السعوديّةُ والدخولُ ‘الناعم’ على خط الاستحقاقات اللبنانية
المسيرة | وكالات
بالتزامن مع دخول لبنان المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، عادت إلى الواجهة اللقاءات السعوديّة الفرنسية التي تتناول الملف المحلي، من خلال الاجتماع الذي عُقد، في الأيّام الماضية، في باريس.
اللقاءات تؤشر إلى الدور الذي من الممكن أن تلعبه الرياض، لا سِـيَّـما أنها من أبرز اللاعبين على الساحة المحلية، حتى ولو كانت قد قرّرت، في السنوات الماضية، الابتعاد عن واجهة الأحداث بشكل مباشر.
في الفترة الماضية، كانت العلاقات اللبنانية السعوديّة قد شهدت تطورات سلبية كبيرة، كان أبرزها خلال الأزمة الدبلوماسية التي حصلت بعد نشر تصريحات لوزير الإعلام السابق جورج قرداحي سبقت توليه منصبه الوزاري، لكن الجميع كان يدرك أن الموقف المتشدّد من جانب الرياض لم يكن سببه تلك التصريحات، بل عدّة أمور مرتبطة بالموقف من الساحة اللبنانية بشكل عام.
ويقول الكاتب اللبناني ماهر الخطيب: أنه “خلال مرحلة الانتخابات النيابية، كان الحديث الدائم عن تدخل سعوديّ، خُصُوصاً أن السفير وليد البخاري عاد إلى بيروت قبل أَيَّـام من حصوله”، بينما بعد الانتخابات علق بالقول: “نتائج الانتخابات تؤكّـد حتمية تغليب منطق الدولة على عبثية فوائض الدويلة المعطلة للحياة السياسية والاستقرار في لبنان”، متحدثاً عن “سقوط كُـلّ رموز الغدر والخيانة وصناعة الموت والكراهية”.
في هذا السياق، تشير مصادر سياسية، إلى حراك سعوديّ غير مباشر على خط الاستحقاقات المقبلة، لا سِـيَّـما الانتخابات الرئاسية، حَيثُ تسعى الرياض إلى أن تلعب دوراً مؤثراً، على قاعدة أن هذه الانتخابات من الممكن أن تقود إلى مرحلة جديدة في البلاد، وتلفت إلى أن مساعي جمع النواب السنة، تحت مظلة دار الفتوى، تصب في هذا الاتّجاه، خوفاً من أن تقود الشرذمة إلى انتخاب رئيس ينتمي إلى قوى الثامن من آذار.
بالإضافة إلى ذلك، توضح المصادر نفسها أن المعلومات، التي تسربت عن لقاء باريس، تفيد بأن السعوديّة كانت واضحة بأن المعالجة في لبنان لا تتوقف على حصول اتّفاق مع صندوق النقد الدولي، الأمر الذي تتبناه بشكل أَسَاسي فرنسا، بل على معالجة الخلل السياسي القائم، وهو ما يحتم التعاطي مع الاستحقاق الرئاسي بطريقة مختلفة، مع وجود من تحدث عن أن الرياض تربط بين الاتّفاق على اسم رئيس الجمهورية واسم رئيس الحكومة المكلف.
على صعيد متصل، تكشفُ مصادرُ نيابية أن الدخول السعوديّ لم يصل إلى المرحلة المباشرة، حَيثُ تفضل وصفه بـ”الناعم”، لكن الأكيد أنّها تتابع بدقة تفاصيل هذا الاستحقاق، وتشير إلى الموقف الذي كان قد أعلنه البخاري، قبل أَيَّـام، في خضم السجال الدستوري بين الأفرقاء المحليين، حول قدرة حكومة تصريف الأعمال على تسلم صلاحيات رئيس الجمهورية، حَيثُ أشار إلى أن “ميثاق الوفاق الوطني، والذي أقره اللبنانيون برعاية عربية ودولية، ليس وهماً ولا أحجية غامضة فهو مصاغ بلسان عربي فصيح”.
في المحصّلة، ترى هذه المصادر أن هذا الموقف يؤكّـد أن الرياض لن تتردّد في الدخول على خط الخلافات الداخلية، متى وجدت ضرورة لذلك، انطلاقاً من الأولويات التي تضعها على رأس قائمة أهدافها، وأبرزها: منع المسّ باتّفاق الطائف، عدم انتخاب رئيس ينتمي إلى قوى الثامن من آذار، وبعد ذلك يبنى على الشيء مقتضاه بالنسبة إلى تطور العلاقة بين الجانبين، مع التشديد على أنها لن تكون متساهلة في التعامل الملف اللبناني، قبل أن تحصل على نتائج عملية ملموسة.