الأمين العام المساعد لمجلس النواب عبد الرحمن المنصور في حوار لصحيفة “المسيرة”: ثورةُ 21 سبتمبر كسرت عنفوانَ الوَصاية والتدخل الخارجي ونفوذ السفارات باليمن انتهى إلى غير رجعة
المسيرة – حاوره محمد المنصور
أكّـد الأمينُ العام المساعد لمجلس النواب، عبد الرحمن المنصور، أن الغطرسة الأمريكية الصهيونية السعوديّة الإماراتية، عجزت عن كسر إرادَة الشعب وإرادَة الثورة التي تصدت للمشروع والمخطّط الصهيوني الأمريكي وأذنابه في المنطقة ووضعت حداً لتدخلاته في الشأن اليمني.
وقال المنصور في حوار خاص لصحيفة “المسيرة”: إن العدوان الأمريكي السعوديّ كان يعتقد أنه سيدخل صنعاء خلال 7 إلى 10 أَيَّـام، بحيث تكون قوات درع الجزيرة قد حسمت الأمر كما سبق لها في البحرين، إلا أن ثوره 21 سبتمبر أسقطت كُـلّ حساباتهم ورهاناتهم الخاسرة؛ بفعل الصمود اليماني الذي تحول إلى برنامج واستراتيجية ورؤية وطنية شاملة لمواجهة الأعداء في المنطقة.
إلى نص الحوار:
– بدايةً أُستاذ عبد الرحمن.. حدثنا عن أبرز التحديات التي واجهتها ثورة 21 سبتمبر المجيدة خلال السنوات الثماني الماضية؟
في الواقع إن من أبرز التي واجهتها ثورة 21 سبتمبر يمكن إبرازها فيما يلي:
– يمن مثقل بالصراعات والثارات، ويعاني من أزمات واحتقانات سياسية واقتصادية، وكلها بسَببِ التدخل الخارجي.
– وضع اقتصادي غير مستقر أَدَّى إلى إفراغ الدولة من مؤسّساتها والتزاماتها تجاه تقديم الخدمات للمواطنين.
– استشراء الفساد في كُـلّ مفاصل الدولة.
– وضع اليمن تحت الوَصاية الدولية، وشن حرب كونية عليه.
– اليمن بلد محاصَر براً وبحراً وجواً، وتُشن عليه حرب اقتصادية تمثلت في نقل البنك المركزي إلى عدن والتنصل عن دفع الالتزامات والتعهدات ومنها دفع المرتبات لكافة موظفي الدولة.
– طباعة الأوراق النقدية الجديدة دون غطاء تأميني؛ بهَدفِ التضخم، وانهيار العملة الوطنية أمام العملات الأُخرى.
– عزل اليمن عن محيطه، وعن العالم، ومنعه من أية مشاركات سياسية أَو اقتصادية، ليعيش أزمات خانقة، بمعنى ترك اليمن يغرق وحيداً في مواجهة تحالف العدوان ومرتزِقته.
– وقوف المجتمع الدولي والأمم المتحدة موقفَ المتفرج والمشارك من خلال اتِّباع سياسةَ الكيل بمكيالين.
– هدف المخطّط إلى تقسيم اليمن إلى كنتونات متحاربة ومتقاتلة؛ ليتسنى لهم نهبُ ثرواته من النفط والغاز، والثروات البحرية وغيرها، وحرمان الشعب اليمني من الاستفادة منها في دفع مرتبات الموظفين وتحسين الخدمات في كافة محافظات الجمهورية اليمنية.
وَيمكنُ القولُ: إن ثورةَ 21 سبتمبر جاءت لتتحمَّلَ كافة التحديات، وعلى الرغم من التحدياتِ التي واجهت وتواجه ثورة 21 سبتمبر في الجوانب الأمنية والاقتصادية والسياسية؛ نتيجة العدوان الأمريكي السعوديّ على بلادنا، إلّا أن الثورة أنتجت رغبةً وطنية ووعياً ثورياً؛ نتيجة الصمود الشعبي في مواجهة الغطرسة الأمريكية الصهيونية السعوديّة الإماراتية، والتي عجزت عن كسر إرادَة الشعب وإرادَة الثورة، فكانت ثورة 21 سبتمبر هي الثورة اليمنية التي صنعت التحولات الحقيقية المتمثلة في رفض الوَصاية والهيمنة الخارجية وتحقيق الاستقلال الكامل ورفض القبول بالسيادة المنقوصة، وهي الثورة التي قامت للتصدِّي للمشروع والمخطّط الصهيوني الأمريكي وأذنابه في المنطقة ووضع حَــدّ لتدخلاته في الشأن اليمني.
