ثورةٌ من جُــبِّ المعاناة..بقلم/ فاطمة السراجي
ثورة 21 سبتمبر 2014 لم تكن وليدة لحظتها السياسية، طالما كان شعبنا مسلوب الإرادَة، مهمش الرأي، مهملاً، محروماً من أبسط مقومات الإنسان كإنسان، وأولها أن يكون حراً، ينتمي إلى شعبٍ حُرٍّ ذي سيادة.
ليس ذلك فقط بل وعلى مر السنين التي حكم بها الطاغي “صالح” الذي عمل مع القوى الخارجية على منع أي مشروع نهضوي للوطن، ومحاربة التطور، والتقدم اليمني، فعاش شعبنا الحرمان بشتى أنواعه، وتجرع الفقر والنكبات، ودجن على الذل، وأهدرت كرامته، وقيدت حريته، ونهبت خيراته، وثرواته.
وحتى بعد إقصاء “صالح” توالت منهجية إركاع الشعب، واستمرت سلسلة القهر الاجتماعي، واستشرى الاستغلال، والحرمان، والفساد، وسادت سياسات السلطة المرتهنة للوَصاية الأجنبية الأمريكية التي كانت تتحكم بالقرارات من أعلى سلطة في الرئاسة إلى أصغر إدارة في أي مرفق حكومي.
وتزايدت الفوضى الأمنية، وبدأت اليمن تدخل عهداً جديداً من سلسلة صراعٍ، سياسي برعاية أمريكا، الفوضى الأمنية كانت عارمة، وجماعات القاعدة تنتشر في المحافظات وتستبيح المعسكرات والمدن، وقد أصبحت اليمن مركزًا للاستخبارات الأمريكية، وأنشأت أمريكا معسكرات في معظم محافظات اليمن، ووصل بها الأمر إلى استباحة الأجواء اليمنية بطائراتٍ دون طيار، بحجّـة ملاحقة القاعدة التي هي في الأَسَاس من أوجدها لتكون ذريعةً لتواجدها في ظل خضوعٍ وارتهان وانبطاح من هادي وحكومته والذي كان بكل ذلٍ، ووقاحةٍ يمتدح ضربات الطائرات الأمريكية ويقول إنها أعجوبة.
توالت الأحداث، والتدخلات الأمريكية التي كانت تتمحور في تدجين الشعب، وإخضاعه لتسهل السيطرة عليه بسياسة خبيثة استشرت حتى في المناهج الدراسية، واستمرت الأوضاع المنهكة، والخانقة للشعب، والوطن حتى انعكس ذلك إفقاراً وديوناً، وتجلى النظام حينها في أقبح صور الانبطاح، والخضوع، والارتهان للوَصاية الخارجية الأمريكية، حتى وصل بها الأمر إلى محاولة تمزيق وتجزئة اليمن إلى أقاليم.
حينها وصل الصبر منتهاه، وطفح كيل الشعب على من أشقاه، وتجمهر الأحرار، وثار الثوار بأُسسٍ سلمية سامية، ومبادئ حقة فنسفت الخطط الممنهجة لتمزيق اليمن والسيطرة عليه، وأجهضت أحلام الطامعين، وبقيادة مباشرةٍ، وتوجيهٍ حكيم من السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله-.
كُتب لهذه الثورة أن تصبح أنجح مثيلاتها، فأثمرت عزًا وكرامةً، وبترت أيادي العمالة، وقطعت دابر الوصاية وحالت دون تمزيق اليمن وتشطيره.
عاشت، وستعيش هذه الثورة المجيدة مكللة بالعظمة، لعظيم ما قُدم فيها من إنجازات، وإصلاح، وما بنت في هذا الشعب من وعيٍ يحرم الخضوع، والإذلال، ويحارب الفساد، والظلم.