خطاب السيد عبدالملك الحوثي خلال مؤتمر علماء اليمن السنوي 1444هـ
قائدُ الثورة السيد عبد الملك الحوثي خلال مؤتمر علماء اليمن السنوي 1444هـ:
الرسولُ صلواتُ الله وسلامُه عليه أزاحَ بنورِه ظلماتِ الجاهلية وحقّقَ اللهُ على يديه أرقى وأعظم نجاح ما وعده الله به
جديرٌ بالعُلماءِ الربَّانيين وبحَمَلة العلم الصالحين أن يكونوا هم في طليعة الأُمَّــة للاستفادة من مناسبة المولد النبوي
من أحوج ما تحتاج إليه الأُمَّــة هو أن تعيَ عظمةَ هذه النعمة وأهميتها وأن تقدِّرها وأن تعرف بوضوح كيفية الشكر لله عليها، وأن تحذر من الاستبدال لها
هذه المناسبة هي مدرسة متكاملة معطاءة، تقدِّم ما تحتاجه الأُمَّــة وما يساعدها على الارتقاء الإيماني والأخلاقي والإنساني من جهة، وهذا من أهم ما تحتاجه الأُمَّــة
من أهم ما يقوم به العلماءُ الربَّانيون في هذه المرحلة هو ترسيخ الانتماء الإيماني وترسيخ مبدأ الاقتداء والتأسي برسول الله
الأعداء يستهدفون الأُمَّــة وشبابها استهدافاً عدائياً؛ ويستخدمون أُسلُـوب الشيطان عندما حاول أن يشتغل على الغريزة البشرية
علينا مهما كانت هجمةُ الأعداء أن ننطلقَ في نشرِ حقائق الإسلامِ كما هي بشكلٍ صحيح والسعي لتقديم الهدى بشكلٍ صافٍ
أَعُــوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَــنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَاْلَمِيْنَ، وَأَشهَـدُ أنْ لَا إِلْهَ إلَّا اللهُ المَـلِكُ الحَـقُّ المُبِيْن، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّـدَنا مُحَمَّــدًا عَبْـدُهُ وَرَسُــوْلُه خَاتَـمُ النبيين.
اللَّهُمَّ صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إِبْـرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ إِبْـرَاهِيْمَ إنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ.
وَاْرْضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنْتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِك الصَّالحِيْنَ وَالمُجَاهِدِيْنَ.
أيُّها الآباء الأجلاء من العلماء وحَمَلة العلم الحاضرين في هذا المؤتمر المهم، وهذه الفاعلية المهمة.
الْسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
ونباركُ لكم، ولكُلِّ شعبنا اليمني المسلم العزيز، وكافة أمتنا الإسلامية، بحلول شهر ربيعٍ الأول، ذكرى مولد خاتم أنبياء الله، وسيِّد رسله، رسول الله محمد بن عبد الله “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين”.
جديرٌ بالعلماء الربَّانيين، وبحملة العلم الصالحين، أن يكونوا هم في طليعة الأُمَّــة في السعي للاستفادة من هذه المناسبة المباركة، في العمل على الارتقاء بأمتنا الإسلامية على المستوى الإيمَـاني: روحياً، وتربوياً، وثقافيًّا، وأخلاقياً، والسعي للارتقاء بوعيها وبصيرتها في مواجهة أعدائها والتصدي للتحديات والمخاطر التي تستهدفها.
وكذلك للتذكير للأُمَّـة بعظيم نعمة الله “تبارك وتعالى” عليها بالقرآن والرسول، النعمة العظيمة برسول الله “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله”، وبما بعثه الله به من الهدى والنور، كما قال “جلَّ شأنه” في القرآن الكريم: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) وَآخرين مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}[الجمعة: 2-4]، الفضل العظيم، والرحمة الواسعة، والشرف الكبير، هي العناوين لما منَّ الله به من نعمة الهداية بالرسول والقرآن الكريم على هذه الأُمَّــة، كما في آياتٍ أُخرى عندما قال الله “سبحانه وتعالى”: {وَمَا أرسلنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}[الأنبياء: الآية107]، رحمة تشمل هذه الأُمَّــة بالدرجة الأولى، وتمتد إلى سائر العالمين، وكما قال “جلَّ شأنه”: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}[الزخرف: الآية44].
