح سلوكها تجاه الهُــدنة المؤقتة وأن ترفع يدها عن سفن الوقود؛ لأَنَّها بغير ذلك تخاطر بنفسها دون حساب العواقب، والعواقب وخيمة، كما أن العدوّ في استمراره التغافل عن اغتنام فرصة الهُــدنة المؤقتة فَـإنَّه قد سلك طريق الهلاك والخسران والانتحار، لا سِـيَّـما وقد كرّر قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي –يحفظه الله- من نصحه في أكثرَ من خطاب لعل ذلك سكون مستوعَباً من قبل قوى تحالف العدوان.
وتؤكّـد رسائل القوات المسلحة التي بعثتها مؤخّراً خلال العروض العسكرية عنفوانها ومضيها على مواصلة معركة التحرّر وتطهير كافة البلاد من دنس العمالة والاحتلال وفلول الارتزاق، وما على العدوّ إلَّا أن يفهم تلك الرسائل النارية، فما قبل العرض العسكري في الحديدة ليس كما قبله، ومن قلب تهامة يأتي الانتصار.