وما أود الإشارة إليه هنا أنه ومنذ الوهلة الأولى لإعلان الخروج الجماعي للسفارات من العاصمة اليمنية صنعاء كانت بداية تنفيذ هذا المخطّط الإجرامي، الذي تم الإعدادُ له منذ سنوات، حَيثُ كان يجري التحضيرُ لتمزيق اليمن وتقسيمه والسيطرة على ثرواته، وفعلاً باشروا بالتهيئة باسم استعادة شرعية هادي المنتهية ولايته، ومن خلال التغطية الأممية لإدخَال اليمن تحت البند السابع، وفرض الوَصايا الرباعية: (الأمريكية البريطانية السعوديّة الإماراتية) عليه؛ كي يدار بقرار يُمليه هذا التحالف الأرعنُ الذي فرض عقابًا جماعيًّا على الشعب اليمني قطع المرتبات وحصار شامل.
– ولكن برأيكم أُستاذ عبد الرحمن.. لماذا كُـلُّ هذا التكالب على اليمن؟
أبرزُ الأسباب التي تقف وراء ذلك هي أن اليمن يتميز بموقعه الجغرافي الهام الذي يطل شمالًا وشرقًا على بحيرة نفط الخليج، وجنوبًا وغربًا وشرقًا يتكئ اليمن على أكبر شريط ساحلي، يبدأ من البحر الأحمر مُرورًا بباب المندب إلى البحر العربي، وُصُـولاً للمحيط الهندي، وهذا التنوع البحري الفريد من نوعه، إضافة إلى ما يتمتع به الإنسان اليمني من قوة، وبأس شديد، وصبر وحكمة، وهو بلد بكل هذه المقومات بلا شك مهيأ لأمر عظيم ويحتاج إلى قيادة حكيمة لإخراجه من أزماته وظروفه الاقتصادية الصعبة”، وهذا لن يتأتى إلى من خلال العمل على وقف استمرار التدخلات الخارجية وإنهاء فرض الوصاية القديمة الجديدة عليه، وبالتالي كان مخطّط تحالف العدوان يحرصُ على إبقاء الشعب اليمني في حالة من الصراع، كما حرص تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ على استثمار ذلك وعمل على استقطاب وتجنيد المزيد من المرتزِقة والعملاء، ومن ثم إعادة تدويرهم على مرحلتين من خلال مسرحيتَي مؤتمرَي الرياض الأول والثاني: فالأول كان الهدف منه استعادة شرعية الفارّ هادي الزائفة، وفي الثاني تم الانقلاب على تلك الشرعية المزعومة، من خلال إعادة تدوير صفوف التنظيمات الإرهابية التي كانت تمولها مملكة الشر (نجد قرن الشيطان).
لقد كانت حساباتهم أنهم سيدخلون صنعاءَ خلال 7 إلى 10 أَيَّـام، بحيث تكون قوات درع الجزيرة قد حسمت الأمر، كما سبق لها في البحرين، إلا أن ثوره 21 سبتمبر أسقطت كُـلَّ حساباتهم ورهاناتهم الخاسرة، فها هو الصمود اليماني يتحول إلى برنامج واستراتيجية ورؤية وطنية شاملة، حَيثُ واجه أبطالُ الجيش والأمن واللجان الشعبيّة، ورجال القبائل الأحرار أحدث وأفتك الأسلحة التي تم شراؤها بالمال السعوديّ وبدعم من أمريكا وبريطانيا، وتحالف لأكثر من 18 دولة، وبدلاً عن دخولِ صنعاء أصبح الجيشُ اليمني اليوم على مشارف جيزان ونجران وعسير الأراضي اليمنية المحتلّة، وعلى وشك استعادة محافظتَي مأرب وشبوه، وهو الصمود الأُسطوري الذي أذهل العالم وغير من قواعد الاستراتيجية العسكرية.