ومن أحوج ما تحتاج إليه الأُمَّــة، هو: أن تعي عظمة هذه النعمة، وأهميتها، وأن تقدِّرها، وأن تعرف بوضوح كيفية الشكر لله عليها، وأن تحذر من الاستبدال لها، كما قال الله “سبحانه وتعالى” في القرآن الكريم: {سَلْ بَنِي إسرائيل كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[البقرة: الآية211].
الخطر على الأُمَّــة، والغفلة الكبيرة التي هي فيها، هي في عدم استيعاب أهميّة وعظمة هذه الرسالة لصلاح وضعها، واستقامة شؤونها، وحلِّ مشاكلها، والنهوض بها، والارتقاء بها، وما يتحقّق من خلالها للأُمَّـة من عزةٍ، وكرامةٍ، وفلاحٍ، في الدنيا والآخرة، وما يتحقّق لها من خلالها وبها من الخير العظيم، من الرعاية الإلهية الشاملة، من رحمة الله الواسعة التي تتجه في أثرها إلى واقع الحياة، إلى النفوس، وإلى الأعمال، وبالتالي إلى واقع الحياة، فهذه المناسبة فرصةٌ للتذكير بهذه النعمة.
وأيضاً هذه المناسبة لعلاقتها برسول الله “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله”، والحديث عنه، وعن سيرته، وعن رسالته، وعن تعليماته وهديه، مجمعٌ لكل المبادئ الإلهية، ولكل مكارم الأخلاق، والتعليمات الإلهية، والقيم الإسلامية، وبالتالي فهذه المناسبة هي مدرسة متكاملة معطاءة، تقدِّم ما تحتاجه الأُمَّــة، وما يساعدها على الارتقاء الإيمَـاني والأخلاقي والإنساني من جهة، وهذا من أهم ما تحتاجه الأُمَّــة، ومن أهم ما في الإسلام من عطاء، ما في الرسالة الإلهية، ما قدَّمه الرسول “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله” للأُمَّـة، وَأَيْـضاً التصدي لمؤامرات أعداء الأُمَّــة من جهة، وهذا أَيْـضاً من أهم ما قدَّمه الرسول والقرآن، وَأَيْـضاً معالجة مشاكل الأُمَّــة الاجتماعية والسياسية… وكافة مشاكلها من جهةٍ أُخرى، وكذلك فيما يتعلق بالنهوض الحضاري للأُمَّـة من جهةٍ رابعة، كُـلّ هذا في كُـلّ ما يتعلق به من عناوين وتفاصيل يمكن الاستفادة من المناسبة هذه في الحديث عنه.
كما أنَّ الأُمَّــة في هذه المرحلة وهي تواجه المخاطر الكبرى في استهداف الأعداء لها، وسعيهم إلى طمس معالم الإسلام، وتشويه الإسلام، ومسخ الهُــوِيَّة الثقافية للمسلمين، وهدفهم في ذلك، هو: تسهيل السيطرة التامة على المسلمين، وهذا من أهم ما ينبغي التذكير للجميع به، وترسيخ الوعي به في أوساط الأُمَّــة، الأعداء يركِّزون في البداية على الأسس والمبادئ التي تحيي الأُمَّــة، وتنهض بالأمة؛ لكي يصلوا فيما بعد ذلك إلى غيرها، فهم يعادون الإسلام جملةً وتفصيلاً.
من أهم ما يقوم به العلماء الربَّانيون، وحملة العلم الصالحون في هذه المرحلة، وكذلك المثقفون المتنوِّرون، والمرشدون الواعون، هو:
ترسيخ الانتماء الإيمَـاني في كُـلّ العناوين الإيمَـانية.
وترسيخ مبدأ الاقتدَاء والتأسي برسول الله “صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ”، كما قال الله سبحانَه وتعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخر وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}[الأحزاب: الآية21].
وترسيخ عظمة الرسول والقرآن، والاعتزاز بالانتماء للإسلام، بما يحصِّن الأُمَّــة ويحمي الشباب من حالة الانفلات والفوضى في التلقي والتأثر بالآخرين.
تعزيز الارتباط بهذا الانتماء الإيمَـاني شيءٌ مهمٌ جِـدًّا؛ لأَنَّ من أكثر ما يعاني منه الكثير من الشباب، خَاصَّة مع وسائل الإعلام، ومواقع التواصل، والفضاء الإلكتروني، والإنترنت، هو فوضى التأثر بما يأتي من الآخرين، والتلقي لما يأتي من الآخرين، حالةٌ من الانفلات، ليس هناك ارتباط وثيق بكل ما يعنيه هذا الارتباط بالرسول “صلوات الله عليه وعلى آله” والقرآن، كقنوات للهداية الإلهية، وعدم التأثر بالآخرين، والوعي، والبصيرة تجاه الآخرين.
