الذكرى الأربعين لمذبحة صبرا وشاتيلا
المسيرة | متابعة خَاصَّة
في صباح السادس عشر من سبتمبر عام 1982م، استيقظ لاجئو مخيمي صابرا وشاتيلا على واحدةٍ من أكثر الفصول الدموية في تاريخ الشعب الفلسطيني الصامد، بل ومن أبشع ما كتب تاريخ العالم بأسره في حق حركات المقاومة والتحرير.
ومع ذكرى مرور 40 عاماً على المجزرة، لا تزال الذكريات حاضرة مع من شهد المذبحة لينقلوا شواهدها المؤلمة إلى أبنائهم وأحفادهم علّ التاريخ الذي ظلمهم بالأمس ينصفهم يوم ما ومجزرة “صبرا وشاتيلا” وقعت في مخيمين للاجئين في بيروت يحملان الاسمين ذاتهما، في 16 سبتمبر 1982م، واستمرت لمدة 3 أَيَّـام، خلال فترة الاجتياح الصهيوني في العام نفسه، والحرب اللبنانية الأهلية (1975م – 1990م).
تلك المجزرة كانت كفيلة لتؤكّـد على وحدانية دماء الشعبين وتقاسمها قضية مواجهة الكيان الصهيوني الغاصب، الذي لم يترك فرصة إلا ونكل بالشعبين منذ لحظة إعلان وجوده بالقوة والدعم الأممي، ولا تزال الذكريات حاضرة مع من شهد المذبحة لينقلوا شواهدها المؤلمة إلى أبنائهم وأحفادهم علّ التاريخ الذي ظلمهم بالأمس ينصفهم يوم ما.
في هذه الليلة السوداء ليلة اختلطت فيها رائحة أزهار البرتقال برائحة الموت في صبرا وشاتيلا دخلت القوات الصهيونية مخيمات لبنان؛ بهَدفِ القتل ليس إلا وكان يقودها وزير الحرب الصهيوني آنذاك السفاح “أرئيل شارون” مستهدفاً كُـلّ ما يتحَرّك على الأرض وتبدأ المجزرة ويبدأ شلال الدم يسيل في أزقة وشوارع المخيمات الفلسطينية ليختلط بتراب الشوارع التي دمّـرتها جنازير دباباتهم ويستمر القتل وتتواصل المجزرة لثلاثة أَيَّـام متتالية مخلفة وراءها آلاف القتلى من الشيوخ والنساء والأطفال، الذين قتلوا بأبشع الطرق من الذبح، وهناك من داستهم جنازير الدبابات وكأنهم لم يكونوا؛ بهَدفِ ترهيب الفلسطينيين لإجبارهم وبقوة الموت على الرضوخ للمطالب الصهيونية وأن يسلموا بالأمر أَو أن يرحلوا بعد رحيلهم أَو أن يهاجروا بعد هجرتهم أَو أن يجبرهم شارون على هجرة من نوع جديد هجرة لا رجوع منها وهذا ما فعله المجرم الصهيوني ارئيل شارون في صبرا وشاتيلا في ليلة السادس عشر من سبتمبر عام 1982م.
في تلك المذبحة تحالف أعداء القضية الفلسطينية من صهاينة وخونة، فانضم الجيش الصهيوني إلى حزب الكتائب اللبناني ليسطروا بالدم صفحة من صفحات الظلم والبطش في مجزرة إلى تصفية الفلسطينيين وإرغامهم على الهجرة من جديد.
صدر قرار تلك المذبحة برئاسة “رافايل إيتان” رئيس أركان الحرب الصهيوني و”آرييل شارون” وزير الدفاع آنذاك، في حكومة “مناحيم بيجن”، وبدأت المذبحة في الخامسة من مساء السادس عشر من سبتمبر، حَيثُ دخلت ثلاث فرق إلى المخيم كُـلّ منها يتكون من خمسين من المجرمين والسفاحين، وأطبقت تلك الفرق على سكان المخيم وأخذوا يقتلون المدنيين قتلاً بلا هوادة، أطفال في سن الثالثة والرابعة وُجدوا غرقى في دمائهم، حواملُ بُقِرَت بُطونهنّ ونساءٌ تمَّ اغتصابهنَّ قبل قتلِهِنّ، رجالٌ وشيوخٌ ذُبحوا وقُتلوا، وكل من حاول الهرب كان القتل مصيره.
نشروا الرعب في ربوع المخيم وتركوا ذكرى سوداء مأساوية وألماً لا يمحوه مرور الأيّام في نفوس من نجا من أبناء المخيمين، 48 ساعة من القتل المُستمرّ وسماء المخيم مغطاة بنيران القنابل المضيئة.. أحكمت الآليات الصهيونية إغلاق كُـلّ مداخل النجاة إلى المخيم فلم يُسمح للصحفيين ولا وكالات الأنباء بالدخول إلا بعد انتهاء المجزرة في الثامن عشر من سبتمبر حين استفاق العالم على مذبحة من أبشع المذابح في تاريخ البشرية ليجد جثثاً مذبوحة بلا رؤوس ورؤوساً بلا أعين ورؤوساً أُخرى محطمة، ليجد قرابة 3000 جثة ما بين طفل وامرأة وشيخ ورجل من أبناء الشعب الفلسطيني والمئات من أبناء الشعب اللبناني.
مجزرة صبرا وشاتيلا لم تكن الجريمة الصهيونية الأخيرة بحق الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني، فمسلسل المجازر اليومية لم ينته، والإرهابي “شارون” لم يتوانى عن ارتكاب مزيد من المجازر في حق الشعب الفلسطيني على مرأى ومسمع العالم من العالم بأسره، وكأن يديه القذرتين اعتادت أن تكونا ملطختان بالدم الفلسطيني أينما كان.
في ذلك الوقت كان المخيم مطوق بالكامل من قبل جيش لبنان الجنوبي والجيش الصهيوني الذي كان تحت قيادة ارئيل شارون ورافائيل أيتان أما قيادة القوات المحتلّة فكانت تحت إمرة المدعو إيلي حبيقة المسؤول الكتائبي المتنفذ وقامت القوات الانعزالية بالدخول إلى المخيم وبدأت بدم بارد تنفيذ المجزرة التي هزت العالم دونما رحمة وبعيدًا عن الإعلام وكانت قد استخدمت الأسلحة البيضاء وغيرها في عمليات التصفية لسكان المخيم العزل وكانت مهمة الجيش محاصرة المخيم وإنارته ليلاً بالقنابل المضيئة.
اليوم كما في كُـلّ عام والفلسطينيون ونحن نحيي وكل أحرار العالم، هذه الذكرى بكل حزن على أُولئك الضحايا الأبرياء، نستذكر فيها الشهداء الأبرار وَننعش في الذاكرة ذلك التاريخ الأسود من الأعمال الإجرامية والإرهابية للجيش الصهيوني، التي صاحبت “إسرائيل” منذ قيامها عام 1948م.