– ما السِّرّ برأيكم وراء هذه الانتصارات أَو الإنجازات؟
هذه الإنجازاتُ هي بفضل تكتيك وتخطيط القيادة وصمود رجال الرجال على الأرض وإيمَـانهم بقضيتهم الوطنية، ودون أن يتوفر لهم أيُّ غطاء جوي مساند للمعركة، فيما تحالفُ العدوان لم يكتفِ بالجيوش التي حشدها فلجأ لتجنيد جحافل من المرتزِقة والبلاك ووتر من معظم دول العالم، ولم تنفعه تلك الأسلحة الحديثة والمتطورة التي اشتراها من معظم دول العالم، ومن عائدات أموال النفط، فتحالفُ العدوان حاول التغطيةَ بأمواله على ما ارتكبه من جرائم ومجازر بحق الشعب اليمني وشراء الذمم في المحافل الدولية لإبقاء اليمن في عزلة عن العالم والمجتمع الدولي، حَيثُ لاحظ الجميع مدى كبر وغطرسة وصَلَفِ تحالف العدوان السعوديّ الإماراتي، والتي كان يردّدها من خلال إعلامه المضلل من أنه تم القضاء على الجيش اليمني والصواريخ والقدرات الدفاعية اليمنية، وأن ما كان يصل إليهم ليس سوى مقذوفات، ولكن سرعان ما قلبت ثورة 21 سبتمبر حساباتهم رأسًا على عقب، حَيثُ ارتفع عويلُهم بعد تغيير معادلة واستراتيجية الرد والردع، وهذا بفضل من الله ثم بحكمة القيادة الثورية والسياسية بقيادة المجاهد سماحة السيد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي -يحفظه الله-.
– ما هي أبرزُ محدّدات ثورة 21 سبتمبر، أَو ما الذي حقّقته هذه الثورة؟
– تحقيقُ استراتيجية توازن الرد والردع وبناء القدرات العسكرية وتطوير منظومة الأسلحة الدفاعية والهجومية في آن من خلال تصنيع وتطوير الصواريخ المجنحة والطيران المسيَّر، وهو ما عُرف بأعاصير اليمن الثلاثة، ومن ثم أثبتت القدرات النوعية الفائقة كفاءتَها في الوصول إلى عقر العدوّ، ونجحت في تهديد عمقه الحيوي، وهو ما حدث للعدوين السعوديّ وَالإماراتي بالفعل في عدد من مدنهم، وآخرها مشاهدُ احتراق أرامكو وعدد من المنشآت الحيوية في جنوب المملكة وهي الضربات التي استهدفت المدن الإماراتية -أيضًا- وبالطبع كانت ضرباتٍ موجعةً ومؤلمةً، جعلت العدوَّ يستغيثُ بحلفائه؛ للبحث في الخيارات السياسية بعد أن كانت شروطُهم تنحصرُ في إطار تسليم اليمن ومقدراته لتحالف العدوان ومرتزِقته.
– تحقيقُ بناء جيش قوي لحماية البلاد وحراسة الحدود، وهذا ما ظهر من خلال العروض العسكرية الأخيرة التي شهدتها أمانة العاصمة وعددٌ من المناطق العسكرية في عدد من المحافظات، والتي توجت بالعرض العسكري الذي شهدته ساحة العروض في محافظة الحديدة، والذي لم يكن متوقعًا في الحسابات العسكرية، من حَيثُ الإعداد والتنظيم والعرض لنماذج الأسلحة الهجومية والدفاعية والصواريخ الحديثة والمتطورة والطيران المسير، فضلًا عن الأسلحة المصنعة والمطوَّرة محليًّا والقادرة على حماية السواحل اليمنية والتصدي لأية قوة معادية، حَيثُ تزامنت العروض العسكرية مع قرب حلول ذكرى ثورة 21 سبتمبر، والقوات المسلحة بكافة وحداتها تتمتع بهذا الزخم من الاستعداد والجاهزية وبعقيدة عسكرية ووطنية لا تقبل الاستكانة.