ومن المهم أَيْـضاً العمل بشكلٍ مكثّـف، والعناية القصوى بالوعي والبصيرة، وفضح الأعداء، وكشف مؤامراتهم على الأُمَّــة، والتصدي لسعيهم الدؤوب لإفساد مجتمعنا المسلم، وسعيهم المُستمرّ لضرب زكاء نفوس أبناء مجتمعنا المسلم، وسعيهم المُستمرّ لتشجيع الشباب على الانحراف، ومحاولاتهم لحماية الانحراف، فيما بعد التحويل له إلى ظاهرة في المجتمعات الإسلامية، وإدخَالهم له تحت عناوين الحقوق، هذه مسألة خطيرة جِـدًّا، والأعداء من خلال ذلك هم يستهدفون الأُمَّــة وشبابها استهدافاً عدائياً، إنما هم يستخدمون أُسلُـوب الشيطان، عندما حاول أن يشتغل على الغريزة البشرية، وقال لآدم “عليه السلام”: {هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى}[طه: من الآية120]، فهم يقدِّمون العناوين المخادعة، ويسعون إلى إثارة الغرائز البشرية؛ بغية الإيقاع بالمسلمين للسيطرة عليهم، وبدافعٍ عدائيٍّ بكل ما تعنيه الكلمة، وكلما كانت هجمة الأعداء أكبر، ومخاطر الضلال على الأُمَّــة أكثر، كلما تعاظمت مسؤولية التبيين على حملة العلم، وهذه مسألة مهمة جِـدًّا، لذلك ينبغي تكثيف الجهد، وملاحظة الواقع، وملامسة مشاكل المجتمع، والتنبيه على مكائد الأعداء بشكلٍ واضح.
وعلينا مهما كانت هجمة الأعداء أن ننطلق ونحن نتحمل المسؤولية، ونتحَرّك بالتصدي لمساعيهم في الإضلال والإفساد للأُمَّـة الإسلامية، أن ننطلق في التصدي لهم، وفي نشر حقائق الإسلام كما هي بشكلٍ صحيح، من منطلق الثقة بنصر الله “سبحانه وتعالى”، وتأييده، والثقة بوعده الحق الذي لا يتخلف، كما قال تعالى: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أرسل رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}[الصف: 8-9]، الرسالة الإلهية هي رسالةٌ منتصرة، والوعد الإلهي بالنصرِ لرسل الله، ولرسالة الله، ولأتباع الرسالة الإلهية؛ إنما عليهم أن يتحَرّكون بهذه الرسالة، بجاذبيتها، بعظمتها، وهي صلةٌ باللهِ “سبحانَه وتعالى” وبتأييدِه.
ومن المهمِّ السعيُ لتقديم الهدى بشكلٍ صافٍ، وبحقيقته الجذَّابة المؤثرة، وتقديمه كحل للأُمَّـة، لكل مشاكلها في كُـلّ المجالات، مع العناية بحسن التبيين الذي يفيد، الحق في أصله يزهق الباطل، الباطل هو بطبيعته زاهق، ولكن الأُمَّــة تحتاج إلى حسن التبيين، وتحتاج إلى ملامسة همومها، ومشاكلها، والإيضاح لها على ضوء القرآن الكريم، والاقتدَاء برسول الله “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله”، الذي حقّق الله على يديه أرقى وأعظم نجاح، في إنجاز ما وعده الله به، وما وصل إليه من تغييرٍ كبيرٍ، وتغييرٍ جوهري في الواقع، فأزاح بنوره ظلمات الجاهلية الأولى.
نَسْأَلُ اللهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يوفِّقَنا وإيَّاكم لما يرضيه عنا، وَأَنْ يرحَمَ شُهَدَاءَنا، كُلَّ شُهَدَائِنَا، وَأَنْ يشفيَ جرحانا، وَأَنْ يفرِّجَ عن أسرانا، وَأَنْ ينصُرَنا بنصره، إِنَّهُ سَمِيْعُ الدُّعَاءِ.
وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ تَعَالَى وَبَرَكَاتُه.