عُـذراً رسولَ اللّه..بقلم/ احترام المُشرّف
رغم أننا في حربٍ وحصار وغلاء في المعيشة وانقطاعٍ للرواتب ووجود الكثير ممن قد طمرهم الفقر، كُـلّ هذا موجود ونراه طوال العام، وفي المقابل هناك وطوال العام الاحتفالات التي ما أنزل الله بها من سلطان، وهناك الإسراف الذي حتى الشياطين الذين هم إخوان المسرفين قد خافوا منها.
هناك المباهاة في كيف تكون الحفلات والولائم لنأخذ على سبيل المثال الخطبة وعقد القرآن وما يقدم فيهما حتى أن ثمن القطعة القماش يصل إلى مبالغ خيالية ناهيك عَمَّا يقدم للحضور، وما هذا إلا البداية فالآتي أعظم لتبدأ مراسيم الزفاف التي والله على ما أقول شهيد ومن خلال ما سمعت في جلسات التفاخر بين النساء أنه يكفي ما ينفق في العرس الواحد ما يمكن أن يكفي لعرس خمسة إلى ستة شباب، أَو ما يكفي لتقديم معونة غذائية متكاملة لأكثر من خمسة عشر أسرة على الأقل.
وأضف إلى ذلك ما يكون في الولادة، وفي أعياد الميلاد وفي حفلات التخرج و… إلخ، مع العلم المؤكّـد أن هذه الولائم والحفلات لا يحضرها الفقراء ولا نصيب لهم إلا رائحة الأطعمة التي تعد لغيرهم.
كلّ هذا يحدث الآن والكل يعرف ويرى ويشارك ويحتفل ويبارك ولا نسمع إنكاراً من أحد مع أنها منكرات وبذخ مِمَّن لديهم سعة في الرزق والذين لا يرون إلا أمثالهم وكيف يتفوقون عليهم ليكونوا هم حديث الساعة، وهنا نقول: لماذا يا مؤمنون يا من يؤلمكم جوع الفقراء والمساكين وتتقطع أفئدتكم عليهم؟! لماذا لا تنهون المنكر بكلمة وأنتم تشاهدون بل وتحضرون مثل تلك التبذيرات؟!
ستقولون: لا شأن لنا بهم هذا مالهم وهم فيه أحرار سأقول لكم إذَا كنتم تخشون ردة الفعل إذَا أبديتم إنكاركم لهم وجهاً لوجه، هناك وسائل أُخرى فأنتم تعرفون أن إنكار المنكر واجب شرعي وديني باليد فإن لم تستطع فباللسان فإن لم تستطع فبالقلب.
فلماذا لم نرَ قلماً واحداً يفنّد تلك المنكرات، لماذا لم نسمع خطيباً واحداً يتطرق لتلك التصرفات! لماذا لم نرَ أي استنكار لما يحدث حتى في وسائل التواصل الاجتماعي على الأقل حالات الواتس أب، لماذا الكل كما يقال سمع هس!
حتى إذَا أقبل شهر ربيع الأول وبدأ المؤمنون وأعيدها المؤمنون بدأوا في الإعداد والتجهيز للاحتفال بميلاد سيد ولد آدم بميلاد سيد الأنبياء والمرسلين بميلاد حبيب رب العالمين بميلاد رحمة الله للعالمين بميلاد بدر التمام وسيد الأنام وخير من صلى وصام.
بدأت الأصوات الساكتة عما يحدث طوال العام بدأت بالولولة والصراخ والتبديع والإنكار وأصبحت تزغلل أعيُنهم ويصابون بالدوار أن رأوا البيوت والشوارع تزين باللون الأخضر وكأن هذا القماش يحرق أجسادهم وبدأوا بالتقزم أمام رفع اسم الحبيب محمد في الأماكن العامة، واستغشوا ثيابهم وجعلوا أصابعهم في أذانهم حتى لا يسمعوا الأصوات وهي تشدو وتترنم بالصلاة والسلام على حبيب القلوب وسيد الوجود.
يمر عام بأكمله والكل في احتفال بأمور دنيوية واستكثرتم شهراً واحداً يخصص للاحتفال برحمة الله للعالمين، هذا ما يحدث طوال العام فعلاً وليس افتراء وذاك ما يقال في ذكرى المولد النبوي من المتقولين.
عذراً رسول اللّه فأمتك أباحت كُـلّ شيء وأحلت كُـلّ شيء إلا الاحتفال بمولدك، عذراً رسول اللّه فأمتك لا ترى الفقراء والمحتاجين إلا فيما ينفق في مولدك، مع العلم أن الفقراء والمساكين يفرحون بمولدك فهم يعرفون قدرك ويعرفون أنهم ليسوا سوى قميص عثمان الذي يرفع كلما أتى مولدك، عذراً رسول اللّه فأمتك تحتفل بميلاد المسيح -عليه السلام- وتحرم الاحتفال بمولدك يا سيد الأنام، عذراً رسول اللّه إنهم ما قدروك حق قدرك، عذراً رسول اللّه عذراً رسول اللّه.