ونؤكّـد هنا أن من أهم الثمار التي أتت بها ثورة 21 سبتمبر المباركة هي فكرُ القائد الملهم وموجهاته وإداراته الحكيمة لمعركة الصمود والتصدي لتحالف العدوان وإحباط تلك المؤامرات والمخطّطات التي تحاك ضد اليمن، وكذلك حكمته واقتداره في التعامل مع إدارة الشؤون الداخلية وحرصه الشديد على الحفاظ على وحدة اليمن أرضًا وإنسانًا، وُصُـولاً لتحقيق الأمن والاستقرار الذي تنعم به اليوم المحافظات الحرة في ظل سلطة ثورة 21 سبتمبر، على عكس حالة الانقسام، والتشظي، والفوضى الأمنية والعبث والنهب المنظم للثروات الغازية والنفطية والبحرية التي تشهدها المحافظات اليمنية المحتلّة، كما أن من أهم ثمار ثورة 21 سبتمبر ما يلي:
1- مدى إدراك قيادة ثورة 21 سبتمبر لكل هذه المشاكل التي سبق تشخيصها.
2- تحقيق الشراكة الوطنية على أَسَاس من التعايش والتسامح الفكري والمذهبي بين اليمنيين مرتكزة على شعار “يد تحمي ويد تبني”، بينما حدّد شعارُ الصرخة من هو عدو الشعب اليمني والأمة الحقيقي.
3- المضي نحو سياسة تحقيق استراتيجية الاعتماد على الذات من خلال التوسع في بناء السدود والكرفانات، وزراعة المحاصيل والحبوب بكافة أنواعها.
4- تعزيز الأمن والاستقرار وحفظ السكينة العامة.
5- إصلاح المنظومة العدلية، وتحقيق العدالة، وإصلاح القضاء، والقضاء على ظاهرة الثأر.
6- بناء جيش وطني قوي مسلح بالهُــوِيَّة الإيمَـانية قادرٍ على حراسة الحدود واستعادة الأراضي والجزر والمياه اليمنية.
7- تحقيق توازن الرد والردع للعدو في عقر داره حتى يتوقف عن عدوانه على اليمن ارضًا وإنسانًا.
8- تطوير التصنيع العسكري بقدرات وخبرات وإمْكَانات يمانية.
9- التعاطي الواعي مع القضية اليمنية لتجنيب اليمن شبح استمرار الحرب وذلك من خلال إطلاق مبادرات السلام من قبل قائد الثورة والمجلس السياسي الأعلى، والتعاطي الإيجابي مع الهُــدنة المعلنة، انطلاقاً من المسؤولية الوطنية في تغليب مصلحة الشعب اليمني، وفي إطار السلام المشرف الذي يحفظ لليمن وحدته وسيادته وأمنه واستقراره.
10- رفض الوَصاية الخارجية والتدخُّل الخارجي في الشأن اليمني..
وذلك في إطار برنامج الصمود والرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة 2020-2030م.
– كلمةٌ أخيرة؟
نؤكّـدُ أن ثورةَ 21 سبتمبر المجيدة هي إنجازٌ حقيقيٌّ لكل أبناء الشعب اليمني، إذ مثّلت نقطةَ تحوُّل في تاريخ اليمن على المستويين الوطني والدولي، وأعادت للوطن سيادتَه واستقلالَه وانتصرت لكل الأحرار الذين قدموا التضحياتِ في بناء الدولة اليمنية القوية واسترجاع مكانتها الطبيعية بين دول العالم.
وأمام تلك العروض العسكرية، والمستوى المتقدم الذي وصل إليه جيشنا، رغم ظروف استمرارِ الحرب والحصار نعبر عن الفخر والاعتزاز بالمؤسّسة العسكرية الوطنية، وكفاءتها وقدرتها على فرض معادلة جديدة في موازين القوى العسكرية، وبما يكفل تحديد مسار الحل السياسي لليمن والمنطقة عُمُـومًا.
وبعد ثمانية أعوام من ولادة ثورة 21 سبتمبر نستطيعُ القول: إن تحالُفَ العدوان قد أخفق وتم كسرُ عنفوان الوَصاية والتدخل الخارجي، وانتهى نفوذ السفارات رغمَ وحشية الجرائم التي ارتكبها تحالف الشر والإجرام بحق الشعب اليمني، وقوبل الحصارُ والانتهاكات السافرة بصمود يمني أُسطوري تحطَّمت على صخرة بأسه، مؤامراتُ وحقدُ النظام السعوديّ وأدواته.