الرئيسُ المشاط: ثورة الـ ٢١ من سبتمبر تضعُ اليمنَ ولأول مرة على طريق الاستقلال والسيادة
دعا إلى رفعِ الحصار عن الموانئ والمطارات وضبط موارد الثروات وصرف الرواتب
حث الشعبَ اليمني أن يفخرَ بصموده وتضحياته بعد ثمانية أعوام من نضالات الثورة الخالدة
أكّـد أن وقت السلام قد حان وصنعاءُ جاهزةٌ للدخول في تبادل الأسرى على قاعدة الكل مقابل الكل
المسيرة | صنعاء
أكّـد فخامةُ المشير الركن مهدي المشاط -رئيس المجلس السياسي الأعلى-، أن ثورة ٢١ سبتمبر تضع اليمن ولأول مرة على طريق الاستقلال والسيادة، معلناً انتقال الثورة المباركة من طور الصراع مِن أجلِ الوجود والبقاء إلى طور الثورة التي جاءت لتبقى.
وقال الرئيسُ المشاط في خطابِه الأربعاء المنصرم بمناسبة العيد الثامن لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المجيد: “أصبحنا نقاتل؛ مِن أجلِ التحرير والبناء، بما في ذلك العمل المكثّـف؛ مِن أجلِ السلام الضامن لسيادة البلاد واستقلالها وأمنها واستقرارها ووحدة وسلامة أراضيها، وبفضل الله وحكمة قائد الثورة نبذل حَـاليًّا جهودا مكثّـفة ومخلصة وعبر كُـلّ المسارات السياسية والدبلوماسية والعسكرية والأمنية؛ مِن أجلِ تحقيق كُـلّ ذلك”.
وفيما توجّـه الرئيس المشاط بالتهنئة إلى قائد الثورة السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي وإلى بواسل القوات المسلحة والأمن وكافة منتسبي مؤسّسات الدولة والحكومة، وأبناء الشعب اليمني العزيز بمختلف فئاتهم ومكوناتهم، تطرق إلى ما سبق الثورة الخالدة من إرهاصات العقود الخوالي وما سار عليه حال اليمن منذ عشرات السنين من أحداث وحروبٍ وأزماتٍ وفشل ذريع في بناء الدولة اليمنية المنشودة، وما أفضت إليه تلك الحقبة الطويلة من تَرَدٍّ في جميع المجالات، وكذا ما تلا الثورة من لجوء رموز النظام البائد للاستقواء بالخارج وجلب العدوان والحصار ضد اليمن وشعبه، بتلك الطريقة المخجلة، مُشيراً إلى أن ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المجيدة مثّلت وما تزال ثورة الضرورة الدينية والوطنية والإنسانية.
ولفت رئيسُ المجلس السياسي الأعلى إلى أنه وبعد ثمانية أعوام من نضالات الثورة الخالدة يحق للشعب اليمني أن يفخر بصموده وتضحياته، وأن يدرك بأن ثورته المباركة قد بدأت بشائرُها تلوح في الأفق ويكفي أنها تضع اليمن ولأول مرة على طريق الاستقلال والسيادة بمعناهما الوثيق والموثوق، وهذا يعني أن اليمن يسير باتّجاه إنجاز الشرط الأَسَاس والجوهري في النهوض بالبلدان وبناء الدول الحقيقية، مبينًا أن الثورة أحرزت الكثيرَ من التحولات الخلاقة في طرائق التفكير السياسي وتصورات البناء، وأصبحت تستند إلى إرثٍ بطولي وتجربة عملية مهمة وملهمة أكسبتها العديد من المزايا الواعدة بالخير.
وأشَارَ الرئيس المشاط إلى ميزتين نادرتين لهذه الثورة أولها ميزة النمو بعيدًا عن الإملاءات والوصاية الخارجية لتحصد بذلك استحقاق القرار الوطني المستقل، والثانية ميزة الميدان والتحَرّك الفعلي وهي ميزة تضعنا أمام ثورة نضجت مداركها وتجاربها تحت النار والحصار.
وحث الجميعَ على مواصلة الجهود في كافة مجالات ومسارات العمل؛ مِن أجلِ ترسيخ قيم الإخاء والمحبة والتسامح والتعايش في أوساط المجتمع، والارتقاء المُستمرّ بحالة الوعي العام إزاء كُـلّ متطلبات ومقتضيات المرحلة، مؤكّـداً الحرص الكبير على السلام والانفتاح على كُـلّ الجهود والمساعي الخيرة، والاستعداد التام لتبادل معالجة المخاوف، وضمان المصالح المشروعة مع المحيط العربي والإسلامي ومع كُـلّ دول العالم التي يعترف بها الشعب اليمني.
ودعا رئيسُ السياسي الأعلى، قيادةَ الحرب في الجانب الآخر إلى الانتقال المشترك من استراتيجيات الحرب والسياسات العدائية إلى استراتيجيات وسياسات السلام، والعبور نحو إصلاح وتصحيح ما بُنِيَ على استراتيجيات الحرب من قرارات وتصنيفات وممارسات وتصورات عدائية، هي في حقيقتها إما غيرُ صحيحة أَو مبالَغٌ فيها، وُصُـولاً إلى إنهاء العدوان والحصار والاحتلال بشكل كلي.
كما دعا المجتمعَ الدولي ومجلس الأمن والأمم المتحدة إلى دعم خيارات السلام الجاد والحقيقي، والبدء الفوري في تعديل السلوك الذي دأبوا عليه؛ باعتبَاره سلوكا معيقا ومحبطا ومنحازا، ولا يساعد أبدا على بناء الثقة وتحقيق السلام بقدر ما يدخل ضمن العوامل المباشرة التي تقف وراء إطالة أمد الحرب، والأسباب التي عادة ما تحول مسار التفاوض من مفاوضات سلام إلى مفاوضات استسلام، وفي أحسن الأحوال إلى مفاوضات تكتيكية لكسب الوقت أَو لغايات رفع الحرج وامتصاص الضغوط.
ونوّه الرئيس المشاط إلى أن ذلك يتطلب العمل على تصحيح المنطلقات، والتخلي عن التوصيفات الكاذبة سواء تلك المتعلقة بطبيعة الحرب القائمة أَو المتصلة بموضوع الشرعية، وهي توصيفات يجب التخلي عنها لصالح السلام، مؤكّـداً أن الحرب ليست أهليةً، والجميعُ يعرف مصدر وطبيعة وحقيقة ما تسمى بالشرعية، موضحًا أن وقت السلام قد حان، وفي معرض السلام لا ينبغي للخارج أن يكذب الكذبة ويصدقها إلى ما لا نهاية، أَو يتخذ من مدلولات التوصيف عوائق مستدامة في طريق السلام، متناسياً أن التوصيف غير صحيح بأكمله.
وطالب رئيسُ الجمهورية في خطابه، قيادةَ الحرب في الجانب الآخر إلى سرعة الانخراط العملي في إجراءات بناء الثقة بدءا بالخطوات الضرورية في الجانبين الإنساني والاقتصادي، وفي مقدمة ذلك رفع الحصار عن الموانئ والمطارات اليمنية، وضبط موارد الثروات النفطية والغازية، بما يكفل صرف الرواتب، إلى جانب العمل على إحراز التقدم المطلوب والمشجع في تبادل إطلاق الأسرى والجثامين والكشف عن المفقودين.
وأكّـد الرئيسُ المشاط جهوزيةَ صنعاء التامة للدخول الفوري في إنجاز هذه الخطوة الإنسانية على قاعدة الكل مقابل الكل، وغيرها من الخطوات في هذا السياق الإنساني والاقتصادي، تمهيدا للانتقال إلى وقف إطلاق نار دائم، معرباً عن الأمل في أن تحظى هذه الدعوة بنفس المستوى من الاهتمام والحرص والمصداقية من الجانب الآخر.